مختارات من ترجمة الإمام مالك في

- عن محمد بن عمر قال: كان مالك يأتي المسجد، فيشهد الصلوات والجمعة والجنائز، ويعود المرضى، ويجلس في المسجد فيجتمع إليه أصحابه، ثم ترك الجلوس، فكان يصلي وينصرف، وترك شهود الجنائز، ثم ترك ذلك كله والجمعة، واحتمل الناس ذلك كله، وكانوا أرغب ما كانوا فيه، وربما كُلِّم في ذلك فيقول: ليس كل أحد يقدر أن يتكلم بعذره. (8/64).

عن ابن وهب، قال لي مالك: العلم ينقص ولا يزيد، ولم يزل العلم ينقص بعد الأنبياء والكتب. (8/65).

- وعن ابن وهب، سمعت مالكا يقول: ما تعلمت العلم إلا لنفسي، وما تعلمت ليحتاج الناس إلي، وكذلك كان الناس. (8/66).

- وعن مطرف بن عبد الله، قال لي مالك: ما يقول الناس فيَّ؟ قلت: أما الصديق فيُثني، وأما العدو فيقع، فقال: ما زال الناس كذلك، ولكن نعوذ بالله من تتابع الألسنة كلها. (8/66-67).

- وعن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، سمعت الشافعي يقول: قال لي محمد بن الحسن: صاحبنا أعلم من صاحبكم -يريد: أبا حنيفة ومالكا-، وما كان لصاحبكم أن يتكلم، وما كان لصاحبنا أن يسكت، فغضبت وقلت: نشدتك الله، من أعلم بالسنة، مالك أو صاحبكم؟ فقال: مالك، لكن صاحبنا أقيس، فقلت: نعم، ومالك أعلم بكتاب الله وناسخه ومنسوخه، وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي حنيفة، ومن كان أعلم بالكتاب والسنة كان أولى بالكلام. (8/76).

وساق الذهبي هذا الخبر عن ابن عبد الحكم (ص112) بنحوٍ قريب مما ها هنا، وعلق عليه، وهاك الخبرَ مع التعليق.

عن ابن عبد الحكم، سمعت الشافعي يقول: قال لي محمد: أيهما أعلم، صاحبنا أم صاحبكم؟ -يعني: أبا حنيفة ومالكا-، قلت: على الإنصاف؟ قال: نعم.

قلت: أنشدك بالله، من أعلم بالقرآن؟ قال: صاحبكم.

قلت: من أعلم بالسنة؟ قال: صاحبكم.

قلت: فمن أعلم بأقاويل الصحابة والمتقدمين؟ قال: صاحبكم.

قلت: فلم يبق إلا القياس، والقياس لا يكون إلا على هذه الأشياء، فمن لم يعرف الأصول، على أي شيء يقيس؟.

قلت [الذهبي]: وعلى الإنصاف؟ لو قال قائل: بل هما سواء في علم الكتاب، والأول أعلم بالقياس، والثاني أعلم بالسنة، وعنده علم جم من أقوال كثير من الصحابة، كما أن الأول أعلم بأقاويل علي وابن مسعود وطائفة ممن كان بالكوفة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرضي الله عن الإمامين، فقد صرنا في وقت لا يقدر الشخص على النطق بالإنصاف، نسأل الله السلامة.

- قال القاضي عياض: ألف في مناقب مالك -رحمه الله- جماعةٌ، منهم: القاضي أبو عبد الله التُّستَري المالكي، له في ذلك ثلاث مجلدات، وأبو الحسن بن فِهْر المصري، وجعفر بن محمد الفِريابي القاضي، وأبو بشر الدُّولابي الحافظ، والزبير بن بكار، وأبو عُلاثة محمد بن أبي غسان، وابن حبيب، وأبو محمد بن الجارود، وأحمد بن رِشْدين، وأبو عمرو الـمُغامي، والحسن بن إسماعيل الضَرَّاب، وأبو الحسن بن مُنتاب، وأبو إسحاق بن شعبان، وأبو بكر أحمد بن محمد اليَقطيني، والحافظ أبو نصر بن الجبَّان، وأبو بكر بن رَوْزَبة الدمشقي، والقاضي أبو عبد الله الزِّنكاني، وأبو الحسن بن عبيد الله الزبيري، وأبو بكر أحمد بن مروان الدِّينَوري، والقاضي أبو بكر الأبْهَري، والقاضي أبو الفضل القُشيري، وأبو بكر بن اللَّبَّاد، وأبو محمد بن أبي زيد، والحافظ أبو عبد الله الحاكم، وأبو ذر عبد بن أحمد الهروي، وأبو عمر الطَّلَمَنْكي، وأبو عمر بن حزم الصدفي، وأبو عمر بن عبد البر، والقاضي أبو محمد بن نصر، وابن الإمام التُّطَيلي، وابن حارث القروي، والقاضي أبو الوليد الباجي، وأبو مروان بن أَصبَغ. (8/81-82).

قلت: نقل الذهبي هذا عن القاضي عياض في "ترتيب المدارك" (1/8-12 ط الأوقاف المغربية) مع تصرف يسير، والقاضي لم يستوعب، ثم إنه صنف بعده جماعة أيضا في مناقب هذا الإمام الجليل، ولا أعلم أحدا من الأئمة صُنف في مناقبه ما صُنف في مناقب مالك، وقل مثل هذا في موطَّئه، فإنه من أكثر كتب السنة خدمة وشروحا، والكتب التي اعتنت به لعلها تقرب من مئتي كتاب، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

- قال الشافعي: العلم يدور على ثلاثة: مالك، والليث، وابن عيينة.

قلت: بل وعلى سبعة معهم، وهم: الأوزاعي، والثوري، ومعمر، وأبو حنيفة، وشعبة، والحمادان. (8/94).

- عن ابن وهب قال: قيل لمالك: ما تقول في طلب العلم؟ قال: حسن جميل، لكن انظر الذي يلزمك من حين تصبح إلى أن تمسي فالزمه. (8/97).

- قال أبو مصعب [الزهري]: كانوا يزدحمون على باب مالك حتى يقتتلوا من الزحام، وكنا إذا كنا عنده لا يلتفت ذا إلى ذا، قائلون برؤوسهم هكذا، وكانت السلاطين تهابه، وكان يقول: لا، ونعم، ولا يقال له: من أين قلت ذا؟. (8/111).

- قال الحافظ ابن عبد البر في (التمهيد) : هذا كتبته من حفظي، وغاب عني أصلي: إن عبد الله العمري العابد كتب إلى مالك يحضه على الانفراد والعمل، فكتب إليه مالك: إن الله قسم الأعمال كما قسم الأرزاق، فرُبَّ رجلٍ فتح له في الصلاة ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح له في الجهاد، فنشر العلم من أفضل أعمال البر، وقد رضيت بما فُتح لي فيه، وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه، وأرجو أن يكون كلانا على خير وبر. (8/114).

تمت بحمد الله

جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين