الحكم التشريعي الثلاثون: متعة المطلقة بعد تحديد المهر وقبل الدخول بها
﴿وَإِن طَلَّقۡتُمُوهُنَّ مِن
قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدۡ فَرَضۡتُمۡ لَهُنَّ فَرِيضَةٗ فَنِصۡفُ مَا
فَرَضۡتُمۡ إِلَّآ أَن يَعۡفُونَ أَوۡ يَعۡفُوَاْ ٱلَّذِي بِيَدِهِۦ عُقۡدَةُ ٱلنِّكَاحِۚ
وَأَن تَعۡفُوٓاْ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۚ وَلَا تَنسَوُاْ ٱلۡفَضۡلَ بَيۡنَكُمۡۚ
إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ٢٣٧﴾ [البقرة: 237]
السؤال الأول:
جاء فعل الشرط في هذه الآية 237 بصيغة الماضي ﴿وَإِن طَلَّقۡتُمُوهُنَّ﴾ وكذلك في آية البقرة 230. فما دلالة ذلك ؟
الجواب:
1ـ التعبير بفعل الشرط بالفعل الماضي قد يفيد افتراض حصول الحدث مرة واحدة أو قليلاً، بينما الفعل المضارع يفيد تكرر الحدث وتجدده.
2ـ لذلك جاء بصيغة الماضي مع أحوال الطلاق؛ لأنّ الطلاق لا يتكرر كثيراً كتكرر الصدقة حيث قال: ﴿وَإِن طَلَّقۡتُمُوهُنَّ مِن قَبۡلِ أَن
تَمَسُّوهُنَّ وَقَدۡ فَرَضۡتُمۡ لَهُنَّ فَرِيضَةٗ فَنِصۡفُ مَا فَرَضۡتُمۡ إِلَّآ
أَن يَعۡفُونَ أَوۡ يَعۡفُوَاْ ٱلَّذِي بِيَدِهِۦ عُقۡدَةُ ٱلنِّكَاحِۚ وَأَن
تَعۡفُوٓاْ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۚ وَلَا تَنسَوُاْ ٱلۡفَضۡلَ بَيۡنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ
بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ٢٣٧﴾
وفي الصدقات قال كما في آية البقرة: ﴿ إِن تُبۡدُواْ ٱلصَّدَقَٰتِ
﴾ [البقرة:271] بصيغة الفعل المضارع.
السؤال الثاني:
ما معنى ﴿أَوۡ يَعۡفُوَاْ ٱلَّذِي
بِيَدِهِۦ عُقۡدَةُ ٱلنِّكَاحِۚ﴾ في الآية ؟
الجواب:
1ـ هذه الآية في حالة طلاق الرجل للمرأة المعقود عليها، لكنه لم يتم المسيس بها وحُدد مهرها فلها نصف المهر المسمّى، وهناك استثناء وهو أنْ تعفو المرأة ﴿إِلَّآ أَن يَعۡفُونَ﴾ [البقرة:237] .
2ـ أما قوله تعالى: ﴿أَوۡ يَعۡفُوَاْ ٱلَّذِي بِيَدِهِۦ
عُقۡدَةُ ٱلنِّكَاحِۚ﴾ [البقرة:237]
فاختلف فيها المفسرون، فقال بعضهم: إنّ الذي بيده عقدة النكاح هو وليّ المرأة، وأمّا البعض الآخر فقال: إنّ الذي بيده عقدة النكاح هو الرجل المطلِّق، وهذا يوازن المعنى في الآية أكثر؛ لأنّ الزوج هو الذي بيده عقدة النكاح (وبدون إيجاب وقبول لا يكون هناك عقدة نكاح) .
ومعنى أنْ يعفو الذي بيده عقدة النكاح أو الزوج كما قلنا: هو أنْ يعفو الزوج المطلِّق عن القسم الثاني من المهر المسمّى ويعطي المرأة المطلَّقة كامل المهر، فيكون شهماً كريماً معها، والله تعالى سيكافئه على ذلك إن شاء الله.
3ـ والله تعالى يقول: ﴿وَأَن تَعۡفُوٓاْ
أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۚ﴾
فالقرآن انتصر لصالح الزوجة، فلو عفا الزوج يكون أفضل، فالخطاب في قوله: ﴿أَوۡ يَعۡفُوَاْ ٱلَّذِي
بِيَدِهِۦ عُقۡدَةُ ٱلنِّكَاحِۚ﴾ هو للمطلِّقين وليس للمطلقات، والأنسب أنْ يعفو الزوج إذا أراد أنْ يكون من الأتقياء يوم القيامة؛ لأنّ الزوج يعمل وسيحصل على مالٍ غيره، أمّا الزوجة فهي التي تحتاج لمن يعوّضها ويؤنسها ويجبر خاطرها.
4ـ قوله تعالى: ﴿ وَأَن تَعۡفُوٓاْ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۚ﴾ هذا خطاب للرجال والنساء جميعاً، إلا أنّ الغلبة للذكور إذا اجتمعوا مع الإناث؛ لأن الذكورة أصل والتأنيث فرع، هذا في اللفظ .
السؤال الثالث:
ما معنى كلمة (العفو) لغة وشرعاً ؟
الجواب:
كلمة (العفو) هي من الألفاظ المستحبة في الشريعة، وهي تعني ما زاد على الشيء، كما في قوله تعالى: ﴿ وَيَسَۡٔلُونَكَ مَاذَا
يُنفِقُونَۖ قُلِ ٱلۡعَفۡوَۗ ﴾
[البقرة:219] أي: أنفقوا من المال الزائد على حاجتكم.
السؤال الرابع:
ما معنى قوله تعالى في الآية: ﴿ وَلَا تَنسَوُاْ ٱلۡفَضۡلَ
بَيۡنَكُمۡۚ ﴾ ؟
الجواب:
الفضل هو الزيادة، أي: لا تكونوا دقيقين في الحساب، بينما العدل : أخذ الواجب وإعطاء الواجب . والفضل أيضاً : إعطاء ما ليس بواجب ، والتسامح في الحقوق .
روي أنّ أحد الصحابة تزوج امرأة ثم طلقها قبل الدخول بها ، وأعطاها الصداق كاملاً ، فقيل له في ذلك فقال : أنا أحق بالعفو منها .
السؤال الخامس:
ماذا تفيد اللام من معنى في قوله تعالى: ﴿ لِلتَّقۡوَىٰۚ﴾ ؟
الجواب:
اللام في ﴿
لِلتَّقۡوَىٰۚ﴾ بمعنى (إلى).
السؤال السادس:
ما إعراب ﴿ أَن
يَعۡفُونَ ﴾ ﴿ أَوۡ يَعۡفُوَاْ ﴾ ﴿ وَأَن تَعۡفُوٓاْ ﴾ في الآية ؟
الجواب:
1- إعراب الفعل: ﴿ أَن يَعۡفُونَ ﴾ أنْ حرف ناصب و (يعفون) فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة في محل نصب، ونون النسوة: ضمير متصل في محل رفع فاعل، والمصدر: (أنْ يعفون) في محل نصب مستثنى.
2ـ إعراب ﴿ أَوۡ
يَعۡفُوَاْ ﴾ يعفو: فعل مضارع منصوب معطوف على ما قبله.
3ـ إعراب ﴿ وَأَن
تَعۡفُوٓاْ ﴾ تعفوا: فعل مضارع منصوب وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو ضمير فاعل ، والمصدر: (أنْ تعفوا) في محل رفع خبر مقدم.
السؤال السابع:
ما أهم النقاط والدروس في الآية ؟
الجواب:
1 ـ للزوجة أنْ تعفو عن نصف مهرها وتتنازل عنه لزوجها .
2ـ قول الحق: ﴿ أَوۡ يَعۡفُوَاْ ٱلَّذِي بِيَدِهِۦ
عُقۡدَةُ ٱلنِّكَاحِۚ﴾ المقصود به الزوج وليس الولي، والولي ليس له أنْ يعفو في مسألة مهر المرأة؛ لأنّ المهر من حق الزوجة .
3 ـ يقول الحق: ﴿ وَأَن تَعۡفُوٓاْ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۚ
﴾ ؛ لأن من الجائز أنْ يظن أحد الطرفين أنه مظلوم وإنْ أخذ النصف الذي يستحقه، لكنْ إذا لم يأخذ شيئاً فذلك أقرب للتقوى وأسلم للنفوس؛ ولذلك يقول الحق بعد ذلك: ﴿ وَلَا تَنسَوُاْ ٱلۡفَضۡلَ
بَيۡنَكُمۡۚ ﴾ .
4 ـ للفائدة : هذا جدول يلخص أقسام المطلقات وهي أربعة أقسام :
السؤال الثامن :
ما دلالة رسم كلمة ﴿ تَعۡفُوٓاْ ﴾ بزيادة الألف في الآية ، علماً أنها وردت بصيغة ﴿ يَعۡفُوَ ﴾ بشكلها العادي في مواطن أخرى ؟
الجواب:
وردت كلمة ﴿ تَعۡفُوٓاْ ﴾ للمفرد (5) مرات في القرآن الكريم ، أربعة منها بصيغة بزيادة الألف ،في الآيات :[ البقرة 237 ـ المائدة 15 ـ الشورى 25 ـ30 ]، وواحدة فقط بالصيغة العادية في قوله تعالى : ﴿فَأُوْلَٰٓئِكَ عَسَى ٱللَّهُ
أَن يَعۡفُوَ عَنۡهُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَفُوًّا غَفُورٗا٩٩﴾ [النساء :99] . وهي خاصة بفئة معينة وهم المستضعفون من الرجال والنساء والولدان حسب ما ذكرت آية النساء 98 . والله أعلم .
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول