وسقط القبقاب في حلة اللبن .!

(استراحة فكاهية في زمن الكورونا)

اعتاد الجيران على المعارك الطريفة بين أبو عبد الله وزوجته أم عبد الله .

أما أطرف تلك المعارك فكانت موقعة "القبقاب" يوم سقط القبقاب في حلة اللبن .!

وقفت أم عبد الله في المطبخ ، أمامها حلة عميقة مستديرة ، ملأتها باللبن (الحليب) ، ووضعتها على البابور وفي يدها مغرفة خشبية للتقليب .

بدأ اللبن يغلي وهي تقلبه ، وتهدئ شعلة النار حتى لا يفور اللبن ، وبينما هي منهمكة ومنشغلة ومتوترة ، في المرحلة الحرجة من إنجاز العمل ، خشية الانشغال فيفور اللبن .

ناداها أبو عبد الله من غرفته .. فلم ترد .. كرر النداء .. ولم ترد .

نهض أبو عبد الله غاضبا ، والتقط القبقاب في رجله مسرعاً ، ومضى يقرقع على البلاط ، ودخل عليها المطبخ صائحاً :

يا ولية أنت انطرشتِ ، بنادي عليك مابترديش ...

فار الدم في رأس أم عبد الله كما يفور اللبن في الحلة ، وردت عليه :

وأنت يعني اتعميت مش شايفني مشغولة بغلي اللبن .!

كلمة من أم عبد الله .. وكلمة من أبو عبد الله .

قام أبو عبد الله خالع القبقاب ، وبشجاعة عنترة ، وخفة قُنبُرة خلع القبقاب ، وصوبه بمهارة نحو أم عبد الله .

انتبهت أم عبد الله انتباهة "جورج بوش" لحذاء الصحفي العراقي "منتصر الزيدي"

وبسرعة فائقة ، ومهارة حاذقة ، حركت رأسها ، ومالت بجذعها فتفادت قذيفة أبو عبد الله .

وليتها ما فعلت ... !

فقد سقط القبقاب في حلة اللبن ...!

تسمر أبو عبد الله في مكانه ، وانعقد لسانه .

وأم عبد الله تصرخ وتولول :

يا ميلة بختك دون النسوان يا أم عبد الله .. يا قلة حظك .. يا خسارة وقفتك في المطبخ ...

انفك لسان أبو عبد الله وصاح :

عندك حق يا ولية .. يا ريت القبقاب كان فتح دماغك ولا نَزَل في حلة اللبن .

أم عبد الله عَزّت عليها نفسها .. وقالت له :

إخص عليك يا راجل ، كل اللي همك اللبن؟!

كلمة من أبو عبد الله .. كلمة من أم عبد الله

قامت أم عبد الله منطلقة انطلاقة السهم نحو غرفة النوم ، وبسرعة البرق خطفت لوح من "مُلة" السرير- لوح خشب بونطي سُمك 2 بوصة -، وباغتت أبو عبد الله ، ثم هوت به على أم رأسه .. طاخ .. طاخ ..

هوى أبو عبد الله كما يهوي الطَود ، وسقط كجُلْمود صخرٍ حطه السيل من علِ .

أم عبد الله أصابها الهلع .. انحنت عند رأسه وقالت :

إيه يا راجل .. إصحى يا راجل .. فداك حلة اللبن ..

أبو عبد الله فقد الوعي وطالت غيبوبته ، فتحت أم عبد الله باب الشقة ، ووقفت تولول :

الحقوني يا ناس ، يا أم عبده .. يا أم مشمش .. يا أم محمود ..

لبى الجيران نداء الواجب .. وأسرعوا نحو أرض المعركة .. هذا يكسر بصلة ويقربها من أنف أبو عبد الله ، ذاك يملأ سطلاً من الماء يصبه على رأسه .

أفاق أبو عبد الله .. وَجد أم عبد الله عند رأسه ..

نظر إليها بمسكنة وقال :

ليه كده يا ولية ، كل ده عشان حلة اللبن .؟!

فردت أم عبد الله :

فداك يا أبو عبد الله ميت حلة لبن ...

ده أنا عايشة من خيرك ... ولا أقدر أعيش من غيرك ..!!

وبخجل وغنج ودلال ، أشاح أبو عبد الله برأسه ، وألصق خده بالبلاط ..

فغمزته أم عبد الله وقالت :

خلاص بقه يا راجل ... ده أنت طول عمرك قلبك أبيض مثل اللبن ...

الجيران :

خلاص بقى يا أبو عبد الله المهم أن أنت بخير .. قوم من الأرض وشد حيلك .. أهي ضربة وعدت بسلام .

لكن ...

إوعى تزَّعَل أم عبد الله تاني .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين