نغمة المساواة بين الضحيّة والجلاد!!!

قضية المساواة بين الضحية والجلاد تحتاج إلى وقفة صادقة وإدانة واضحة لمن يمارسونها بخبث أو غباء أو بتهاون...

مواثيق الامم المتحدة ألزمت المجتمع الدولي بحماية المدنيين المستضعفين، والانسان الصالح يقف مع الحق ومع المظلوم ومع الضحية، ويدين الظلم والظالمين بل ويأخذ على يدهم بيده، فان لم يستطع ينهاهم بلسانه، فان تعذر عليه ذلك فبقلبه وذلك أضعف الايمان...

وفي بعض الحالات الصعبة التي يقاتل في الصالحون  بعضهم بعضاً، ولا يكون الموقف بين جزار وضحية بل بين طرفين صالحين... يحار المرء مع من يقف، فان هناك طريقا يضع حداً للامر هو محاولة الاصلاح مادام الطرفان صالحان أو وطنيان أو متورطان... فان رفض أحد الطرفين الاصلاح وتابع العدوان فلا يصح الحياد بعد ذلك وإلا عمت الفوضى وفلت الزمام...

(وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فان بغت إحداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فان فاءت فاصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين...) الحجرات 9

اليوم في خضم الربيع العربي ليس هناك طرفان صالحان أمامنا، هناك مجرمون مستبدون فاسدون، ثار عليهم شعب رفض ظلمهم وفسادهم وسعى إلى طلب حريته وكرامته... فالمطلوب من كل الصالحين من العرب والمسلمين والناس أجمعين أن يقفوا وقفة صادقة مع الحق ضد الباطل ومع الضحية ضد الجلاد، ومع الديمقراطية ضد الانقلاب، ومع حماية المدنيين ضد البراميل، ومع علماء الامة ضد علماء السلطان...

أحدهم يدعو إلى إحياء الابراهيمية!!! والمقصود إقامة علاقة اخوة بين المسلمين واليهود!!! وكأننا أولاد عم اختلفنا في وجهات نظر حول لوحة فنية أو اغنية شعبية!!!  وعلماء (حكماء) اجتمعوا ليطالبوا بوقف الاقتتال في العالم الاسلامي وكأن أطراف الاقتتال هو بين إخوة صالحين نزغ الشيطان بينهم!!! ولم يدروا بأن أحد الاطراف يأخذ الشيطان منه دروساً في الظلم والفساد!!!

هناك دول تزعم أنها تنأى بنفسها عن التدخل في شؤون الغير!!! تريد بذلك أن لا تقول كلمة حق في عدالة قضية الشعوب الحرة الثائرة، حى إذا كان هناك موقف يقتضي التصويت عدلت عن النأي بنفسها وصوتت لصالح الجلاد!!!

لن ينسى الشعب السوري من وقف معه ومد له يد العون ولن ينسى من باعه كلاماً زائفاً وخذله عند الجد...

هذه النغمة -المساواة بين الضحية والجلاد- مرفوضة ويجب أن نفضحها ولا نجعلها تستغفل أحداً من الثائرين والمظلومين والمضطهدين...

في سورية اليوم ظلم وفساد وطائفية مستشرية متوارثة فوتت كل فرص العقل والاصلاح والتوبة...

 

في سورية اليوم عائلة مافيا تحتل بلداً وتستعبد شعباً ليس هناك إخوة مختلفون جار بعضهم على بعض يمكن أن نلم شملهم بالكلام الطيب وتبويس الشوارب... هناك مافيا قتلت ربع ملون بني آدم وغيبت خلف القضبان ربع ملون آخر وشردت بضع ملايين خارج بيوتهم وتركتهم فريسة للبرد والجوع والامراض... وهي لم تبد الندم يوماً على ما فعلت!!!

رأس النظام فشار عند سأله الصحفيون بعد فترة من الثورة: هل أنت نادم على ما فعلت؟ وهل لو عاد الزمن إلى الوراء كنت تفعل شيئاً آخر؟ أجاب بأنه غير نادم وأكد أنه كان سيفعل نفس الشيء!!! فهو مصرّ على كل ماحصل وأنه يحارب مندسين ومتسللين وإرهابيين وليس أبناء وطن لهم مطالب عادلة ومظالم محقة...

اسلوب التباكي على قتلى الطرفين والمساواة بين الجزار والضحية لم يعد خافياً على أحد، ويجب أن نستنكره بشدة ولا نسمح به لمن يزعم صداقة الشعوب المضطهدة، وليس الربيع كالشتاء، وليست الثورة المصرية على مبارك كانقلاب السيسي، وليس الثوار في سورية كعصابة أسد... لا يستويان...

وهناك إخوة كرام يبكون على التماثيل والأحجار والآثار والأسواق... وحُق لهم فبيوتنا وآثارنا غالية علينا ونحزن لتخريبها والعبث بها، ولكن هلا أسمعونا بكاءً متناسباً على البشر والاطفال والنساء الذين هرستهم براميل الإجرام!!!... فحرمة دم الانسان أكبر وأولى بالدموع من الحجر والشجر... وعلى كليهما نحزن ونتألم...

أيها العرب أيها المسلمون أيها الناس أجمعون، نطلب منكم وقفة حق وعدل في قضايا التحرر والكرامة التي يخوضها الربيع العربي اليوم، ونطلب منكم أن تقفوا في صف المظلومين، وأن تحرّموا الظلم على أنفسكم، وأن لا تعينوا ظالماً، فقد حرم الله عز وجل الظلم على نفسه وجعله بين الناس محرماً، فورد في الحديث القدسي الصحيح: ) يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا...(.

على أعتاب العام الرابع للثورة السورية نقف وقفة إجلال وإكبار لجميع الشهداء الابرار والمعتقلين المعذبين والجرحى الصابرين والمهاجرين المشردين... نتمنى لهم نصراً مؤزراً قريباً فليس بعد الليل إلا النهار، وليس بعد الشدة إلا الفرج...

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين