مرثد الفدائي خاطف أسرى المسلمين من مكة

رجال ومواقف:

مرثد الفدائي خاطف أسرى المسلمين من مكة

حيدر الغدير

 

(1)

مرثد بن أبي مرثد – رجل

مرثد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرجل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

مرثد: "في صوت هامس يسأل" كيف حال إخوتنا المُستَضعَفين في مكة؟

الرجل: كان الله في عونهم يا مرثد. إنهم يعانون من بطشِ قريشٍ وعنادها.. "صمت.. ثم الرجل يتحدث في صوت حزين": أنتم تعيشون في المدينة المنورة مع الرسول صلى الله عليه وسلم "مرثد يكرر الصلاة" منذ هاجرتم، ونحن الذين عجزنا عن الهجرة نعيش ونُقاسي من ظلم قريش.

مرثد: كان الله في عونكم يا أخي!.. سيجعل الله لكم فرَجاً ومَخلَصاً.

الرجل: نحن المسلمين الذين نعيش في مكة يا مرثد، ولا نستطيع الهجرة.. إنما نعيش على هذا الأمل، أمل الفرج والنجاة. قريش تحبس أكثرنا أن يهاجر، ونحن إزاءها ضعفاء مغلوبون.

مرثد: لا عليك يا أخي.. إن دين الله غالب. كأني والله أنظر إلى مكة وقد دخَلَتْ في الإسلام في يومٍ قريب إن شاء الله.

الرجل: إن شاء الله.

مرثد: ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم "الرجل يكرر الصلاة" غير ناسٍ لكم أبداً.

الرجل: معاذ الله أن ينسانا.

مرثد: وهأنذا قد أُوكِلَتْ إليَّ مهمة نقل من أستطيع من أسرى المسلمين المستضعفين من مكة إلى المدينة.

الرجل: إن عملك هذا خطير، "صمت" لقد تَرامى إلى مسامع قريش ما تقومُ به، فهي تحاولُ أسرَكَ أو قَتلَك.

مرثد: لن يثنيني عن القيام بعملي هذا تهديد قريش. ولئن قُتِلتُ فإنها الشهادة يا أخي "صمت" وأنت يا أخي نِعمَ العون لي فيما أقومُ به. فأنت مسلمٌ مِن أهل مكة تستخفي بدِينك، وتعينني فيما أفعل.

الرجل: نسأل الله عز وجل رضاه.

مرثد: فاحذر يا أخي أن يسمع أحد من قريش بأنك تعينني في عملي، أو أنك تُقابِلني، فذلك يسبب لك الأذى، كما أنه يعطل عملنا في إنقاذ إخواننا.

الرجل: صدقت.

مرثد: وَأْلان أين أخونا الأسير الذي سنحاول إنقاذه هذه المرة؟

الرجل: في الفناء الواسع أسفل جبل أبي قبيس مقيدٌ بالسلاسل.

مرثد: قل له: إني سآتيه آخر هذه الليلة لأفك قيوده، ثم نذهب معاً خفيةً إلى أحد الشعاب القريبة من مكة، حيث ربطتُ ناقتين نجيبتين، فنهرب عليهما إلى المدينة المنورة إن شاء الله.

الرجل: سأفعل يا أخي.

مرثد: قم فانطلق الآن حذار أن يراك أحد معي.

الرجل: السلام عليكم.

مرثد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

 

(2)

مرثد – امرأة اسمها عناق

عناق: "في صوت كأنها تحدث نفسها" مَنْ هذا الرجل المستخفي بالظلام كأنه يتوارى عن الأنظار؟ "يسمع صوت خطى هادئة"

"عناق تواصل حديثها": كأنها خطوات رجل أعرفه من قبل..

  "يسمع صوت الخطى بشكل أوضح"

"عناق تكمل حديثها": كأنه مرثد.. "صمت" إي والله إنه مرثد بن أبي مرثد. "بصوتٍ عال": يا مرثد، تعال يا مرثد، لا تخَفْ فإني عناق.

مرثد: "بصوت هادئ" عناق، ما الذي تفعلينه هاهنا؟

عناق: ما الذي أفعله أنا؟ "تضحك" أهذا سؤالٌ يُلقى إليَّ؟ بل أنت ماذا تفعل هنا يا مرثد؟

مرثد: "في هدوء" لا شيء.. جئتُ لبعض شأني في مكة.

عناق: أتحاول خداعي؟ أهل مكة يعلمون أنك تعمل على اختطاف أسرى المسلمين من مكة والهرب بهم إلى المدينة "تتحدث في صوت هادئ كأنها تُسِرُّ له بأمر خاص" اسمع يا مرثد، حاذر أن يراك أحدٌ من أهل مكة، تعال معي أخفيك عندي.

مرثد: هيه.. إلى أين؟

عناق: "في صوتها نفسه" إلى منزلي، فلا يراك أحد، وتقضي ليلة ممتعة.

مرثد: لا يا عناق!.. أوَلا تعلمين أن الإسلام يحرم ما تدعوني إليه؟

عناق: لا عليك يا رجل، ليلة واحدة وتمضي لشأنك "هامسة" في اختطاف أسرى المسلمين.

مرثد: لا والله، لن أجيبكِ إلى ما تريدين.

عناق: "في صوت حازم عالٍ" لئن لم تفعل ذلك لأجمعن عليك رجال قريش.

مرثد: ويحكِ يا عناق!.. لا تفعلي ذلك.

عناق: سأصرخ بأعلى صوتي إنْ لم تفعل.

مرثد: اسمعي يا امرأة، والله لو اجتمع عليَّ الناس كلهم فقطَّعوني مزقاً مزقاً ما فعلتُ ما تريدين مني من حرام.

عناق: "بصوت حازم" أنت تبحث بذلك عن الهلاك.

مرثد: لا تكوني حمقاء يا امرأة!.. اذهبي لشأنِك، ودعيني وشأني.

عناق: "بصوت حازم" لن أفعل يا خاطف الأسرى المكبلين.. صرخة واحدة تجمع عليك رجال قريش.

مرثد: أفوِّض أمري إلى الله.. اللهم أعِنِّي واسترني. "صوت خطاه وهو يركض هارباً"

عناق: "بأعلى صوتها" يا معشر قريش هذا مرثد بن أبي مرثد الذي عنه تبحثون، الحقوا به، لا يفوتنَّكم، لا يفوتنَّكم خاطف الأسرى إلى يثرب.

"أصوات تتلاحق تدل على الجدية والاهتمام"

- لا يفوتنَّكم مرثد يا قوم.

- لنقتله شر قتلة.

- سارعوا إلى اللحاق به.

- عناق تقول: إنه هرب في ذلك الدرب المواجه لنا.

- هيا الحقوا به.

- وقع مرثد بين أيدينا هذه المرة.

صوت خطى كثيرة على الأرض، وصوت مَنْ يقول: الحقوا به، أمسكوه.

مرثد: "يحدِّث نفسه بصوت مبهور منقطع الأنفاس من التعب"

ويلٌ لهذه المرأة البغي الفاجرة!.. ويل لها!.. الحمد لله أن وصلتُ إلى هذه المغارة دون أن يراني القوم.

"في صوتٍ أهدأ يدل على الحزم"

سأظل في مغارتي هذه حتى ينقطع عليَّ الطلب، ولأعودنَّ إلى الأسير المُقيَّد، لأفكن عنه الأغلال، ولنهربنَّ معاً إلى المدينة، ولتبوأنَّ قريش وعناق بالخزي والهزيمة.

*****

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين