وماذا بعد استهداف القبلة

 

الصاروخ البالسيتي الشيعي الصفوي الذي أطلقه من يسمون بالحوثيين مستهدفين مكة المكرمة ، حرسها الله وزادها إعزازا وتعظيما ، ليس مجرد صاروخ يستهدف بقعة جغرافية ، هي أحب أرض الله إلى الله ، وأحب أرض الله إلى المؤمنين المسلمين ، فقط ؛ وإنما هو صاروخ قطيعة وظلم ، يستهدف مطلقوه ومحركوه إلى أن يقطعوا آخر ما كان يظن بينهم وبين أمة الإسلام من روابط ووشائج .

لقد تعود علماء الإسلام أن يعبروا بمصطلح ( أهل القبلة ) للدلالة على الدائرة الأوسع التي تشمل كل المختلفين من اتباع الفرق والمذهب ، ممن يولون وجوههم (( شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ )) ، فماذا بعد أن تتوجه صواريخ الحقد والقطيعة والظلم إلى مكة الحرام ، مهوى الأفئدة والقلوب ، التي لا يعضد عضاها ولا يخلى خلاها ولا يزعج الآمن في جوارها من طير وأليف من الحيوان ؟!

ماذا بعد أن تستهدف قبلة المسلمين ، التي تضمهم وتجمعهم وتوحدهم ، بجريمة منكرة خرقاء ، أقدم عليها هؤلاء المارقون من الدين ومن كل القيم والأخلاق؟!! ماذا حين يتجرؤون على الاستهانة بما عظم الله من مشاعر وشعائر (( وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ )) ؟!

إلا أن الجريمة المنكرة التي أقدم عليها ( قرامطة ) القرن الخامس العشر ، كان لها سابقتها في التاريخ ، حين أقدم قرامطة القرن الرابع الهجري ، وبالتحديد في سنة 317 / بالإغارة على بيت الله الحرام ، في أيام الحج الأكبر ، واستباحوا الحجيج في ساحات الحرم الشريف ،فقتلوا نحوا من ثلاثين ألف ، حاج محرم ، وردموا بئر زمزم بأجسادهم ، وصعد أبو طاهر القرمطي ، سابق وسلف الولي الفقيه وقاسم سليمان وحسن نصر الله ، ظهر الكعبة ، يتحدى الله وينادي :

أنا بالله وبالله أنا ... يخلق الخلق وأفنيهم أنا

ثم أكملوا فعلتهم الشنيعة ، باقتلاع الحجر الأسود ، وسرقته وتغييبه عن مكانه نحوا من عشرين عاما . ..

لن تتسع طاقة البيان للتعبير عن حجم النكارة والإدانة والغضب التي تضطرم في قلوب كل المؤمنين والمسلمين للجريمة النكراء الخرقاء .

وإننا إذ نحمد الله أن وقى الله بيته وحرمه من مكر الماكرين وشر الأشرار ، ونشكر جند الحق إذ كانوا لجند الباطل بالمرصاد ؛ إلا أننا لا بد أن ننبه إلى ان الصاروخ الذي تصدت له العيون الساهرة ، ليس إلا البداية ، وأن هذه الجرأة على دين الله والبلد الحرام الذي جعله الله سواء للناس ، سيكون لها أخوات . ورأس الأفعى وجحرها ومكمنها لا يغيب عن عين رقيب ...

اللهم من أراد ببيتك سوء ومكرا ، فخذه بالطير الأبابيل ، واجعله وجنده وآلة حربه كعصف مأكول ..

اللهم إن قلوب المؤمنين والمسلمين حول العالم ، تبرأ إليك من شر الأشرار وكيد الكائدين ، ننكر جرائمهم وجرائرهم ونستعيذ بك من شرورهم وندرأ بك في نحورهم ...

اللهم ألهم القائمين على حماية بيتك الحرام في الذود والحفاظ رشدهم ، وزدهم قوة إلى قوتهم ، ويسرهم لنصرة الإسلام والمسلمين في كل مكان ..

اللهم انصر من عزم وتوكل ونصر وجنبنا من تخاذل وخذل ..

اللهم زد بيتك الحرام وكل أرض المسلمين تعظيما وتشريفا وإعزازا والطف بها بالحفظ والأمن والسلام ...

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين