﴿يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي
يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ
فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا
يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ٢٦٤﴾ [البقرة: 264]
السؤال الأول:
قال: في آية البقرة 264: ﴿لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا﴾ وقال في آية إبراهيم 18 ﴿لَا يَقْدِرُونَ
مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ﴾ [إبراهيم:18] فما الحكمة ؟
الجواب:
1ـ في آية البقرة المثل للعامل، فكان تقديم نفي قدرته وصلتها أنسب؛ لأنّ (على) من صلة القدرة .
وأيضاً في آية البقرة السياق في الإنفاق والصدقة، والمنفق معطٍ وليس كاسباً ولذلك أخّر الكسب .
2ـ في آية سورة إبراهيم ـ عليه السلام ـ المثل للعمل لقوله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ
كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ﴾ [إبراهيم:18] وتقديره: مثل أعمال الذين كفروا ، والسياق هنا في العمل، والعامل كاسب فقدّم الكسب .
فكان تقديم (مما) تقديم نفي ما كسبوا أنسب؛ لأنه صلة (شيء)، وهو الكسب.
السؤال الثاني:
قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ٢٦٤﴾ كيف نوفق هذه الآية ونحن رأينا أنّ الله هدى خلقاً كثيراً من الكفار من قريش وغيرهم ؟
الجواب:
المراد بذلك ممن سبق علمه عند الله بأنه لا يؤمن، وأنه يموت على كفره فهو عام مخصوص، أو أنه غير مهدي في حال كذبه وكفره . والله أعلم .
السؤال الثالث:
لم ختمت الآية بقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ٢٦٤﴾ ولماذا لم يقل مثلاً: (الظالمين)؟
الجواب:
السبب أنّ الله ذكر في الآية ﴿وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ﴾ أي أنه كافر، فناسب ذكر الكافرين في ختامها .
ولو قال: ظالم، فالظالم ليس بالضرورة كافراً ؛ فقد يكون ظالماً غيره، ومن المعلوم أنّ كل كافر ظالم، ولكن ليس كل ظالم كافراً .
السؤال الرابع:
ما دلالات هذه الآية ؟
الجواب:
1ـ لفظة ﴿رِئَاءَ﴾ مصدر : راءى مراءاة ورئاء ، والأصل : رياياً ، فالهمزة الأولى بدل من ياء عين الكلمة ، والثانية بدل من ياء لام الكلمة ، لأنها وقعت طرفاً بعد ألف زائدة ، والمفاعلة فيها من المشاركة ، لأنّ المرائي يري الناسَ أعماله حتى يريه الناس الثناء عليه والاحترام له .
2 ـ ﴿صَفْوَانٍ﴾ الحجر الأملس الكبير.
3 ـ ﴿وَابِلٌ﴾ الوابل : المطر الكثير . قال الأصمعي : أخف المطر وأضعفه الطّل ، ثم الرذاذ ، ثم نضح ونضخ ، ثم هطل وتهتان ، ثم وابل وجود .
4 ـ ﴿صَلْدًا﴾ الصلد : الصلب الأملس الأجرد النقي من التراب الذي كان عليه .
4 ـ هذه الآية قد بيّنت أنّ من مبطلات الصدقة : المنّ والأذى والرياء .
والله أعلم .
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول