نحو دعوة مقنعة

نحو دعوة مقنعة


الدعوةُ إلى الله تبارك وتعالى، وتبيينُ منهاج الرسالة الحقّ، والدلالةُ على الصراط المستقيم الذي شرحه القرآن الكريم وفَصَّل فيه سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام... أمرٌ لا يختص بأصحاب العمائم، لكنها مسؤولية كلّ مسلم تفاعَلَ مع الإسلام، ولا يمكن أن نُخصص أصحاب العمائم بالدعوة إلى الله تبارك وتعالى.


ويتوهَّم غيرُهم من أبناء الإسلام، الذين أحبّوه وعشقوه وعلموا أنه يُمثّل ميزان العدالة الذي تسترشد الإنسانية كلها به، أنهم مستثنَون من الدعوة.


لا يمكن أن يكون كل هذا إلا واجب المسلم المتفاعل ودَيْدَنه، ولهذا فإن المتفاعل مع الإسلام يدعو إليه أينما كان، وفي الظرف الذي يَحِلّ فيه زمانًا ومكانًا، لكن المشكلة إنما هي في كون هذه الدعوة متوازنةً وحكيمةً وصائبةً ومُقنِعة... فربما يُنفِّر المتفاعِل مع الإسلام بالإسلام من حيث يدري أو لا يدري.


ومن هنا أردت في هذه الساعة المباركة أن أتحدّث عن بعض النقاط المهمة التي تُعيننا ونحن ندعو إلى الإسلام، حتى تكون دعوتنا هذه حكيمة وصائبة ومُقنِعة:


1- أن ننطلق من القرآن العظيم:وهذا يكون بالقراءة المُتدبِّرة، فهناك فرقٌ كبيرٌ بين من يدعو برأيه وينطلق من أفكاره الخاصة ليُنظِّر تنظيرات متعددة، ومن يقرأ القرآن الكريم بتدبُّرٍ وتأمُّل، ثم يَفهمه ويجعل منطلق دعوته مُنبعِثًا من هذا التفاعل مع القرآن الكريم.


2- الحديث عن العمالقة والأشخاص شرحٌ يطول، لكن الشخص الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إنما هو سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.


ورحم الله الإمام مالك (إمام دار الهجرة) الذي كان يجلس قريبًا من قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة فيقول: "كلنا يَرُدُّ ويُرَدُّ عليه، إلا صاحبُ هذا القبر".


فالحكايات عن سلفنا الصالح يمكن الانتقاء منها حينما تُوزَن بالنموذج والميزان الذي لا يُخطِئ، فإذا أردنا أن نتحدّث عن شخصٍ ما نعتقد ولايتَه وصلاحَه وتميُّزَه فإن ميزان مقارناتنا ينبغي أن يكون حاضرًا في أذهاننا، ألا وهو سيدُنا محمد صلى الله عليه وسلم، وإن دراسة حياةِ النبي صلى الله عليه وسلم وشخصِه الكريم، من خلال ما ثبت عنه في السنّة الصحيحة والأخبار المروية الثابتة، ينبغي أن يكون أساسًا في دعوتنا، لنجعل هذا بديلاً عن الحديث المُنبَهِر الذي طالما دَرَج كثيرٌ من الناس عليه وهو يُحدِّث في إطاره.


3- ألاَّ نخاطب مُخاطَبًا ما قبل أن نعرفه ونَفهمه: فالقوالب الكلامية المُسبَقةُ الصنع لا تُعبِّر عن حِكمة، ولا تُعبِّر عن فهمٍ بالدعوة.


وقد ألمحتُ فيما مضى إلى قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143] فكيف يكون المسلم شهيدًا؟


كيف يكون شاهدَ حقٍّ ولا يكون شاهد زور، إلا حينما يعرف الناس، ويطّلِع على شؤونهم، ويستوعب ظروفَهم؟!
فهذا يقتضي أن نعرف كلَّ مُخاطَب نريد أن نخاطبه قبل أن نخاطبه.


فإذا فهمنا ذلك الخطاب كان الكلامُ الموجَّهُ إليه متناسبًا مع استعداداته.


ولو أنكم تتبَّعْتم خطاب النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم للاستعدادات المتفاوتة، ستجدون خطابًا متنوعًا يتناسب مع كل استعداد.


فلم يكن خطابُه صلى الله عليه وسلم للوثني مثلَ خطابه لأهل الكتاب، ولم يكن خطابُه لأصحاب الجاه والسلطان والقوة المال مثلَ خطابه للضعفاء، فالمضمون واحد لكن الأسلوب يتناسب مع المُخاطَب.


4- علينا أن نُدرِّب أنفسنا جميعًا على ترك التكرار المُمِل: وهي أزمة يعاني منها الناس اليوم كثيرًا، فلا يسمعون جديدًا، بل تكرارٌ محفوظٌ مُمِلّ، وهذا ناشئ عن عدم إدامة القراءة والمطالعة، وعن عدم الحوار مع الاستعدادات العملية والعِلمية المتنوعة.


والذي لا يكون مُحاوِرًا مع الموافِق والمخالِف، ومستوعبًا في حواره الموافِقَ والمُخالِف، سوف يبقى في أزمة التكرار المُمِلّ.


5- أن نبتعد عن الدعوة إلى الصور المثالية: التي يصعب تحقيقها على كل المستويات: في العبادات، والمعاملات، وفي كل الظروف...


نعم، إن الحديث عن الصور المثالية يجذب الجمهور، لأنه يتحدّث عن بطولاتٍ خرافية، ويتحدث عن شيء يَنْدر وجودُه ويَصْعب تحقيقه، فلربما وجدنا في تاريخنا واقعةَ حالٍ مرّت في حياة طويلة عند أحد العظماء، فسرعان ما يستثمر بعضُهم واقعةَ الحال تلك ليُحوّلها إلى ظاهرة ويدعوَ إليها، مع أنها قضية عابرة لها ظرفها الخاص.


لقد علّمنا الإسلام الموضوعية والواقعية، ومن قرأ توجيه الإسلام سيجد أنه كان واقعيًّا وموضوعيًا، ولم يكن يتعامل مع الإنسان بصورة مثالية.


ألا تقرؤون في القرآن قوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: 286]؟
أليس هذا نموذجًا من نماذج الموضوعية؟
كان من الممكن أن يُخاطبنا القرآن بخطابٍ يقول لنا فيه: لا تخطئوا أبدًا، لكنه قال: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [البقرة: 222]
وهكذا يصبح الواحد منا قابلاً لاستيعاب أخطاء الآخرين.


هناك من يتصيّد في الماء العَكِر باسم الدعوة، وليس هذا من شأن الدعاة، لأن الداعية يستوعب الواقع، ويفهم أن المعصوم المحفوظ من الخطأ إنما هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.


وها هو أبو بكر الصدّيق يقف على المنبر حينما وُلِّي الخلافة ويقول: إن أصبتُ فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان.


وعمر رضي الله عنه الذي وُلِّي الخلافة بعده، خَطَّأتْه امرأةٌ في المسجد حين أوقفته أمام نصٍّ قرآنيّ يُعارض قوله (وهو على المنبر) فقال: "أصابت امرأةٌ وأخطأ عمر".


فالحديث عن المثالية يجعل الإنسان في حالة من الإحباط، فينظر إلى نفسه على أنه لا يقدر على تحقيق الإسلام، مع أن الإسلام يستوعب الجميع ويتعامل مع الواقع.


واقرؤوا تلك الحكاية في الصحيح، حين جاء رجلٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم باكيًا، وقال: يا رسول الله، هَلَكتُ، قال: ما الذي فعلته؟ قال: وقعتُ على امرأتي وأنا صائم في رمضان، فقال له: أعتق رقبة، قال: لا أملك يا رسول الله، قال: صُم شهرين، قال: وهل أوقعني فيما وقعتُ فيه إلاّ الصيام، قال: تصدّق، قال: لا أملك ما أتصدّق به يا رسول الله، قال: اجلس حتى يأتينا مال الصدقة فنعطيك فتتصدّق به.


فلما جاء مال الصدقة وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءً كبيرًا، قال: على من أتصدّق يا رسول الله ولا يوجد بين لامَتي المدينة من هو أفقر منّي؟
فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: خذه فكله.
أين هذا من أولئك المتنطِّعين الذين يتحدّثون حديثًا لا يقدرون على تحقيق واحدٍ بالألف منه، لكنهم يستعملون المَثَل الذي يقول: "الذي يرتفع أكثر يربح".


النتاجُ الأدبيّ والتاريخيّ في تاريخنا مملوء بالمبالغات، حتى قالوا: "أعذبُ الشعْر أكذبُه"، وهذا يتناسب مع الطبيعة الأدبية التهويلية، أما الأسلوب العِلمي الذي نحتاج إليه اليوم، بعدما كَثُر الجهل وانتشرت الخُرافة، فهو الأسلوب العِلميّ الموضوعيّ، والأسلوب العِلميّ الموضوعيّ يعتمد البحث العِلمي.


كفى خُرافة.. كفى جهلاً.. علينا أن نعود إلى الأسلوب العِلمي، فالعالم ينتظرنا.


وأُحبّ أن أشير إشاراتٍ عاجلةً إلى بعض النقاط في الأسلوب العِلميّ الموضوعيّ وهي:


1- يعتبر الباحث نفسَه في بحثه محاولاً الوصول إلى نتائج، فلا يجزم ويقول: إن هذا الذي أتحدث عنه هو حقيقة ثابتة.
2- يُفرِّق بين عِصمة النصّ - وهو يقرأ آيةً من كتاب الله - وفهمِه المُحتَمِل.


3- يعترف بقصور الإنسان، فالإنسان لا يقدر أن يعرف كل شيء، والذي لا يُعلِّم تلاميذه عِلمَ: (لا أدري) فإنه لا يُعلَِّمهم من العِلم شيئًا، والله سبحانه قال لحبيبه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء: 85]


وقال: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً} [الإسراء: 36]


4- البحث العِلميّ يثير الأسئلة، ويُدرّب على الإجابة عليها.
5- يُقلّل من كلمة (يجب)، ويُكثر من كلمة (كيف).
6- يبتعد عن التهويل والمبالغة.

6- أن نبتعد عن التعميم: فقد نرصُد ظاهرة من الظواهر الشاذة، وسرعان ما يلتقطها البعض ليُعمم، مع أننا حينما نُجري إحصاءً نجدها لا تُشكِّل إلا جزءًا يسيرًا، ولا يمكن أن ترقى إلى مستوى ظاهرة، وكثيرٌ من الذين يدعون إلى الإسلام يقعون في التعميم، ويعمّمون ما كان ظاهرة شاذة ليحوِّلوها إلى ظاهرة سائدة.
فلا يمكن أن نتحدّث عن التعميم حتى نصل – كما يقول أهل العِلم – إلى الاستقراء التامّ، ومَن الذي يقدر على الاستقراء التام؟


والذي لا يستطيع في مختبره أن يتحدّث عن كل شيء، كيف يمكن له أن يتحدّث عن استقراءٍ تامّ، أي أن يرصد كل الظواهر؟


حتى إن أعلى ما يمكن أن يصل إليه البحث إنما هو الاستقراء شبه التام.


فالاستقراء التام هو أن يعرف كل شيء، وهذا لا يكون إلا لله، الذي يعلم كل ورقة تسقط من شجرتها، ويرى دبيب النملة السوداء على الصخرة السوداء في الليلة الظلماء...


7- أن نبثَّ روح الأمل: وأن نبتعد عن نشر الإحباط، فقد شبعت أمتنا من اليأس والإحباط، فاليأس وصفُ الكافر، أما المؤمن فإنه لا يقنط من رحمة الله، ولا ييأس من رَوح الله.
فكلّ شخص يستطيع أن يوظِّف شيئًا نافعًا فيه، ولا يوجد بين البشرية من هو شرٌّ محض، فينبغي أن يُستثمر الخير وأن يُنبّه إليه، وكلٌّ منا يملك تميّزًا في شيء ما، وحينما يُستخدم التميّز هذا في إطار التكامل، عند ذلك سوف نرى النتائج العجيبة.


إذًا: فلماذا ننشر الإحباط؟ ولماذا لا نبثُّ روح الأمل؟
8- علينا ألا نتحدث بالغيبيات فقط والأمورِ الآجلة: وهذا ما يغلب على كثيرٍ ممن يتحدث في إطار الدعوة، فيتحدث عن الآخرة وينسى القضايا التي يعيشها الإنسان عند موضع قدمه، فلا يكون ابن وقته.


الإيمان بالغيب حقيقةٌ حاضرةٌ نتفاعل معها، لكن هذا لا يعني أن ننسى قضايانا الكبرى التي نعيشها.
علينا أن نتحدث بقضايا نتفاعل معها كل دقيقة، كأن نتحدث عن الجهل، ونتحدث عن الفقر، ونتحدث عن الأمراض والأوبئة التي تنتشر... ومنظمةُ الصحة العالمية ترفع درجة الاحتياط إلى الدرجة السادسة العليا وتقول: هناك وباء عالميّ.
فعلينا أن نتعرضَ لهذا وندرس هذا الأمر دراسة جادّة، ونتحدثَ عن التفكك الذي بدأ يسري فينا، وعن التعليم وأزماته، وعن المرأة ومشكلاتها، وعن التربية، وعن الطفولة...


الحديث عن الغيب ينبغي أن يكون موجودًا، لأن كلَّ حركة نتحرّك فيها لها مرآةٌ في عالَم الغيب، لكن هل يُعقل أن نتحدث عن المرآة دون أن نتحدث عن الحركة الحاضرة؟
9- النقد مفيد، لكن حينما يكون موضوعيًّا وهادفًا ويريد نتيجة إصلاحية: أما النقد اللاذع الذي لا يريد إلاّ الإثارة والتجريح، وينأى عن أيّ هدفٍ عمليّ تربويّ إصلاحيّ، فسوف يكون مُخرِّبًا.


فإذا وضعتَ يدك على المرض لتطبِّبَه وتقدّم له العلاج فأنت في هذا حكيم، وكان الطبيب يوصَف فيما مضى بالحكيم، لأنه لا يضع يده على المرض من أجل شتمه، لكنه يضع يده على المرض من أجل تطبيبه.


10- أن يكون تفاعلنا العاطفيّ مع الأفكار تفاعلاً يتناسب مع الطبيعة الإنسانية: فلابد لكل فكرة من تفاعل عاطفيّ، لكن المصيبة تكمن حينما تنتفي الأفكار ولا يبقى عندنا إلا مجرّد العواطف، وحينما تنتفي الفكرة وتبقى العاطفة، إذًا عند ذلك ما الذي نريده؟


نريد بكاءً أو ضحكًا، لا سلوكًا عمليًّا...
شبعنا من البكاء والضحك، ونريد بناءً حضاريًّا، ونريد أن نخرج من أزماتنا المتراكمة.
11- أن نبادر إلى مَدّ الجسور مع الجميع: لأن فِكْر الصوامع لا يبني أمّة، وحينما نعلم أن سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم رحمةٌ عالمية: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]،وأنه صلى الله عليه وسلم مَدّ الجسور مع الجميع، عندها ينبغي أن نعلّمَ كل مُنغَلِق يُفكِّر بذهنية الصوامع المغلقة ولا يقدر على الدعوة، فالدعوة إلى الله لابد فيها من مدّ الجسور مع الجميع من أجل أن تدعوهم إلى الله، ومن أجل أن تحاورهم، سواء قبلوا أم لا، فهذا لا يهمّك.
12- قلِّلوا ولنُقلِّل جميعًا الفجوة بين القول والعمل: فنحن نقول كثيرًا ونفعل قليلاً، والله سبحانه وتعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2-3]


13- إذا أردتم آلية تأهيلية لكم جميعًا، ولكل أبناء الأمة الإسلامية، وإذا أردتم أن تملكوا الحدّ الأدنى من التأهيل - ولا أتحدث عن التخصّص الشرعيّ العِلميّ الذي هو فرضٌ كفائيٌّ يصدر الفتوى في القضايا الدقيقة، ويحتاج في المسألة الواحدة إلى البحث مع أصحاب التخصص، إنما أتحدث عن تأهيلٍ عامٍّ يندرج فيه كل مسلم - فهناك حدّ أدنى وهو:


1- معرفة غريب الألفاظ القرآنية: فلا ينبغي أن تُسأل عن لفظة قرآنية لا تعرف معناها العربيّ وأنت عربيّ، وأخُصُّ العرب بذلك مع أنني لا أستثني غير العرب، وهذا يقتضي أن تبدأ قراءة القرآن قراءة من أوله لآخره، وكلُّ لفظةٍ لا تعرف معناها تبحث عنها في المعجم، أو في كتابٍ مختصر في التفسير يعطيك معناها.


2- بدهيات الفقه والعقيدة: ولا أتحدث عن التفصيل، إنما عما تحتاجه، الذي هو الأصلُ الإيمانيّ الذي من خلاله تعرف الله، والفروعُ العملية التي لابد لك منها، من كيفية الصلاة والبيع والشراء... بحسب حاجاتك.


3- أن تقرأ واقعك قراءة واعية: فالمُستجِدات كثيرة، ولا تكن ممن يعيش في الماضي ويتحدث في الحاضر.
4- الحدّ الأدنى من التهذيب الخُلُقيّ والارتقاء الروحيّ: فنحن لسنا أمة فلسفية بمقدار ما نحن أمة أخلاق، وأمة إيمان، وأمة تزكية، وأمة صدق، وأمة إخلاص، وأمة توجّه إلى الله...
5- أن نتدرّب على اللقاء مع الآخر: بأن نخطو خطوة واحدة نحوه، ونطلب منه أن يخطو خطوة واحدة نحونا.


إنه أمر - كما أشرت وأنا أتحدث عن فِكر الصوامع - ينبغي أن نتدرّب عليه حتى نرتقي إلى وظيفة الدعوة.


6- أن نتفاعل مع التحديات المعاصرة: بشرط ألا نخرج عن الثوابت الإسلامية، فهناك اليوم تحديات معاصرة كبيرة جدًّا على كل المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والسلوكية، والعِلمية، والعملية... فعلينا أن نفهم هذه التحديات وأن نتفاعل معها في إطار ثوابتنا.


ديننا دين مرونة كما قلت، لكنْ هناك ثوابت، فلنتفاعل مع التحديات المعاصرة دون أن نخرج عن ثوابتنا.


هذه نقاط رئيسة، لعلنا نستطيع جميعًا أن نحوّلها إلى آليات عملية، عندها لن نتحدّث عن مشكلة أهل العمائم، فديننا ليس فيه "رجال دِين"، فكلكم رجال دِين.


رُدَّنا اللهم إلى دينك رَدًّا جميلاً، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

أقول هذا القول وأستغفر الله.


خطبة الدكتور محمود أبو الهدى الحسني في جامع العادلية بحلب 12/6/2009

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين