معبر الجنة بسلام ودلالة الإيمان

قال الشعبي: واللهِ مَا مَاتَ ذُو قَرابةٍ لِي وعليهِ دَيْنٌ؛ إلا وقَضَيتُ عنهُ دينَه !

 

الأجر أجران

أخرج النسائي في سننه بسند صحيح من حديث سلمان بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ؛ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ " رقم الحديث: (2582)، ص (403).  

 

         وأخرج البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث ميمونة أَنَّهَا أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً لَهَا وَلَمْ تَسْتَأْذِنْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا كَانَ يَوْمُهَا الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ، قَالَتْ: أَشَعَرْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّى قَدْ أَعْتَقْتُ وَلِيدَتِى فُلاَنَةَ قَالَ:" أَوَ فَعَلْتِ ". قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ:" أَمَا إِنَّهُ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكِ " صحيح البخاري، رقم الحديث: (2592)، (1/570)، صحيح مسلم، رقم الحديث: (2364)، (3/79)!

 

إذا مددت رحمك بِمَالٍ وعطية، وُهِبْتَ أجر الصدقة من رب البرية، وَكُتِبْتَ فيمن يصلون ما أمر الله به أن يوصل، فأي منة من الله هذه وتفضل؟! فإن كنت غنيًا أٌخَيَّ- فَأدرك الخير وَتَعَجَّل، وَإن كُنتَ فَقِيرًا فَقُلْ: لو رزقتني ربي مالًا؛ كنت أفعل !

 

 تجربة ثمارها بهية:

أَخْرِجْ جُزءًا من أول مال يصلك، ثم اكتب لرحمك رسالةَ حُب وسلام، ومودة ووئام، تُزينها بالطيب من الكلام، تُؤَلِّف القلب، وتُذَكر بالرب، ثم أعلن إخاءَك وُوُدَّك، وأنك من أكثر الناس محبة لِرَحِمِكَ، وارجُ لهم السعادة في الدنيا، والفلاح في الآخرة؛ لِتَكُون أنت وَهُمْ من أهل الفضائلِ والمَعروف، ثم ضَع الرسالةَ والمالَ في مظروفٍ، وزر زيارتك؛ لِتَضع بصمتك، وَتُصِغ تجربتك؛ لِتُحَدِّثَ إخوانك بِعَظِيمِ بهجتك، وسرورك وسعادتك، وانتعاش روحك، جَرِّب ! وستذكرون ما أقول لكم !

 

معبرك إلى الجنة:

أخرج ابن ماجه في سننه بسند صحيح من حديث عبد الله بن سلام رضي الله عنه أنه قال: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ وَقِيلَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم {ثَلاَثًا}، فَجِئْت فِي النَّاسِ لأَنْظُرَ إلَيْهِ، فَلَمَّا تَبَيَّنْت وَجْهَهُ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ يَتَكَلَّمُ بِهِ أَنْ قَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلاَمَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ " [سنن الترمذي، رقم الحديث: (2485)، ص (560)، سنن ابن ماجه، رقم الحديث: (1334)، ص (236)].

 

إن صلة الأرحام؛ مَعبَرُ الجنة بِسَلام، ودِلالَةُ الإيمان، فقد أخرج البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ "[ رقم الحديث: (6138)، (3/165)]؛ لِنَعِ أن من قَطَع الأرحام؛ لم يُؤمن حَقَّ الإيمان؛ عياذًا بالله من الحرمان والخذلان !

فَالـزَم أُخَـيَّ صلـةَ رَحِمـك، وارجُ رَبَّـكَ القَبُـول

ألا يَكفِيكَ أنَّها أولُ وَصايا الرَّسول صلى الله عليه وسلم !

 

 

 

أخي:

ألم يَأْنِ لكَ التوبةُ من القطيعةِ؟! أما تَخشَى لعنةً من الربِّ سريعة؟! أو خاتمة عند الممات شنيعة؟! إلى متى سَتَبقى مَقطُوعًا عن ربك؟! تَشكُو قَسوةَ قلبِك؟! أَيُرضِيك أنك مَحرومٌ من السعادة، قَريبٌ من البَلادة، كأنَّ عَبادتك عادة؟! فَعُد لِرَبك تائبًا مُجيبًا، نادمًا مُنيبًا، تَكن فِي الدارين رَشِيدًا سَعِيدًا !

 

 

متى كان آخرُ عَهدِكَ بِرَحمك؟! أرأيت سرورًا عَمَّهُم يومًا بِسَببك؟! ألئن كان رحمُك مُتَعَفِّفين، يَلتَمسونَ لك العُذْرَ من سنين، لا يُشعِرُونَك بِمَعتَبَةٍ أَو أَنِين، أَتَبقَى فِي هُجرانٍ يُدمِي القلبَ، ويُندِي الجبين؟! أما تُعْظِم فيهم أدبَهُم؟! أما قَررت وِصَالهم، وإدخال المَسَرَّةَ عليهم؟! فَحُضُورك بينهم؛ سعادةٌ لَهم، ويوم زيارتك كأنَّهُ يومُ عيدهم، وَإِنْ عَزَّ اللقاءُ بِكُم، بَقِيَ الدُّعاءُ بريدكم !

بني عمنا لا تنسوا الرحم أسرعوا          إليها فقـد  قـام الردى بِحِيَالهـا

ألا قائم من قومنـا يدفـع الأذى           عن الدار أو يعنى بإصلاح حالها

 

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين