من عاش بوجهين، سياسياً، فهو إنسان طبيعي.. أمّا اجتماعياً، فيموت بلا وجه!

في السياسة:

تتعدّد الوجوه وتتنوّع، بتعدّد المصالح وتنوّعها!

تُتّخذ المواقف، بحسب المصالح، سلباً وإيجاباً.. وتهلّلا ونفوراً، ومودّة ظاهرة، وخصاماً ظاهراً..!

ترسم الابتسامات على الوجوه: عريضة أو ضيّقة.. باردة أو حارّة، أو فاترة!

تقاس الترحيبات والتأهيلات بين الفرقاء، بمقياس المصلحة، أو مقاييس المصالح المختلفة!

قد يدخل الرجل إلى قاعة المفاوضات، وهو باسم، يطيل النظر في وجه خصمه، حاملاً البشاشة في عينيه.. ثمّ يخرج من القاعة ذاتها، عابساً، لايطيق النظر في وجه خصمه، ولا تحمل عيناه لهذا الخصم، غير النفور أو الكراهية، والنظر الشزر!

في الحياة الاجتماعية:

الأمر في الحياة الاجتماعية، مختلف اختلافاً شديداً، عنه في الحياة السياسية!

ففي الحياة الاجتماعية، يبحث الناس عن:

الصدق: وهو عنصر هامّ جدّاً في حياة الناس؛ كلٌّ يبحث عنه عند الآخرين! فالكذب كثير، في العواطف والمشاعر المفتعلة، في كثير منها! ويتمثّل بعضهم بكلام الشاعر:

ولمّا صار ودُّ الناس خَبّا=جَزيتُ على ابتسام، بابتسامِ

وصرتُ أشكّ فيمَن أصطفيه=لعِلمي أنّه بعضُ الأنامِ

والإخلاص: أمّا الإخلاص فحالة، وصفها بعضهم بأنها نادرة؛ حتى وصفَ الخلّ الوفيّ بأنه من المستحيلات، التي عدّها بعضهم، وحدّدها بأنها: الغُول والعَنقاء والخِلً الوفيّ! بيد أن المرء لايعدم إخلاصاً نسبياً، يجده هنا أوهناك، عند هذا الصديق أو ذاك القريب.. وهذا هوالمطلوب من الناس، عامّة؛ لأنه هو الممكن!

والثقة: وعلى ضوء الصدق والإخلاص، تبنى الثقة بين الناس؛ فالكذّاب لايصدقه الناس ولا يحترمونه، ولا يثقون بكلامه؛ إذا عُرفت عنه خصلة الكذب!

أمّا الثقة النسبية، فتبنى على الإخلاص النسبي، الذي ذُكر آنفاً! ومَن مَنح الناس ثقة مطلقة، باء بخيبة الأمل!

أمّا مَن هجَره الناس؛ لعدم الصدق لديه، ونزعوا ثقتهم به.. فسيعيش منبوذاً، ويموت، دون أن يعرف الناس له وجهاً يصفونه به، كما اجتنبوه في حياته، لعدم وجود الوجه الذي يتعاملون معه، من خلاله!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين