لا شكّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أفضل خلق الله تعالى وأعظمهم منة على المخلوقات جميعها، وأن حقوقه هي أعظم الحقوق على العباد عامة، وعلى المسلمين خاصة، فهو البشير النذير، والسراج المنير، الذي أرسله الله سبحانه رحمة للعالمين، أخرج الناس به من ظلمات الجهل والتخلف والهمجية إلى نور العلم والحضارة والمدنية، وهذه بعض حقوقه علينا صلى الله عليه وسلم
أولاً: الإيمان به والتصديق بنبوته:
وذلك بأن نعتقد جازمين بأنه خير خلق الله أجمعين، وأن الله قد رفع ذكره وأعلى شأنه، وقرن اسمه باسمه في صحة اسلام المسلم وايمانه، ونطقه بشهادتين
فمن حقه علينا صلى الله عليه وسلم أن نؤمن به ونصدقه بكل ما جاء به، وأنه صلى الله عليه وسلم قد بلغ عن ربه الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وأن كل ما أخبر به من أمور الماضي والحاضر والمستقبل، هو إخبار صدق لا ريب فيه، لأنه ينقل بصدق عن ربه جل وعلا، وقد أمرنا الله سبحانه بهذا الإيمان، فقال: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾
ثانياً: إجلاله وتوقيره واحترامه:
أمر الله سبحانه عباده المؤمنين باحترام نبيهم وتوقيره في حياته ، وذلك بحُسْنِ الأدَب معه في مجلسه وعند مخاطبته، ونهى عن أذيته ومخالفته، ورفع الصوت في حضرته ومناداته من وراء الأبواب والجدران كما أمرهم بالصبر عليه حتى يخرج إليهم ويكلمهم، فيستمعون إليه بكل أدب واحترام فقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
أما احترامه وإجلاله بعد وفاته فيتجلى في توقيره واحترامه عند ذِكره وذكر حديثه وسنته، وسماع اسمه وسيرته.. فلا نذكرُ اسمه مجرداً كما يَذكرُ بعضنا بعضا، بل نذكره بالتعظيم والسيادة ، فقد قال سبحانه: ﴿ لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾
ولا نتطاول على سنته وهديه وشريعته، كما يفعل بعض الضالين المحرومين الذين يتبجحون بانهم يكتفون من الشريعة والدين بالقرآن الكريم ولا يأخذون بسنته صلى الله عليه وسلم، وقد امرنا الله عز وجل بالأخذ بها بقوله تعالى (ما أتكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)
ثالثاً: طاعته واتباعه والاقتداء به:
حق على الأمة أن تطيع نبيها صلى الله عليه وسلم ولا تعصيه، وأن تمتثل ما أمر به، وتجتنب ما نهى عنه، فهو المبلغ عن الله رب العالمين، فطاعته دين، واتباعه شرع، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَسُولٍ إلا لِيُطَاعَ بإذنِ اللَّهِ﴾
فإذا كانت طاعة النبي صلى الله عليه وسلم طاعة لله، فأن مخالفته هي مخالفة لأمر الله، قال تعالى: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾.
ولا شك أن للقدوة دوراً كبيراً في حياة الأفراد والجماعات، وعنصراً مهماً في إعداد الأبناء، والأجيال وتكوينهم تكويناً إيمانياً وعلمياً وتربوياً، ليكونوا مستعدين لتحمل المسؤولية في نشر دين الله والدفاع عنه.
وقد أمرنا الله سبحانه باتباع النبي صلى الله عليه وسلم واتخاذه قدوة في جميع أمورنا وأحوالنا، ودعانا للتأسي به والاقتداء بهديه، والسير على نهجه، ليكون ذلك دليلاً على صدق حبنا له وطريقاً لحب الله لنا، وسبباً لمغفرة ذنوبنا، قال تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)
ومن أفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون أسوتنا وقدوتنا في كل منحى من مناحي الحياة، وذلك لما اتصف به من صفات الجمال والكمال في السلوك والعمل والعبادة والأخلاق والدعوة الى الله، ولهذا استحق أن يكون القُدوة الحسنة لكل من يطلب رضا الله، ولكل من يبحث عن الحق، ولكل من يبحث عن الكمال، في عبادته وطاعته، وفي سلوكه وأخلاقه، وفي دعوته إلى الله وجهاده، وقد زكاه الله سبحانه وتعالى ورشحه ليتبوأ هذه المكانة العظيمة، وليكون الأسوة الحسنة للناس أجمعين بقوله تعالى (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) ــ يتبع
الحلقة السابقة هــــنا
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول