من دوحة قطر هلت البشائر

عبد العظيم عرنوس

قد لا أكون مبالغا عندما أقول إن السياسة القطرية هي من أنجح السياسات في المنطقة العربية ، ولعل هذا مرجعه إلى الخصال العريقة التي تتمتع بها قبيلة بني تميم الكبيرة المشهورة التي ينتسب إليها آل ثاني ، والتي من أهمها نصرة المظلوم؛ كما قال أمير قطر: لقد كانت قطر دائما كعبة المضيوم .

روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لَا أَزَالُ أُحِبُّ بَنِي تَمِيمٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهَا فِيهِمْ : هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِي على الدجال.

قال ابن حجر : في رواية الشعبي عن أبي هريرة ثم مسلم: هم أشد الناس قتالاً في الملاحم، وهي أعم مِنْ رِوَايَة أَبِي زُرْعَة . وَيُمْكِن أَنْ يُحْمَلَ الْعَامّ فِي ذَلِكَ عَلَى الْخَاصّ فَيَكُون الْمُرَاد بِالْمَلَاحِمِ أَكْبَرهَا وَهُوَ قِتَال الدَّجَّال ، أَوْ ذَكَرَ الدَّجَّال لِيَدْخُل غَيْره بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. اهـ .

ونال رجل من بني تميم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال: (لا تقل لبني تميم إلا خيراً، فإنهم أطول الناس رماحاً على الدجال) قال الهيثمي: إسناده صحيح.

ومواقف قطر منذ بدايات الثورة السورية مواقف متقدمة على غيرها من الدول العربية والإسلامية في دعم الثورة ، ووقوفها بجانب الشعب الثائر المظلوم المطالب باسترداد حريته وكرامته ؛ بل رماح قطر هي الأطول رماحا على دجال سوريا الصغير وأذنابه .

ولا أدل على ذلك من الرعاية الكريمة لأقطاب المعارضة السورية في الدوحة ، وبذل كل الجهود وهي جهود كانت مضنية لتقريب وجهات نظرهم والتأليف بينهم ، لقد بذلت قطر جهودا مضنية وشاقة لإعادة صياغة المجلس الوطني السوري ، وإعادة تشكيل لبناته ، حتى حلت البشائر بولادة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية خلال اجتماعه في الدوحة برئاسة الشيخ أحمد معاذ الخطيب .

وهذا كله من ثمار هذه الثورة المباركة التي أذهلت العالم كله بصبرها وثباتها وتحملها رغم الجراحات والآلام الهائلة والتدمير للبشر والشجر والحجر ، ورغم التآمر العالمي لإجهاضها ، والمكر الكبَّار الذي من هوله تكاد الجبال تزول من أماكنها ، حقا إن الإنسان السوري المؤمن بمبادئه رجالا ونساء شيوخا وشبانا وأطفالا أشد ثباتا ورسوخا من الجبال الراسيات .

لقد صنع الإنسان السوري أروع ملحمة بطولية في القرن الحادي والعشرين ، ورسم أحلى صورة للحرية .. صورة رسمت بالدماء الزاكية ، والدموع الحارة ، والأشلاء المتناثرة .. لوحة لا تضاهيها كل لوحات الفنانين التي تفننوا في رسمها ، وإبداع ملامحها وألوانها .. صورة ستبقى دهورا طويلة معلما لكل من يتشوف للحرية .. ولا نبالغ إذا قلنا : إن الثوة السورية فريدة دهرها ووحيدة عصرها بين كل الثورات على مر التاريخ .

كذلك أخرج الإسلام قومي     شبابا مؤمنا حرا كريما
 
وعلمه الكرامة كيف تبنى       فيأبى أن يقيد أو يهونا

ونحن في رابطة العلماء السوريين نشكر دولة قطر ممثلة بقيادتها الكريمة وشعبها الطيب على موقفهم الفذ من الثورة السورية ، وليس هذا الموقف غريبا على من سيكون أشد الأمة المحمدية بأسا على الدجال ، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله .  
والله نسأل أن يحفظ هذه البلاد بحفظ من عنده ويحرسها ويحميها ويكلأها برعايته ، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.