مشروع مقترَح لحل الأزمة مع تنظيم الدولة

 

 بعد فشل جميع المبادرات التي طرحها المشايخ والعلماء الأفاضل لحل الخلاف بين تنظيم دولة العراق والشام وسائر الفصائل والجماعات التي احترب معها واعتدى عليها، وحيث إن استمرار الأزمة ينذر بعواقب وخيمة على الثورة ويهدد جهادَ الشام تهديداً حقيقياً، فإنني أرى أن الوقت قد حان لطرح "مشروع متكامل" يحل الأزمة من جذورها (وليس مبادرة لحل مشكلة مفردة).

 

وعليه فإنني أقدم ما يمكن أن يسمّى "مسوَّدة مشروع لحل الأزمة مع تنظيم الدولة"، راجياً من إخواني العلماء والمجاهدين، ولا سيما مجموعة الروابط العلمية والهيئات الإسلامية السورية، أن ينظروا فيه ويُقرّوا منه ما يوافق الشرع ويحقق مصلحة الأمة ويحفظ جهاد أهل الشام.

 

1- المقدّمات

 

1-1- هذا المشروع ليس لحل مشكلة مفرَدة من المشكلات التي وقعت بين تنظيم دولة العراق والشام وغيره من الفصائل المقاتلة، وإنما هو لحل "إشكالية العلاقة" بين التنظيم وعموم السوريين، المقاتلين والمدنيين على السواء، ولتحديد صلة التنظيم بالثورة السورية وبحاضر ومستقبل البلاد.

 

1-2- إذا لم تعالَج جذور المشكلة فإن الصدام لن يتوقف وسوف تتكرر المآسي التي عشناها مؤخراً بلا نهاية، لأن المنهج والسلوك اللذين صنعا الأزمةَ أولَ مرة سيعيدان إنتاجها مراتٍ لا تُحصى، لذلك فإن هذا المشروع المقترَح يتجاهل المشكلات الكثيرة التي وقعت حتى اليوم (وكثير منها طامّاتٌ كبرى) ويسعى إلى معالجة أصول الأزمة وجذورها.

 

1-3- ثبت من التجارب السابقة أن كل مشروع لا تصاحبه آلياتٌ لتنفيذه لن يفيد بشيء وسوف يضيّع المزيد من الوقت، ففيما كانت المبادرات السابقة ترسل المناشدات للبغدادي للموافقة على التحكيم كانت مفخخاته تحصد المزيدَ من الضحايا الأبرياء. لذلك فإن هذا المشروع يقترح "الحل الطوعي" الذي يُفترَض فيه إنهاء الأزمة لو وافق عليه تنظيم الدولة، وفي الوقت نفسه فإنه يقدم "الحل القَسْري" الذي من شأنه إكراه التنظيم على الحل إذا رفض تنفيذَه طواعية.

 

2- الحيثيات

 

2-1- المعركة الوحيدة التي يخوضها السوريون هي معركتهم مع نظام الاحتلال الأسدي النصيري، وأيّ سلاح يوجَّه في غير هذا الاتجاه فهو سلاح آثم، وأي قتال مع المسلمين بهدف النفوذ أو الأرض فهو قتال حرام.

 

2-2- الأصل في كل مَن وفد على سوريا من مجاهدي الأمة أن تكون وِفادته للقتال حصراً وليس للمشاركة في حكم سوريا ولا لتقرير مصير السوريين، ومن ثَمّ فلا يحق له التدخل في حياة السوريين ولا فرض أي أسلوب من أساليب الحكم والإدارة عليهم بقوة السلاح.

 

2-3- الأراضي السورية التي يسيطر عليها تنظيم الدولة حالياً كانت مناطقَ محرَّرة أعاد التنظيمُ احتلالَها، والحق لا يسقط بالتقادم كما أن سياسة الأمر الواقع غيرُ معتبَرة لا شرعاً ولا قانوناً، لذلك فإن سيطرة التنظيم على المدن السورية بالقوة غيرُ مشروعة وهي نوعٌ من أنواع الاحتلال.

 

3- الحل الطّوعي

 

بناء على المقدمات والحيثيات السابقة يطالَب تنظيم دولة العراق والشام بالقيام بما يأتي لحل الإشكال حلاً جذرياً:

 

3-1- إصدار إعلان رسمي يؤكد فيه أنه فصيل مقاتل كأي فصيل آخر في سوريا، ليست له خصائص الدولة ولا سلطاتها، والموافقة على التحاكم إلى القضاء الشرعي المستقل.

 

3-2- إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين الأبرياء الذين اعتُقلوا بلا تهمة ولا ذنب، ومَن كانت عليه تهمة جنائية منهم يتم تسليمه إلى الهيئات الشرعية.

 

3-3- الانسحاب من المدن والقرى وإزالة جميع الحواجز داخلها وخارجها والاقتصار على المرابَطة على الجبهات والقتال فيها.

 

3-4- إعادة جميع الأسلحة المنهوبة إلى أصحابها، وكذا جميع الآليات والمعدات والأبنية والمصانع، وسائر ما استولى عليه التنظيم من ممتلكات خاصة.

 

3-5- إعادة الممتلكات العامة التي استولى عليها التنظيم في المناطق المحررة إلى الشعب السوري الذي هو صاحب الحق الأول في الاستفادة منها، ووضعها تحت رقابة وسلطة الهيئات الشرعية.

 

3-6- عدم التدخل في الحياة المدنية أو في عمل القضاء والهيئات الشرعية، وعدم إعاقة العمل الإغاثي والطبي، وعدم الدخول إلى المدن بالسلاح أو ارتداء الأحزمة الناسفة بين الناس.

 

3-7- الخضوع لأحكام المحاكم الشرعية المشتركة وعدم إيواء أي مطلوب للقضاء أو الامتناع عن تسليمه، سواء من مقاتلي التنظيم أو ممّن لجأ إليه من غير المقاتلين.

 

4- الحل القَسْري

 

يُمنَح تنظيم الدولة مهلةً قدرُها عشرةُ أيام لتنفيذ الإجراءات المطلوبة، فإنْ أبى تنفيذَها ورفض خطة الإصلاح وأصرّ على التعنّت فإن على الأطراف المختلفة القيام بواجبها الشرعي لحمله على الفيء إلى حكم الله بالقوة، لأن منهج الإصلاح القرآني -كما ورد في آية قتال البغاة في سورة الحجرات- يقوم على إلزام الطائفة الباغية الممتنعة عن الصلح بخطة الإصلاح الشرعية بالقوة، قال تعالى: {فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله}. وعليه فإن الواجب على الأمة والعلماء وعامّة مجاهدي الشام المشاركة في تطبيق الحكم الشرعي القرآني على النحو التالي:

 

4-1- على علماء الأمة -داخل سوريا وخارجها- تحديد الموقف الشرعي من التنظيم في ضوء أحكام قتال الطائفة الباغية، ودعوة الأمة إلى قتاله حتى ينزل عند حكم الشرع ويتوقف عن العدوان.

 

4-2- على الفصائل المقاتلة في جميع أنحاء سوريا التحالف لقتال التنظيم تنفيذاً لحكم الشرع، ولا يجوز في هذا المقام الاعتزال أو الوقوف على الحياد بدعوى الفتنة، لأن الأمر بقتال البغاة ورد على الوجوب ولأن الفتنة الناشئة عن عدم القتال أشد وأنكى.

 

4-3- على الشعب السوري دعم الحملة على التنظيم الباغي بكل ما يستطيع وإطلاق ثورة شعبية عامة ضده، تشترك فيها جميع مؤسسات الثورة وتسخّر لها كافة أدواتها الفاعلة.

 

4-4- تستمر الحملة بمشاركة الأطراف المذكورة جميعاً حتى يتم تنفيذ الإجراءات المنصوص عليها في نقاط الحل السبع السابقة.

 

4-5- يلتزم كل من يشارك في قتال التنظيم خلال هذه المرحلة بأحكام قتال البغاة المفصلة في الملحق التالي.

 

5- ملحق: أحكام قتال البغاة

 

5-1- يُدفَع عدوان الطائفة الباغية بأقلّ قدر من القتال، ومن اعتزل وترك القتال منهم عُصم دمه فلا يقاتَل ولا يُتعقَّب، ومن استأمن وجب له الأمان.

 

5-2- من أُسِر منهم فإنه يعامَل معامَلة المسلمين، ولا يجوَّع ولا يعطَّش ولا يعذَّب ولا يخوَّف، وإنما يبقى في الأسر حتى يتم الصلح، فإذا تم الصلح فلا يجوز استئسار أحد من البغاة.

 

5-3- لا يقاتَل لدفع البغي إلا المقاتِلون من البغاة، أما نساؤهم وأطفالهم فإنهم معصومو الدم، فلا يقاتَلون ولا يهدَّدون ولا يؤسَرون ولا يجري عليهم شيء من أحكام القتال.

 

5-4- لا يجوز إيذاء جرحى البغاة ولا التقاعس عن علاجهم، فضلاً عن الإجهاز عليهم في ساحة الحرب أو في الأسر، فإنه قتل نفس بغير حق وهو من أكبر الكبائر.

 

5-5- لا يحل غَنْم أموال البغاة وممتلكاتهم الشخصية ولا تجوز مصادرتها والاستيلاء عليها، ويخرج من ذلك ما تملكه الجماعة الباغية نفسُها من مال وسلاح تتقوّى به على قتال المسلمين.

 

5-6- إذا ظفر المسلمون بجثث القتلى من البغاة فإنهم يصلّون عليهم كما يصلّون على قتلاهم ويدفنونهم في مقابر المسلمين.

 

5-7- نساء قَتلى البغاة وأطفالهم أمانةٌ في أعناق من يقاتلهم من المسلمين، فيتوجب وجوباً شرعياً وأخلاقياً وإنسانياً توفير الرعاية الكاملة لهم بقَدْر الوسع، وتوصيلهم إلى مأمنهم وأهليهم بأسرع وقت مستطاع.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين