التقديم للبحث:
من أولى ما يجب على المسلم أن يتحلى
به، ضبط انفعالات النفس، واستعمال مهارة تنفس الغيظ، لأن ما يفعله الغيظ في النفس
والفرد والمجتمع والأمة، بمثابة دمار شامل، وخراب يعسر إعادة بنائه، ولو حبس الغيظ
ثم ربط بعجلة قطار لكان كافياً ليدفع العربات لتلف الكرة الأرضية مرات ومرات،
ولتزلزلت الأرض من تحت قاطراته.
نعم إنه الغيظ الذي إذا ما حبس
وتمكن في الصدر، فإنه يأتي على العروق فيجمدها، وعلى اللعاب فتيبس، وعلى القلب
فيتجلط، وعلى الرئتين فينعدم فيها الأوكسجين، إنه الغيظ لو أمضاه صاحبه، لجحظت منه
العينان، وضيق على الأنف طريقة التنفس، ولكاد الجسم تتقطع أوصاله من شدة الدفع
وقوته. إنه يكاد يعدم الحركة من الانسان إلا من الزبد الذي يخرج من فيه، والرعد
الذي يقذف الحمم الكلامية التي لا تدع ولا تذر، بل يجعل الأرجل ترجف والقلب يخفق
والأذن لا تكاد تسمع، إنه الغيظ.
قال أبو حامد الغزالي: " أما
القوة الغضبية: فإنها شعلة نار اقتبست من نار الله الموقدة التي تطلع، إلا أنها لا
تطلع إلا على الأفئدة، وإنها المستكنة في ضمن الفؤاد استكنان النار تحت الرماد
ويستخرجها الكبر الدفين من قلب كل جبار عنيد كما يستخرج النار من الحديد".
لذلك فإن هذه الدراسة ستبين الأسس
المتبعة لتهذيب الغيظ وكظمه وليس القضاء عليه، ولإعادة النظر في مسببات الغيظ
والعمل على إيجاد طرق كفيلة بجعل الغيظ في حجمه الأصلي والذي ينبغي ألا يتجاوزه.
فماهي
هذه الوسائل والأدوية، هذا ما هدفنا إليه في طرح الحلول القرآنية، والعلاج
النبوي. قال القفال رحمه الله تعالى: ليس الصبر ألا يجد الإنسان ألم
المكروه ولا ألا يكره ذلك لأن ذلك غير ممكن، إنما الصبر هو حمل النفس على ترك
إظهار الجزع، فإذا كظم الحزن وكف النفس عن إبراز آثاره كان صاحبه صابراً، وإن ظهر
دمع عين أو تغير لون" .
"فالله
تعالى لا يتكل على عفوه ورحمته إلا الراجون، ولا يحذر سوء غضبه وسطوته إلا
الخائفون الذي استدرج عباده من حيث لا يعلمون، وسلط عليهم الشهوات وأمرهم بترك ما
يشتهون وابتلاهم بالغضب وكلفهم كظم الغيظ فيما يغضبون، ثم حفهم بالمكاره واللذات،
وأملى لهم لينظر كيف يعملون، وامتحن بهم حبهم ليعلم صدقهم فيما يدعون، وعرفهم أنه
لا يخفى عليه شيء مما يسرون وما يعلنون وحذرهم أن يأخذهم بغتة وهم لا يشعرون فقال
(مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً
تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى
أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ)."
أما منهجي في الدراسة فتشمل ما يأتي:
-جمع الآيات
التي تحض على تنفس الغيظ، والآيات التي ترتبط بالموضوع.
-دراسة سياق
الآيات وأسبابها إن وجدت.
-تصنيف
فقرات الموضوع، من تعريف وأسباب وحلول وفوائد ونماذج وغيرها من الأمور التي ترفد
الموضوع وتزيده وضوحاً.
-شرح الآيات
من نصوص السنة، ومواقف الصحابة والتابعين والأئمة من الفقهاء والمحدثين والصالحين.
-استخلاص
المفيد من كل فقرة أو تبويب.
-إسقاط
الموضوعات على واقع الأمة في الوقت المعاصر أملاً في إيجاد حلول لكثير من التصرفات
التي شذت وندت عن الهدي الرباني، في وقت تعصف بالأمة ريح الفساد والإفساد المبرمج
الهادف إلى ضرب الأمة في مقتل، وقد شمل البحث فصلين ومباحث ومطالب ضمن الخطة
الآتية:
خطة البحث:
يتألف البحث من مقدمة ومدخل وخاتمة
وأربعة فصول تحت كل فصل مباحث.
الفصل الأول
المبحث الأول:
تعريف التنفس ومفهومه.
المبحث الثاني:
لماذا تنفس الغيظ.
المبحث الثالث:
أدوات تنفس الغيظ. (العفو، الصفح، الإحسان، الحلم).
المبحث الرابع:
التذكير بالله تعالى
الفصل الثاني:
المبحث الأول:
تنفس الغيظ في العقيدة والفقه والأدب.
المبحث الثاني:
التنفس في آيات القرآن الكريم.
المبحث الثالث:
آيات قرآنية في الغيظ.
المبحث الرابع:
آيات قرآنية في الانتقام.
المبحث الخامس:
آيات قرآنية في الغضب
الفصل الثالث:
المبحث الأول:
ضبط النفس: وأثره في تنفيس الغيظ وتسكين الغضب
المبحث الثاني:
تعريف كظم الغيظ لغة واصطلاحاً.
المبحث الثالث:
الآيات الواردة في كظم الغيظ.
المبحث الرابع:
الأحاديث الواردة في كظم الغيظ.
المبحث: الخامس:
نماذج من السلف الصالح في كظم الغيظ
الفصل الرابع:
المبحث الثاني:
تسكين الغضب" عند الماوردي".
المبحث الثالث:
تسكين الغضب "عند الغزالي".
المبحث الرابع:
تسكين الغضب "عند ابن مسكويه".
المبحث الخامس:
تسكين الغضب "عند الجاحظ"
الخاتمة.
المصادر والمراجع.
الفهرسة.
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول