نداء إغاثي إنساني جديد وفتوى في جواز دفع الزكاة للمهجرين للشيخ عبد الملك السعدي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

       الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه.

 

       أما بعد: فإن ما يجري الآن على المهجرين في العراق وسوريا مما يحز في النفوس المؤمنة ويدمي القلوب الرحيمة، ولا سيما الذين هم بالعراء وتحت الخيم التي لا تقيهم من هذا البرد ومن هطول الأمطار والثلوج دون وقاية ودون ما يقاومون به عنفوان هذه الأجواء القاسية، ولا نملك لهم إلا الدعاء في أن يمن عليهم بالصبر والتحمل وأن يعيدهم إلى مساكنهم سالمين آمنين.

 

       سبق أن أصدرت فتوى موجهة إلى أهل الأموال الذين مَنَّ الله عليهم بالإيمان أولاً وبالأموال ثانياً أن يشعروا بما يعانيه هؤلاء المساكين من قسوة حر وبرد وجوع وعراء، وأن يدفعهم إيمانهم لمد يد المساعدة إليهم بما تجود به أنفسهم مما جعلهم الله مستخلفين فيه، وعليهم أن يشعروا بأن ما لديهم هو ملك لله وهم وكلاء عليه؛ إذ بإمكانه جل شأنه أن ينزعه منهم، فلابد من شكره تعالى شكراً عملياً وليس باللسان فقط، وأن يعلموا أن مالهم هو الذي يقدمونه لآخرتهم، ومال ورثتهم ما يبخلون به إذا غادروا هذه الحياة.

 

       ولا خير في مال لا ينفع صاحبه في مثل هذه الظروف الحرجة، لذا أكرر رجائي أن يدخروا لأنفسهم لإنقاذ هؤلاء من الجوع والبرد فهم إخوتهم وسوف يسألنا الله عنهم جميعاً إذا ما قصرنا معهم.

 

       وأقول: إن لم تدفعوا لهم الصدقة النافلة فادفعوا لهم -على الأقل- من زكاة أموالكم التي فرضها عليكم وأمر بدفعها بقوله تعالى (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 60].

 

       فمن كان لا مال له تدفع له باسم الفقراء.

       ومن كان له مال لا يكفيه تدفع إليه باسم المساكين.

       ومن كان مديناً تدفع إليه باسم الغارمين.

       ومن له مال مودع ولا يمكنه الوصول إليه تدفع له باسم ابن السبيل.

 

       وآيات فضل الصدقات كثيرة في القرآن الكريم، وكذا أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- لا حاجة لسردها ونذكركم ببعضها:

 

       قال تعالى: (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه) [سبأ: 39].

 

       وقال تعالى: (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [المزمل: 20].

 

       ويمكن إيصال ذلك بواسطة المنظمات الدولية الصادقة الأمينة أو اللجان الشعبية المؤتمنة في الفلوجه والرمادي وأربيل وأماكن أخرى.

 

       اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد .. هدانا الله جميعاً لإيثار ما عنده على ما نتركه وراءنا ،،،

 

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

أ.د. عبدالملك عبدالرحمن السعدي

22/ربيع الأول/1436

13/1/2015