صلاح الدين الأيوبي الأشعري الشافعي

 

اسم تهتز له القلوب ويخضع له العظماء...

السلطان الناصر لدين الله يوسف بن أيوب بن شاذي الكردي بطل الإسلام العظيم وقاهر الصليبيين وفاتح بيت المقدس ومحرر المسجد الأقصى سنة( 583هجرية)بعدما احتله الصليبيون 91 واحدا وتسعين عاما!!

سيرته عطرة وأمجاده باذخة ومحاسنه جمة كتب عنه كبار المؤرخين قديما وحديثا.

ومن أهم ما أفرد للحديث عنه وعن دولته قديما: ما كتبه قاضيه المؤرخ بهاء الدين بن شداد وسماه: (النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية)، والحافظ أبو شامة المقدسي في كتابه:(الروضتين في أخبار الدولتين) النورية والصلاحية، وابن واصل في كتابه( مفرج الكروب في أخبار بني أيوب)، والعماد الأصفهاني صاحب الخريدة في كتابه( الفيح القسي في الفتح القدسي).

أما كتب التاريخ العامة فكثيرة ومن أهمها: مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي.

وقد ذكره الإمام تاج الدين السبكي في طبقات الشافعية الكبرى وأطال في ترجمته.

كان صلاح الدين رحمه الله ملكا عادلا وعظيما مهيبا يملأ العيون روعة والقلوب محبة وإجلالا ، تقيا هاديا مهديا، عالما ذكيا وفقيها شافعيا، معظما لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني الركب في مجالس الرواية والسماع، فروى عن الحافظ المعمَّر أبي طاهر السِّلَفي في الإسكندرية، وعن الشيخ قطب الدين النيسابوري، وأبي طاهربن عوف، وعبدالله بن بري النحوي وجماعة، وروى عنه يونس بن محمد الفارقي، والعماد الكاتب وغيرهما، وكان يحفظ القرآن وكتاب( التنبيه) في فقه الشافعية تأليف الامام الشيخ أبي إسحاق الشيرازي وكان يحفظ كتاب حماسة أبي تمام في الشعر والأدب ويظن أن كل فقيه يحفظها!!

وكان رقيق القلب سريع الدمعة ذا خشية وإنابة وكرم وجود وزهد في الملذات.

وهو الذي طهَّر مصر من بدع العبيديين( الفاطميين) واستأصل ملكهم، ونصر السنة وأعلى منار الأشاعرة وكان أشعريا، يقول الشيخ محمد بن علان الصديقي الشافعي (ت. 1057 هـ) في كتابه "الفتوحات الربانية على الأذكار النووية": «فلمّا ولِيَ صلاح الدّين بن أيّوب وحمل النّاس على اعتقاد مذهب الأشعري أمر المؤذّنين أن يعلنوا وقت التّسبيح بذكرالعقيدة الأشعريّة التي تُعرف بالمُرْشِدية فواظبوا على ذكرها كل ليلة.».

ويقول القاضي بهاء الدين بن شداد (ت 632 هـ) في كتابه "النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية": «...وكان -أي السلطان صلاح الدين- حسن العقيدة، كثير الذكر لله تعالى، قد أخذ عقيدته على الدليل بواسطة البحث مع مشايخ أهل العلم وأكابر الفقهاء، وفهِمَ من ذلك ما يحتاج إلى تفهمه بحيث كان إذا جرى الكلام بين يديه يقول فيه قولاً حسناً وإن لم يكن بعبارة الفقهاء، فتحصل من ذلك سلامة عقيدته عن كدر التشبيه غير مارق سهم النظر إلى التعطيل والتمويه جارية على نمط الاستقامة موافقة لقانون النظر الصحيح مرضية عند أكابر العلماء، وكان قد جمع له الشيخ قطب الدين النيسابوري عقيدة تجمع جميع ما يحتاج إليه في هذا الباب ، وكان من شدة حرصه عليها يعلمها الصغار من أولاده حتى ترسخ في أذهانهم في الصغر، ورأيته وهو يأخذها عليهم وهم يلقونها مِن حِفظِهم بين يديه...».

 وألف له الإمام تاج الدين محمدبن هبة الله بن مكي الحموي الشهير بابن مكي أرجوزة سماها (حدائق الفصول وجواهر الأصول) وهي - كما يقول التاج السبكي في طبقات الشافعية-:" حسنة جدا نافعة عذبة النظم." ولذا أقبل السلطان عليها وأمر بتعليمها للصبيان في الكتاتيب وعرفت به فسميت العقيدة الصلاحية.

وبالجملة فمناقبه كثيرة.. 

رحمة الله عليه رحمة تغدو وتروح كلما هب نسيم على حنبات( الأقصى) وحن لقدسه مشتاق.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين