تلاميذ مدرسة النبوة يشتمون!!! - التحذير من البغي المذهبي في العراق
تلاميذ مدرسة النبوة يسبون .... والتحذير من الفتنة الطائفية
 
ألقى فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله تعالى خطبة الجمعة أمس في السابع من المحرم 1428هـ عن ذكرى هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وتربيته لأصحابه، وكيف ربى هذا الجيل القرآني الرباني؟.
 ثم قال: وجدنا من الناس من يسيء إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتهمهم بكل نقيصة، وهم الذين أثنى الله عليهم في كتابه وأثنى عليهم رسوله، وأثنى عليهم التاريخ.
ثم يقول: لم نر لنبي من الأنبياء أصحاباً مثل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. ثم قارن بينهم وبين أصحاب موسى الذين سرعان ما انحرفوا ورجعوا إلى الوثنية بمجرد أن غاب عنهم أربعين ليلة، حينما أخرج لهم السامري عجلاً من الذهب. وكذلك حينما خرج بهم من البحر بعد أن أغرق عدوهم فرعون وجنده، ومروا على قوم يعكفون على أصنام لهم:{ قالوا يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة}.
ثم تحدث عن مآثرالصحابة في حمل راية الإسلام، في مكة وفي المدينة، في حياته صلى الله عليه وسلم وبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى.
وذكر بعض الآيات في فضل السابقين الأولين، من المهاجرين ووصف الله عز وجل لهم: { للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم.... أولئك هم الصادقون}.
ثم تساءل متعجبا:ً " نجد من الناس من يقول عن الصحابة: أولئك هم الكاذبون، أولئك هم المنافقون، يقولون ذلك عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وطلحة، والله تعالى يقول:{ أولئك هم الصادقون}.
ثم تساءل حفظه الله تعالى أيضاً: هل يختار الله لصحبة نبيه الأشرار؟. هل يختار له المنافقون؟. إن من يتهم هؤلاء الذين تربوا في حجر النبوة إنما يتهم معلمهم العظيم بأنه لم يحسن تربيتهم. لقد أحسن ـ والله ـ تربيتهم وأخرج للدنيا أعظم جيل عرفه البشر. ما رأت الدنيا جيلاً مثل هذا الجيل في صفاء نفسه، وطهارة قلبه، ونقاء سريرته، وإيمانه بالغيب، ويقينه بالآخرة، وزهده بالدنيا، وفي مكارم أخلاقه، وفي حرصه على الدعوة.
لقد دافع هذا الجيل الرباني عن دينهم في جبهات متعددة: الجبهة الوثنية، والجبهة اليهودية، والجبهات المتربصة في الدولة البيزنطية والدولة الفارسية، فهزموا أعتى إمبراطوريتين في الأرض، هزموا الفرس المجوس عباد النار، وهزموا امبرطورية الروم...
ثم قال حفظه الله تعالى ونفع به: هؤلاء أصحاب محمدٍ الذين يشتمهم الشاتمون، هم الذين فتحوا الفتوح ونشروا الإسلام في الآفاق، هم الذين حفظوا القرآن ونقلوه لنا، ورووا لنا سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأحاديثه القولية والفعلية والتقريرية، وسيرته وحياته مفصلة.
 ثم تساءل مرة أخرى: من رضي الله عنه، ورضي عن الله: كيف نسبه ونشتمه؟. وفي مقدمة هؤلاء أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، وفي مقدمتهن: عائشة وحفصة.
 وفي نساء النبي صلى الله عليه وسلم نزل فيهم قول الله تعالى:{ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}. فهذا خطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء بعدها خطابه لهن:{ واذكرن ما يتلى عليكم من آيات الله والحكمة.... }.
 ثم ختم خطبته بذكر الآيات الناطقة في فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لا تحتمل تأويلاً، والأحاديث التي تنهى عن سبهم، ثم دعا الله عز وجل أن يحشرنا في زمرتهم، وأن يجعلنا من السائرين على منهاجهم، والتابعين لهم بإحسان:{ والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه}.
وفي الخطبة الثانية: تكلم الشيخ عن المؤتمر الإسلامي الكبير الذي عقد بالدوحة للتقريب بين الفرق الإسلامية وخصوصاً بين السنة والشيعة، وقد حضر هذا المؤتمر أكثر من مئتي شخصية إسلامية من أنحاء العالم.
 وقال الشيخ: لقد قلت في الافتتاح: إننا لن نستطيع أن نواجه مشكلاتنا إلا إذا تكاشفنا وتصارحنا، أما إذا جئنا للمجاملة ثم انصرفنا؛ فستبقى الأمور على ما هي عليه.
المسلمون في وضع خطير هذا الواقع الطائفي بين السنة والشيعة، ولاسيما ما يجري بالعراق من أمور تقشعر لها الأبدان، وتشيب لها الولدان. مذابح على الهوية من كان اسمه عمر يقتل في الحال. من كان اسمه عثمان يقتل في الحال، بيد فرق الموت ومليشيات الشيعة، هذا ما نرفضه. نحن رفضنا كل عمل تقوم به فئة من الفئات، برئنا من سفك الدماء بغير حق على يد أهل السنة، ونبرأ من كل دم يسفك على يد الشيعة.
هذا يجب أن يتفق عليه الجميع من سنة وشيعة، لا يجوز السكوت عن دم يسفك، لا يقبل هذا الإسلام، ولا العقل، ولا الخلق، ولا العرف، ولا القانون.
نحن ننادي إخواننا في العراق، وننادي إخواننا في إيران أيضاً، لان بيدهم المفاتيح المحركة، في هذه القضية. أنا أقول هذا وأصارح ولا أجامل، وأكاشف ولا أنافق. قد يغضب مني الكثيرون، وهناك من غضب مني إنني أثير الفتنة، ولكني أنصح الأمة، وأكشف الحقائق، ولكني أنا النذير العريان، أنذر قومي بما أخاف أن يحدث فيهلك الحرث والنسل، ويهلك الزرع والضرع. يجب أن تتنبه الأمة للخطر، وقد أرسلنا وفداً من إخواننا إلى إيران يمثل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ليلتقوا الرؤوس المسئولة هناك على ما ينبغي عمله لإنقاذ الموقف، وبذلك نقيم الحجة.
أدعوا الإخوة في العراق ورجال الدين والسياسة والفكر والقلم والسلاح، أدعوا الجميع أن يتقوا الله في هذه الأمة. كفى ما مضى من نزيف. أوقفوا هذه المجازر التي لا تنتهي.
ثم قال حفظه الله تعالى موجهاً خطابه إلى أكراد السنة في العراق: إنني أدعوا الأخوة الأكراد في العراق أن يقوموا بواجبهم ويؤدوا ما عليهم فالوقوف على الحياد أبد الدهر أمر لا يقبل. لقد وقفتم على الحياد مدة طويلة ما يجري بالعراق من عمليات سيثير العالم الإسلامي كله، وقد ينقسم العالم الإسلامي بعضه على بعض.
أدعوا جلال طالباني ومسعود البرزاني وزعماء الأكراد الإسلاميين والوطنيين أن يقوموا بواجبهم في الوساطة بين الفريقين ، وهم قوة لها نفوذها. فبيدهم رئاسة الجمهورية والخارجية، بيدهم قوة لها قدرها ووزنها، عليهم أن يقوموا بالوساطة كما قال الله عز وجل:{ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله...}.
المطلوب من الأكراد أن يقوموا بهذا الموقف. فإذا رفضت وساطتهم فعليهم أن يقاتلوا الفئة التي تبغي. أهل السنة لم يرفضوا الوساطة لأنهم هم المظلومون، وهم الذين يعتدى عليهم، وهم الذين يهجرون من ديارهم، والذين يخطفون من بيوتهم، وهم الذين تحرق مساجدهم، وهم الذين تقطع رؤوسهم وترمى في الطرقات، ويعذبون أشد العذاب قبل أن يقتلوا.
 على الإخوة الأكراد أن ينصروا المظلوم" انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً". { ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان....}.
المظلوم يجب أن يعان ولو كان من غير المسلمين، إذا استنجد بهم عليهم أن ينجدوه، وإذا استنصر بهم عليهم أن ينصروه.
لا يجوز أن نسكت على ما يجري في العراق لأن ما يجري سينعكس على الأمة كلها ، وسيكون أثره على الأمة أثراً سيئاً إذا لم نتدارك الأمر.
لقد سكت الساكتون وصمتوا، وهو صمت الشياطين الخرس، فما ينبغي أن نزداد سكوتاً. يجب أن يقول الحكام كلمتهم.
 لقد دعوت الرئيس الأندونيسي للتدخل، فأندونيسيا أكبر دولة إسلامية، وهي تستطيع أن تقوم بدور، وأن تتحدث مع إيران.
كل حاكم مسلم عليه أن يقوم بدوره في حماية السنة الذين يقضى عليهم والذين يكادون  أن يبادوا، إنها فريضة ٌيوجبها الدين، وضرورة يحتمها الواقع، لا نترك الأمر، ويقول كل واحد: مالي. النار حين تندلع لن تتركك، ستأتي إليك، وتأكل دارك وأهلك. يجب إطفاء النار في هذه الفترة العصيبة التي نسأل الله أن يخرجنا منها، وأن لا يهلكنا بما فعل السفهاء منا، وأن يرفع مقته وغضبه عنا.
 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين