من هم السفهاء؟ وكيف نتعامل معهم؟

من هم السفهاء؟ وكيف نتعامل معهم؟

 

ماجد الدرويش

يبتلى المرء في حياته بأناس لا تنفع معهم كل وسائل التعامل الراقي لأنهم تربوا على السفاهة ! فكيف يتصرف تجاههم؟

أولاً: تعريف السفاهة

السفاهة هي: الخفة والطيش والجهل.

والسفيه هو الجاهل الطائش، وهو أيضاً الذي يبذّر ماله فيما لا ينبغي.

والجهل ؛ كما أنه نقيض العلم وضد المعرفة؛ فإنه أيضاً نقيض الحلم وضد الرشد.

ونقرأ في القرآن الكريم: (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً. قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا؟ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ)، أي أستجير بالله أن أجعلكم موضعًا للسخرية والاستخفاف أو أن أستهزئ بكم.

والسفيه طويل اللسان، سيء الكلام، قبيح الجواب.

فإن كان غلاماً يافعاً نعلل ذلك بأنه لم يأخذ نصيبه من التربية في بيت أبيه أو في مدرسته أو في مجتمعه، أو أنه لما يفهم معنى الحياة بعد، ولذلك فهو لا يعرف كيف يتعامل مع الناس لجهله بأقدارهم.

وقد تعركه التجارب وتطحنه السنون فيتعلم ويصبح من أهل الأحلام والنهى. لكن المصيبة تكون عندما يتجاوز سن الطيش ويبقى سفيهًا فمتى نتوقع منه أن يرشد؟

كيف نتعامل مع السفيه؟

فإذا ابتليت بسفيه، فأفضل وسيلة للتعامل معه هي تجاهله وعدم الرد عليه، فلا تضرك أذيته، بل الأفضل ألا تلقي له بالاً حتى لا تشغلك كلماته، ولا تعتمل في فكرك عباراته فتأخذ من وقتك وجهدك واهتمامك وتملك مشاعرك. وفى ذلك يقول الامام الشافعي:

اذا نطق السفيه فلا تجبه   فخير من إجابته السكوت

فإن أجبته فرّجت عنه   وإن تركته كَمَداً يموت

وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يقْبَل الميّسر الممكن من أخلاق الناس وأعمالهم، وأمره بكل قول حسن وفِعْلٍ جميل، وأمره أن يعرض عن منازعة السفهاء ومساواة الجهلة الأغبياء، فقال له:

(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)

والإعراض يكون بالترك والإهمال، والتهوين من شأن ما يجهلون به من التصرفات والأقوال، وعدم الدخول معهم في جدال ينتهي بالشد والجذب، وإضاعة الوقت والجهد. وفي هذا صيانة له ورفعا لقدره عن مجاوبتهم.

وقد دخل رجل على عمر رضي الله عنه فقال: يا ابن الخطاب، والله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم بيننا بالعدل! فغضب عمر حتى همّ بأن يقع به.

 فقال له جليس عنده: يا أمير المؤمنين، إن الله قال لنبيه عليه السلام (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) وإن هذا من الجاهلين.

 فما جاوزها عمر حين تلاها عليه. وكان وقافا عند كتاب الله عز وجل.

وفي الحديث (وإن امرؤ شتمك وعيّرك بما يعلم فيك فلا تعيّره بما تعلم فيه، فإنما وبال ذلك عليه)

وقد قيل: لا تجادل السفيه فيخلط الناس بينكما.

ورحم الله الإمام الشافعي القائل:

     يخاطبني السفيه بكل قبح  فأكره أن أكون له مجيبا

     يزيد سفاهة فأزيد حِلْمـــا  كعود زاده الإحراق طيبا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين