معنى الذكر المحدث في الآية

نص الاستشارة :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ذكر غير واحد من أهل العلم أن من زعم أن القرآن مُحدث فقد كفر... ولا أريد الخوض في مسألة خلق القرآن وهل هو مخلوق أم لا، ولكن أسأل ما حكم من تمسك بظاهر اللفظ القرآني ويؤمن بأن الله سبحانه وتعالى هو مُحدث الذكر ومُنزله مصداقًا لظاهر قوله تعالى: (مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) (الأنبياء:2)، ونحوها من الآيات ؟ وهل كفر بقوله هذا؟  وجزاكم الله خيرًا.

الاجابة

وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته ، أخي الكريم ، وفقك الله للحق ، أنت تذكر جزئيتين في مسألة واحدة لا تنفكان عن بعضهما ، فالذي يقول بأن القرآن مخلوق يتمسك بظاهر الآية و يدعي أنه محدث، وقد أجمع أهل السنة على رد القول بخلق القرآن ، و اتفقت كلمتهم على أن القرآن كلام الله غير مخلوق و لا محدث ، و أما الآية التي يتمسك بعضهم بظاهرها فلا حجة لهم فيها ، لأن دلالتها على ما زعموا ظنية لاحتمالها لعدة تفسيرات، ولأنها معارضة للدلالة القطعية المستفادة من قوله تعالى (ليس كمثله شيء و هو السميع البصير) ، و هذا يعني أن كلام الله تعالى لا يشبهه كلام المخلوقات وتأكد هذا الفهم بالاجماع وهذه دلالة قطعية أخرى، وصار لابد من تأويل الآية أو الآيات التي استندوا إليها و صرفها عن ظاهرها لتتفق مع الآيات الأخرى القاطعة في تنزيه الله تعالى و نفي تشبيه أحد من خلقه به سبحانه أو بصفاته، و من أقوى ما قيل في تأويل الآية أن المراد إحداث النزول ، و لذلك قال بعض السلف : "محدث الينا و ليس عند الله محدث"، وإنما اتفقت كلمة أهل السنة على أن كلام الله غير مخلوق لأن الكلام صفة لله تعالى ، و قال بعضهم إنه علم الله تعالى ، و العلم صفة لله تعالى ، وكلاهما صفتان قديمتان أزليتان ، والصفة لا تنفك عن الموصوف ، و الله تعالى هو الأول الذي ليس قبله شيء كان و لم يزل عليما متكلما ، و تظهر خطورة المسألة لو قلنا بمفهوم قول من يدعي أن الذكر محدث ، فلا يعقل و لا يقبل من كائن من كان أن يقول إن الله تعالى قبل أن يتكلم لم يكن متكلما أو لم يكن عالما ، فإذا عقل المدعي هذا المعنى و اعتقده فقد كفر بإجماع والعياذ بالله تعالى، وعلى هذا يحمل مذهب الكثيرين من العلماء الذين صرحوا بكفر من يقول بخلق القرآن ، أو من يقول بأن كلام الله محدث ، وربما يحمل كلام بعض أهل العلم في تضليل و تبديع من يقول  بأن الذكر محدث على إنسان لم يدرك مفهوم كلامه وتمسك بظاهر الآية، و لم يفطن إلى معارضتها للآية التي غدت قاعدة في هذا الباب (ليس كمثله شيء و هو السميع البصير) ، و الله أعلم 

 


التعليقات