مختارات من تفسير (من روائع البيان في سور القرآن) (الحلقة 213)

آية الكرسي ـ القسم الأول ـ

﴿ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ وَسِعَ كُرۡسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۖ وَلَا يَ‍ُٔودُهُۥ حِفۡظُهُمَاۚ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡعَظِيمُ٢٥٥ [البقرة: 255]

 

السؤال الأول:

ما أهمية آية الكرسي هذه؟ ولماذا بُدئت بلفظ الجلالة ﴿ ٱللَّهُ ؟

الجواب:

آية الكرسي هي سيّدة آي القرآن الكريم، بدأت الآية بالتوحيد ونفي الشرك وهو المطلب الأول للعقيدة عن طريق الإخبار عن الله، وبدء الإخبار عن الذات الإلهية . وقد اشتملت آية الكرسي على توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، وعلى إحاطة ملك الله، وإحاطة علمه، وسعة سلطانه، وعظمته وعلُوّه على سائر مخلوقاته. وورد أنها تعدل ربع القرآن والله أعلم.

 ونلاحظ أنّ كل جملة في هذه الآية تصح أنْ تكون خبراً للمبتدأ ﴿ ٱللَّهُ لأنّ كل جملة فيها ضمير يعود إلى الله سبحانه وتعالى أي: الله لا تأخذه سنة ولا نوم، الله له ما في السموات وما في الأرض، الله من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه، الله يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، الله لا يحيطون بعلمه إلا بما شاء، الله وسع كرسيّه السموات والأرض، الله لا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم.

وللعلم فإن آية الكرسي تتألف من (50) كلمة وعدد حروفها (185) حرفاً.

 

السؤال الثاني:

ما دلالة ﴿ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ  في قوله تعالى: ﴿ ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ ؟

الجواب:

الحيّ مُعرَّفة، والقيّوم مُعرَّفة، والحيّ هو الكامل الاتصاف بالحياة ولمْ يقل: (حيّ) بالتنكير لأنها تفيد أنه من جملة الأحياء.

 والتعريف بـ (أل) هو دلالة على الكمال والقصر؛ لأنّ ما سواه يصيبه الموت، والتعريف قد يأتي بالكمال والقصر، فالله له الكمال في الحياة قصراً، و كل من عداه يجوز عليه الموت، وهو الذي يفيض على الخلق بالحياة، فالله هو الحيّ لا حيّ سواه على الحقيقة؛ لأنّ من سواه يجوز عليه الموت.

القيّوم: من صيغ المبالغة (على وزن «فيعول» وهي ليست من الأوزان المشهورة، فهي صيغة مبالغة من القيام، ومن معانيها: القائم في تدبير أمر خلقه وفي إنشائهم وتدبيرهم، ومن معانيها القائم على كل شيء، ومن معانيها الذي لا ينعس ولا ينام؛ لأنه إذا نعس أو نام لا يكون قيّوماً، ومن معانيها القائم بذاته، وجاء بصيغة التعريف (القيوم) لأنه لا قيّوم سواه على الكون حصراً.

 

السؤال الثالث:

قوله تعالى: ﴿ لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ لَّهُۥ ما الفرق بين السِّنةِ والنَّوم ؟

الجواب:

السِّنَةُ: هي النعاس الذي يتقدم النوم، ولهذا جاءت في ترتيب الآية قبل النوم، وهذا ما يعرف بتقديم السبق، فهو سبحانه لا يأخذه نعاس أو ما يتقدم النوم من الفتور أو النوم، والمتعارف عليه أنْ يأتي النعاس أولاً ثم ينام الإنسان.

 وكرر سبحانه لفظة (لا) ولم يقل سبحانه: (لا تأخذه سنة ونوم) أو (سنة أو نوم): ﴿ لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ لَّهُۥ وهو بهذا ينفيهما سواءً اجتمعا أو افترقا، لكنْ لو قال سبحانه: (سنة ونوم) فإنه ينفي الجمع ولا ينفي الإفراد، فقد تأخذه سنة دون النوم، أو يأخذه النوم دون السنة.

وهناك نوع من النوم يسمى ( هُجُوع) وهو النوم المتقطع ، كما في قوله تعالى: ﴿ كَانُواْ قَلِيلٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِ مَا يَهۡجَعُونَ١٧ [الذاريات:17] ،  وهناك النوم الطويل ، ويُسمى ( رُقود ) ، كما في قوله تعالى : ﴿ وَتَحۡسَبُهُمۡ أَيۡقَاظٗا وَهُمۡ رُقُودٞۚ [الكهف:18] .

 

السؤال الرابع:

قوله تعالى: ﴿ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ لماذا استعمل (ما)بدل (من) ؟

الجواب:

(ما): ما تفيد ذوات غير العاقل وصفات العقلاء. إذن لمّا قال ﴿ لَّهُۥ مَا جمع العقلاء وغيرهم، ولو قال(من) لخصّ العقلاء، و(ما) أشمل وعلى سبيل الإحاطة.

وقوله تعالى ﴿ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ فيه أمران:

 آـ قصد الإحاطة والشمول .

ب ـ قدّم الجار والمجرور على المبتدأ ﴿ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ لإفادة القصر والحصر، أي: أنّ ذلك له حصراً وقصراً ولا شريك له في الملك، فنفى الشرك.

وجاء ترتيب ﴿ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ بعد ﴿ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ ليدلّ على أنه قيوم على ملكه الذي لا يشاركه فيه أحد غيره، وهناك فرق بين من يقوم على ملكه ومن يقوم على ملك غيره، فهذا الأخير قد يغفل عن ملك غيره، أمّا الذي يقوم على ملكه لا يغفل ولا ينام ولا تأخذه سنة ولا نوم سبحانه، فله كمال القيومية.

 وفي قوله: ﴿ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ تفيد التخصيص، فهو لا يترك شيئاً في السموات والأرض إلا هو قائم عليه سبحانه.

 

السؤال الخامس:

ما فائدة تكرار اسم الموصول ﴿ مَا في قوله: ﴿ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ ؟

الجواب:

إذا قُصد التنصيص على الأفراد، أي: إذا قُصد كل فرد من أفراد السماوات والأرض على وجه التنصيص، تكرر اسم الموصول كما في [الآية البقرة 255 ـ و الزمر 68ـ النمل 87 ـ الحشر يونس 66].

 

السؤال السادس:

ما دلالة استعمال صيغة الكلام بالمثنى للسموات والأرض في آية الكرسي؟

الجواب:

السموات والأرض الكلام عليهما بالمثنى؛ لأنه جعل السموات كتلة واحدة والأرض كتلة واحدة فتحدث عنهما بالمثنى، على اعتبار أنهما مجموعتان.

 

السؤال السابع:

ما دلالة قوله تعالى: ﴿ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ في الآية؟ وهل هذه صيغة استفهام ؟

الجواب:

الآية فيها دلالة واضحة على تبيان ملكوت الله وكبريائه وأنّ أحداً لا يملك أنْ يتكلم إلا بإذنه ولا يتقدم إلا بإذنه مصداقاً لقوله تعالى: ﴿ لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنۡ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَقَالَ صَوَابٗا٣٨[النبأ: 38].

وهذا الجزء من الآية والجزء الذي قبلها ﴿ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ يدل على ملكه وحكمه في الدنيا والآخرة؛ لأنه لمّا قال: ﴿ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ شمل ما في الدنيا، وفي قوله: ﴿ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ هذا في الآخرة، فدلّ هذا على ملكوته في الدنيا والآخرة.

وأخرج الصيغة مخرج الاستفهام الإنكاري؛ لأنه أقوى من النفي، فدلّ هذا على أنه حيّ قيّوم، لأنّ الذي يَستشفع عنده حيّ والذي لا يستطيع أحد أنْ يتقدم إلا بإذنه يجعله هذا قائماً بأمر خلقه، وكلها تؤكد معنى أنه الحيّ القيّوم.

وتأمل هذا الأسلوب في الاستفهام ﴿ مَن ذَا فهو استفهام لكنه خرج إلى معنى الإنكار والنفي، وكأنّ الله تعالى يريد أنْ يخبرنا عن شرف الشافع ومكانته عند الله تعالى، وهو محمد وهو الشفيع في المحشر، فقال: ﴿ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ  فلا أحد يشفع عند الله بحق الله، ولكن يشفع من خصّه الله تعالى بهذا الإذن، إنها كرامة ما بعدها كرامة.

 

السؤال الثامن:

قوله تعالى: ﴿ مَن ذَا هل هي كلمة واحدة أم اثنتان؟ وما الفرق بينهما ؟

الجواب:

1 ـ (من ذا): فيها احتمالان كما يذكر أهل النحو:

 آـ فقد تكون كلمة واحدة بمعنى (مَن) استفهامية.

 ب ـ وقد تكون كلمتين: (مَن) مع اسم الإشارة . يقال: من ذا الواقف؟ من الواقف؟ ومن هذا الواقف؟

ويُقال في النحو: زيادة المبنى تعطي زيادة في المعنى، فقد نقول: من حضر، ومن ذا حضر؟

 وقوله تعالى: ﴿ مَن ذَا ٱلَّذِي تأتي بالمعنيين (من الذي) و(من هذا الذي) باعتبار (ذا) اسم إشارة فجمع المعنيين معاً.

لكن (من ذا) أقوى من (من) لزيادة مبناها، ولذلك فالاختلاف في التعبير في قصة ابراهيم عليه السلام في آية الصافات (85) واستعمال: ﴿ مَاذَا تَعۡبُدُونَ٨٥ يعتبر أقوى مما استعمله في آية الشعراء 70 ﴿ مَا تَعۡبُدُونَ٧٠ لأنه في الأولى ﴿ مَاذَا تَعۡبُدُونَ٨٥ لم يكن إبراهيم ينتظر جواباً من قومه، فجاءت الآية بعدها ﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ٨٧[الصافات: 87] أمّا في الشعراء فالسياق سياق حوار فجاء الرد، قالوا: نعبد أصناماً.

إذن فإنّ (من ذا) و (ماذا) أقوى من (من) و(ما).

 

السؤال التاسع:

لِمَ لمْ يقل هنـا - أمن هذا الذي ـ بزيادة هاء التنبيه، كما في آية الملك ﴿ أَمَّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي هُوَ جُندٞ لَّكُمۡ [المُلك:20] ؟

الجواب:

في آية سورة الملك رقم (20) قوله تعالى: ﴿ أَمَّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي هُوَ جُندٞ لَّكُمۡ              ( هذا) مكون من (هـ) للتنبيه والتوكيد و(ذا) اسم الإشارة، وكذلك (هؤلاء) هي عبارة عن (هـ) و(أولاء)، فالهاء تفيد التنبيه والتوكيد، فإذا كان الأمر لا يدعو إليها لا يأتي بها .

 ولنستعرض سياق الآيات في سورة الملك مقابل آية الكرسي:

آـ آيات سورة الملك في مقام تحدٍّ، فهو أشد وأقوى من سياق آية الكرسي؛ لأنّ آية سورة الملك هي في خطاب الكافرين.

ب ـ أمّا آية الكرسي فهي في سياق المؤمنين ومقامها في الشفاعة والشفيع وهو طالب حاجة يرجو قضاءها، ويعلم أنّ الأمر ليس بيده وإنما بيد من هو أعلى منه.

ج ـ وأمّا آية سورة الملك فهي في مقام النِّدِّ وليس مقام شفاعة؛ ولذلك جاء بـ (هـاء) التنبيه للاستخفاف بالشخص الذي ينصر من دون الرحمن ﴿ أَمَّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي هُوَ جُندٞ لَّكُمۡ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ ٱلرَّحۡمَٰنِۚ [المُلك:20] وهذا ليس مقام آية الكرسي. 

 والأمر الآخر أن التعبير في آية الكرسي اكتسب معنيين: قوة الاستفهام والإشارة، بينما آية الملك دلت على الإشارة فقط، ولو قال: (من الذي) لفاتت قوة الإشارة، ولا يوجد تعبير آخر أقوى من (من ذا) لكسب المعنيين: قوة الاستفهام والإشارة معاً، بمعنى (من الذي يشفع، ومن هذا الذي يشفع).

 

السؤال العاشر:

ما المقصود بمعنى الآية: ﴿ يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡۖ ؟

الجواب:

أي: يعلم ما أمامهم مستقبلاً وما وراءهم، والمقصود إحاطة علمه بأمورهم الماضية والمستقبلية، ويعلم أحوال الشافع الذي يشفع ودافعه ولماذا طلب الشفاعة، ويعلم المشفوع له وهل يستحق استجابة الطلب، هذا عام، فهذه الدلالة الأولية.

 

السؤال الحادي عشر:

قال تعالى في سورة مريم: ﴿ لَهُۥ مَا بَيۡنَ أَيۡدِينَا وَمَا خَلۡفَنَا وَمَا بَيۡنَ ذَٰلِكَۚ [مريم:64] فما الحكمة في أنها لم ترد على هذا الأسلوب في آية الكرسي؟

الجواب:

 في سورة مريم سياق الآيات عن المُلك: ﴿ وَلَهُمۡ رِزۡقُهُمۡ فِيهَا [مريم:62] ﴿ تِلۡكَ ٱلۡجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنۡ عِبَادِنَا [مريم:63] ﴿ رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا [مريم:65] والذي يرزق هو الذي يورّث فهو مالك، وقال: ﴿ رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ [مريم:65]؛ لأنه مالكهم .

 أمّا في سورة آية الكرسي فالسياق عن العلم ﴿ يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ) وبعد هذه الجملة يأتي قوله: ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ أي أنّ السياق في العلم؛ لذا كان أنسب أن تأتي ﴿ يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡۖ وهذه الجملة هي كما سبق توطئة لما سيأتي بعدها.

 

السؤال الثاني عشر:

ما فائدة (مَا) في قوله تعالى ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ [البقرة:255] ؟

الجواب:

 (ما) تحتمل معنيين في اللغة:

آـ تحتمل أنْ تكون مصدرية بمعنى (لا يحيطون بشيء من علمه إلا بمشيئته).

ب ـ وتحتمل أنْ تكون اسماً موصولاً بمعنى (إلا بالذي شاء)، وهنا جمع المعنيين أي: لا يحيطون بعلمه إلا بمشيئته وبالذي يشاؤه ، أي: بالعلم الذي يريد وبالمقدار الذي يريد ويشاء نوعاً وقدراً.

 وغير الله لا يعلم شيئاً إلا بما أراده الله بمشيئته وبالقدر الذي يشاؤه ، والبشر لا يعلمون شيئاً حتى البديهيات، وهو الذي شاء أنْ يعلّم الناس أنفسهم.

 

السؤال الثالث عشر:

قال تعالى: ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ ولم يقل مثلاً: (ولا يعلمون شيئاً من علمه)، فما دلالة ذلك ؟

الجواب:

 لأنّ الإحاطة تقتضي الاحتواء على جميع أطراف الشيء بحيث لا يشذّ منه جزء من أوله ولا آخره، فأراد ربنا أنْ يصور لنا قصر علمنا وضعف مداركنا، فنحن قد نعلم شيئاً كان مجهولاً بالأمس ولكننا لا نستطيع أنْ نحيط بكل ما يلزم عنه، ولا نقدر على إدراك كل ما له به صلة، ولذلك فإنّ علومنا قابلة للتبديل والتعديل.

 وانظر أيضاً إلى قوله تعالى: ﴿ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ ولم يقل: ولا يحيطون بعلمه؛ لأنّ (من) للتبعيض، وهذا مزيد من الدقة في تصغير معارفنا وعلومنا.

يتبع في الحلقة القادمة بمشيئة الله تعالى

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين