يا بلاش.. الكفر بعشرين!!

ستبقى نبرتي هادئةً وكلماتي في حدود اللياقة مع أنَّ قلبي يعتصر غيظًا من بعض قوانين العقوبات الباهتة المتكلسة التي تُظهر هوانَ القيم الإيمانية الكبرى في حياتنا، وكأنها تُجرئ الجُناةَ وتقول لهم: افعلوا ولا حرج.

إنَّ التكييف القانوني لجريمة سبِّ الذات القدسية أو التطاول على الرسول أو الاستهزاء بالإسلام هو "إيذاء الشعور الديني" فحسب!! وهذا يعني ألا تُحرَّك فيها دعوى قضائية للحق العام ضد الفاعل، ولكن يمكن لشخص ما تحريك دعوى يشتكي فيها من لحوق الأذى لشعوره الديني من ذلك، فتكون أقصى عقوبة تنتظره هي غرامة عشرون دينارًا !!

في بلدي"فنانة" نشرت قبل أيام على صفحتها في "الفيس" منشورًا تضمَّن العبارة الآتية: (ألهاكم التكاثر حتى زرتم المسارح)!! فيقوم صحفي ساقط بالتعليق على المنشور قائلا: (فأما المسرح فلا تقهر)!!

إنَّ تناول آيات القرآن الكريم بهذه الطريقة الساخرة المبتذلة لا شك أنه في حكم الشرع من الاستهزاء الصريح بالمقدس.

وكانت النتيجة ما يلي:

حكمت محكمة صلح جزاء عمان (هيئة القاضي حسام شلول) بإدانة المشتكى عليهما الفنانة أسماء مصطفى سلمان أبو الحصين والصحفي أحمد جمال الغلايني بجرم إهانة الشعور الديني، الحكم عليهما بالغرامة عشرين دينارا والرسوم لكل واحد منهما.

يذكر أنَّ المادة (278) من قانون العقوبات تنص على ما يلي:

(يعاقب بالحبس مدةً لا تزيد على ثلاثة أشهر أو بغرامة لا تزيد على عشرين دينارًا كل من نشر شيئا مطبوعا أو مخطوطا أو صورة أو رسماً أو رمزاً من شأنه أن يؤدي إلى إهانة الشعور الديني لأشخاص آخرين أو إلى إهانة معتقدهم الديني، أو تفوه في مكان عام وعلى مسمع من شخص آخر بكلمة أو بصوت من شأنه أن يؤدي إلى إهانة الشعور أو المعتقد الديني لذلك الشخص).

يؤسفني أن اقول:

ليس في بلدي قانون يردع السفيه الفاجر المتطاول على أقدس ذات، لكنه يُنزل أقصى العقوبات على جريمة إطالة اللسان والنيل من جهات عليا في الدولة! 

أما آنَ الأوانُ للفقهاء الدستوريين وصناع القرار أن يعيدوا النظر في تكييفهم لتلك الجريمة بشكل حقيقي، ثم إعادة صياغة العقوبات على وجه رادع؟! 

إنَّ القضية أكبر بكثير، وتكييفها أخطر بكثير مما يظنه واضع القانون.

أليس في ذلك الجرم الشنيع تحريض على الكراهية، وافتعال الخصومات والمشاجرات بين أبناء الوطن، وبلا أدنى مسوِّغ؟!

ألا يؤدي مثل هذا الجرم إلى استفزاز بعض المتحمسين للقيام بأفعال عنيفة ومتطرفة ضد المسيئين؟! 

أليس في ذلك تهديد للأمن والسلم الاجتماعي؟!

وهناك تكييفات أخرى آمل أن تصادف في المسؤولين آذانا صاغية وقلوبا واعية قبل أن يحل بنا سخط الجبار كما حل على أقوام لا يرجون لله وقارا.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين