حدث في ذي الحجَّة عبر القرون -2-

 

- وفي 8 من ذي الحجة سنة 60هـ رحل الحسين بن علي رضي الله عنه من مكة وسار قاصداً الكوفة بعد أن بايعه بالخلافة من أهلها ثمانية عشر ألف رجل، حسبما أخبره بذلك ابن عمه (مسلم بن عقيل بن أبي طالب) الذي ألحَّ عليه في القدوم إلى الكوفة، وذلك في عهد الخليفة الأموي يزيد بن معاوية، وكان الحسين يرى أنَّه أحق بالخلافة من يزيد، فرفض مبايعته بالخلافة، وحاول المخلصون من أنصار الحسين أن ينصحوه بالعدول عن الخروج إلى العراق، ولكن الحسين رضي الله عنه لم يستمع إلى نصحهم بل مضى في طريقة دون أن يعلم أن (عبيد الله بن زياد) والي البصرة الذي كلَّفه الخليفة الأموي يزيد بن معاوية بولاية الكوفة والقضاء على أنصار الحسين بها قد نجح في قتل مسلم بن عقيل، فخشي شيعة الحسين رضي الله عنه على أنفسهم وقعدوا عن الخروج لنصرة الحسين الذي وجد نفسه وحده في نفر قليل من أقربائه وخاصته يتكون من اثنين وثلاثين فارساً وأربعين راجلاً في مُواجهة جيش الخليفة بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص، في المعركة المشهورة باسم مأساة كربلاء، والتي جرت في العاشر من المحرم سنة 61هـ.

- وفي 26 من ذي الحجة عام 132هـ قتل العباسيون (مروان بن محمد) آخر خلفاء الدولة الأموية وأرسلوا برأسه إلى أبي العباس السفاح أول خلفاء الدولة العباسيَّة.

- وفي 12 من ذي الحجة عام 136هـ توفي أبو العباس السفاح أول خلفاء الدولة العباسية إثر إصابته بالجدري وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، وخلفه في الحكم أخوه أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي العباسي، المعروف بـ أبي جعفر المنصور.

- وفيه من عام 559هـ انقلب الوزير الفاطمي شاور على أسد الدين شيركوه قائد الجيش الذي أرسله نور الدين زنكي صاحب سورية لنجدة شاور الذي كان قد طلب معاونته ضد الصليبين وملكهم عموري، ولكن شاور ما لبث أن تحالف مع عموري وقاما سوياً بمحاصرة شيركوه في بلبيس وكاد الصليبيون بقيادة ملكهم عموري ملك بيت المقدس أن ينجحوا في احتلال مصر، لولا قيام نور الدين زنكي بمهاجمة الجيوش الصليبيَّة في فلسطين وتهديد بيت المقدس فاضطرَّ عموري إلى الانسحاب سريعاً.

- وفي 4 من ذي الحجة عام 616هـ اقتحم جنكيز خان قائد جيوش المغول مدينة بخارى وقتل جنودها الذين كانوا قد اعتصموا بقلعتها، وأخرج الأهالي لا يملكون سوى ثيابهم التي عليهم، ثم نهب جنوده المدينة، وأسروا من بقي بها من الأهالي واقتسموهم، وألقى التتار منابر المساجد والمصاحف في الخندق المحيط بالقلعة لردمه، وأشعلوا النار في المدارس والمساجد وغيرها، وكان جنكيز خان قد أمَّن أهل بخارى على أرواحهم وأموالهم إن سلموا له المدينة وقلعتها طواعية.

- وفيه من عام 655هـ بدأت جيوش التتار بقيادة هولاكو في مهاجمة مدينة بغداد حاضرة الخلافة الإسلامية التي سقطت بالفعل في 10 من المحرم سنة 656هـ.

- وفي 19 من ذي الحجة عام 804 هـ هزم تيمور لنك ملك المغول جيوش السلطان العثماني بايزيد خان الأول الذي سقط في الأسر.

- وفي أواخر ذي الحجة عام 922هـ وصلت جيوش السلطان العثماني سليم الأول إلى منطقة الخانكة بالقاهرة بعد سلسلة من المعارك خاضها ضد المماليك، حيث كان العثمانيون قد انتصروا على المماليك وكان يقودهم سلطان مصر قانصوه الغوري في معركة مرج دابق قرب مدينة حلب بالشام، ثم ألحقوا الهزيمة بخليفته السلطان طومانباي في غزة، ثم نشب القتال مجدداً في الوايلي في 29 من ذي الحجة سنة 922هـ وفيها تمكن طومانباي ورجاله من اقتحام مقر السلطان سليم وقتلوا كل من كان به، وقتلوا أيضاً سنان بك وزير السلطان العثماني وهم يظنونه السلطان سليم، ولكن في النهاية تغلب العثمانيون على المماليك بفضل مدافعهم.

- وفيه من عام 926هـ تمكَّن السلطان العثماني سيلمان القانوني من القضاء على محاولة الغزالي حاكم الشام الذي حاول الخروج على سيادة الدولة العثمانية والاستقلال بحكم الشام.

- وفيه من عام 932هـ دخل السلطان العثماني سليمان القانوني مدينة بودا عاصمة المجر بعد أن أعلن أهلها استسلامهم الكامل غير المشروط إثر هزيمة ملكهم ومقتله في معركة موهاكس جنوب المجر في 20 من ذي القعدة وهي المعركة التي ترتب عليها سقوط إمبراطورية المجر بأسرها في قبضة الدولة العثمانيَّة.

- وفي 28 من ذي الحجة عام 1186هـ رفضت الدولة العثمانية الإنذار الروسي والذي ضمنته الإمبراطورة الروسية كاترين الثانية شروطاً مجحفة بحق الدولة العثمانية مقابل وقف القتال الذي توسطت فيها النمسا في وقت كانت الدولة العثمانية منتصرة، ومن هذه الشروط:

1 – أن يمنح لقب باديشاه إلى قيصر روسيا في المعاهدات والمخاطبات السياسية، وباديشاه لقب تركي يخاطب به السلطان العثماني وحده في غيبته.

2 – أن يكون لروسيا حق حماية جميع المسيحيين الأرثوذكس داخل أراضي الدولة العثمانية.

وتجدد القتال بالفعل في 28 من ذي الحجة سنة 1186هـ حيث اجتاحت الجيوش العثمانية المواقع الروسية في روستجق وسلستريا وبازاجق الواقعة على نهر الدانوب واضطرَّت القوات الروسية للانسحاب تحت عنف الهجوم العثماني.

- وفي 22 من ذي الحجة سنة 1205هـ أبرمت معاهدة صلح بين الدولة العثمانية والنمسا وهي معاهدة زشتوي وهي مدينة تقع على نهر الدانوب قرب بوخارست وتنازلت النمسا بمقتضى هذه المعاهدة للدولة العثمانية عن كل ما استولت عليه منها، حيث ردَّت بلاد الصرب بأكملها، ومدينة بلجراد وغيرها من المدن الهامَّة بالبلقان (1).

- في 24 من ذي الحجة عام 1213هـ استولى الفرنسيون على مدينة القصير المصرية على البحر الأحمر وذلك ضمن تداعيات الحملة الفرنسيَّة على مصر والتي قادها نابليون بونابرت قائد الجيوش الفرنسيَّة الذي كان قد بدأ حملته على مصر باحتلال الإسكندريَّة في 17 من المحرم عام 1213هـ.

- وفي 11 من ذي الحجة عام 1242هـ تآمرت فرنسا وانجلترا وروسيا، ضد الدولة العثمانية واتفقت فيما بينها على إلزام الدولة العثمانية بالقوة على منح بلاد اليونان استقلالها الإداري، وذلك بعد أن كان العثمانيون بمعاونة الأسطول المصري بقيادة إبراهيم باشا ابن محمد علي والي مصر ينجحون في القضاء على التمرد اليوناني وإحكام السيطرة على كامل الجزر اليونانية، وأسفرت المؤامرة عن إغراق الأسطولين العثماني والمصري ومنح اليونان استقلالها بالقوة، وأعلن السلطان العثماني محمود الثاني أنَّ الدين لا السياسة هو الباعث على هذا العدوان، وحضَّ المسلمين على القتال دفاعاً عن الدين والملة والوطن.

- وفي 20 من ذي الحجة عام 1245هـ أنزلت فرنسا قواتها قرب مدينة الجزائر تمهيداً لاحتلال الجزائر والمغرب العربي كله فيما بعد، بدأت قصة هذا الاحتلال بمطالبة حسين باي حاكم الجزائر من قبل الدولة العثمانية للمسيو دوفال سفير فرنسا لدى الجزائر بسداد ديون على الحكومة الفرنسية لصالح عدد من التجار الجزائريين فجاء رد السفير الفرنسي بعيداً عن حدود اللياقة والأدب إلى الحد الذي دفع حسين باي إلى صفعه، فاجتمع مجلس الوزراء الفرنسي برياسة ملك فرنسا وقرَّر احتلال الجزائر رداً على هذه الإهانة.

- وفي 15من ذي الحجة عام 1333هـ كتب السير أرثر مكماهون نائب ملك بريطانيا في مصر رسالة إلى الشريف حسين شريف مكة يؤكد فيها أنَّ بريطانية مستعدة أن تعترف باستقلال العرب، وتضمن حماية الأماكن المقدَّسة من كل اعتداء خارجي، كانت هذه الرسالة إحدى الرسائل ضمن ما يعرف في التاريخ بـ مراسلات الحسين – مكماهون وكان هدفها الأول ضمان وقوف العرب إلى جانب إنجلترا وحلفائها في الحرب العالمية الأولى ضد تركيا وحلفائها.

- وفي 27 من ذي الحجة عام 1333هـ كتب الشريف حسين بن علي شريف مكة إلى السير آرثر هنري مكماهون نائب ملك بريطانيا في مصر رسالة في نفس إطار الرسالة السابقة، وفيها طالب بضرورة الحفاظ على وحدة الدولة العربية ورفض كل محاولة لتقسيمها لدول صغيرة بعد الحرب [وهو ما حدث فعلاً حيث تم فصل لبنان عن سورية مثلاً].

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. 

المصدر: (مجلة الأزهر، السنة السبعون، ذو الحجة 1418 - الجزء 12).

الحلقة السابقة هــــنا

(1) انظر شروط المعاهدة في: محمد فريد بك المحامي، تاريخ الدولة العلية العثمانية، تحقيق د. إحسان حقي، ط 1983، دار النفائس ببيروت، ص364 -370.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين