لماذا خلق الله المرأة؟

لمَ نحبّ الأطفال ويجدون طريقهم إلى قلوبنا حالَما يولَدون؟

تُرى، لو وُلد الأطفال بشاربين ولحيةٍ وشعرٍ على أجسادهم، مثلنا تماماً، ناطقِين ناضجِين، مثلنا تماماً، يفكّرون مثلنا، ويتكلّمون مثلنا، ويتصرّفون مثلنا، وأقوياء مثلنا، فهل كنا سنحبّهم بالقدر نفسه؟ هل كانت الأمّ ستعطيهم هذا القدر من اهتمامها، وحبّها، وحنوّها، ودفئها، مثلما تفعل الآن؟

تصوّروا لو أنّ العالم لم يعرف الأطفال، فوُلدْنا جميعاً هكذا كما نحن الآن: نساءً ورجالاً أسوياء! إذن لفقدنا الجزء الأكثر روعةً في حياتنا، ولفقدنا دروساً كثيرةً نتعلّمها من هذه المخلوقات الصغيرة:

من كان سيساعدنا على أن نطهّر نفوسنا من ملوّثات الحياة وأقذارها؛ ونحن ننظر مأخوذين في وجوههم النقيّة الطاهرة؟

من كان سيعيننا على استحضار صورة البراءة التي كنّا يوماً عليها، فتجدّد شخصيّتُهم وعيونهم غرسها في نفوسنا، لعلّها تنمو وتترعرع من جديد؟

من كان سيذكّرنا بأنّنا كنّا يوماً قاصرين مثلهم، ضعفاء مثلهم، فنتعلّم ألّا نعلو في الأرض، وألّا نبغي ونتنمّر على الضعفاء والمساكين؟

ومِن غيرِ أن نضمّهم إلى صدورنا، ومِن غيرِ أن نمنحهم قلوبنا، مَن كان سيعلّمنا الحبّ، والتفاني في هذا الحبّ، فيغذّي فينا روح العطاء، والإخلاص في هذا العطاء، ويدرّبنا على التضحية، والإخلاص في هذه التضحية، أيّاً كان الثمن؟

من كان سيعلّمنا المسؤوليّة، والعناية، والحرص، والتيقّظ التامّ أمام كلّ الأخطار المتوقّعة من حولنا، لحماية أنفسنا، وحماية الآخرين من حولنا؟

من كان سيذكّرنا بأنّ ولادة هذا المخلوق الرائع، مثل ولادتنا تماماً، تأتي من أغرب مكان في جسد الأمّ، وأبعده عن خاطرنا، وبخَلقٍ كاملٍ محيِّرٍ إلى حدّ الإذهال، مع مصنعٍ مدهشٍ لغذائه في صدرها أعِدّ بإشراف أعظم خبير، ليبدأ إنتاجه ساعةَ ولادته، وليدرّ له لبناً صحّياً شهيّاً وطازجاً تتطوّر طبيعته يوميّاً لتُواكب التحوّلات المستمرّة لجسم المولود، وليذكّرنا بأنّه لا يمكن أن يتمّ كلّ ذلك إلّا على يد صانعٍ عليمٍ مدبّرٍ حكيم؟

هل تقترحون إذن شكلاً آخر يولد عليه الطفل؟ وهل تفضّلون الخيار الآخر: أن نولد هكذا: رجالاً ونساءً ناضجين بالغين أسوياء؟

إنّنا نحبّ الأطفال ليس لأنّهم يُشبهوننا، بل لأنّهم لا يشبهوننا!

ويحبّ الرجالُ النساء ليس لأنّهنّ يُشْبِهْنَهم، بل لأنّهنّ لا يُشْبِهْنَهُم!

ويحبّ النساءُ الرجال ليس لأنّهم يشبهونهنّ، بل لأنّهم لا يشبهونهنّ!

ماذا سيحدث للعالم لو لم يكن فيه إلّا الرجال؟

وهل سيكون هناك عالمٌ أصلاً؟

وبغضّ النظر عن الحقائق التي عرضها لنا برنامج الـ BBC (الدماغ، ذكرٌ أم أنثى؟)، وقد أثبت لنا علميّاً كما رأينا، وبالصّوَر الدقيقة والمفصّلة والملوّنة، اختلاف دماغ المرأة عن دماغ الرجل، هل كان صعباً على الله أن يخلق المرأة على صورة الرجل: جسماً، وروحاً، وعقلاً، وتفكيراً؟

وإذا كان قد خلقها مختلفةً في تكوينها الفيزيائيّ عن الرجل، ممّا تتطلّبه دواعي رغبة الرجل في الزواج منها، ثمّ دواعي الحمل والولادة والرضاعة، فهل كان عاجزاً عن أن يخلقها، فيما عدا ذلك، خاليةً مثل الرجل من أيّ أثرٍ للأنوثة؟ هكذا بشاربيه، ولحيته، وكثافة شعر جسده، وعضلاته، وخشونته، وارتفاع صوته، وصلابته، وجرأته، وطريقة تفكيره، وروحه القياديّة، وشكل حركته ومشيته، ونظراته، وضحكته، وتصرّفاته، ووو...؟

ما المسافة بين المرأة الجسد، والمرأة الأنثى؟

هل جاءت كلّ هذه الإضافات الأنثويّة على المرأة-الجسد عبثاً؟ أو خطأً؟ أو سهواً؟ وممّن؟

إنّ مطالبة المرأة بأن تعامَل كالرجل؛ تعني أن تنقلب إلى مخلوقٍ آخر لا تنطبق عليه صفات المرأة التي تستطيع أن تجتذب الرجل وتمتلكه. وهذا يعني أنّه سيتحتّم على الرجل، لو أراد أن يجد المرأة القادرة حقّاً على اجتذابه واستثارة عواطفه الإنسانيّة، ونوازعه الجسديّة، أن يبحث عنها في كوكبٍ آخر غير كوكب الأرض!

ولعل هذه الهواجس هي التي أوحت للكاتب الأمريكي John Gray بفكرة كتابه (الرجال من المِرّيخ والنساء من الزُّهرة)[1] حين افترض أنّه حدث يوماً أن كانت هناك مخلوقاتٌ تعيش على كوكبٍ اسمه المِرّيخ، وحدث أنّ هذه المخلوقات كانت تسبر الفضاء بمراصدها وأجهزتها الفلكيّة، فاكتشفوا مخلوقاتٍ جميلةً أخرى مختلفةً قليلاً عنهم تعيش على كوكبٍ اسمه الزُّهرة.

ويبدأ التواصل بين الجنسين، ويكتشف كلٌّ منهم في الآخَر خصائص لا يمتلكها هو، ويتبيّنون أنّ هذه الخصائص هي العامل الأساسيّ الذي شدّ أحدهما إلى الآخر بشكلٍ ساحرٍ لا فكاك منه. ويقرّر سكّان المرّيخ في النهاية ركوب سفينةٍ فضائيّةٍ والالتحاق بالنساء في كوكب الزُّهرة.

وهناك تستقبلهم المخلوقات الجميلة أحسن استقبال، وينشدّ كلٌّ من الجنسين الفضائيّين إلى الآخر، قبل أن يقررّوا في النهاية الارتباط الأبديّ، والانتقال جميعاً للعيش في كوكبٍ آخر مستقلٍّ اسمه الأرض.

وفي الكوكب الجديد تبدأ الخلافات التي لا نهاية لها بين الجنسين، متناسين أنهم جاؤوا أصلاً من كوكبين مختلفين، وبطبيعتين مختلفتين، وأنّ هذا الاختلاف كان هو السرّ في انجذاب أحدهما إلى الآخر، وأنّ عليهم أن يستحضروا تلك الحقيقة في كلّ مشكلةٍ تهدّد تفاهمهم، وتعكّر تعايشهم وتآلفهم على الكوكب الجديد إذا أرادوا لحياتهم أن تستمرّ.

                                 *            *            *

إذا كان الرجل خطبةً بليغةً عصماء، تستثير الأدمغة، وتحرّك الهمم، وتفتّح الآفاق، وتخطّط للحاضر وللمستقبل، فإنّ المرأة قصيدةٌ جميلةٌ تفرش بألحانها العُلويّة طريق الورود والعطر أمام هذه الأدمغة، وتضيء فيها زوايا روحها المظلمة، وتخفّف عنها وطأة متاعبها وآلامها، وتلوّن لها الحياة بشتّى الألوان التي تَصرف عنها الملل، والجفاف، والخشونة، وشظَف العيش، وعصف الهموم، ومرارة الأحداث. فلماذا نصرّ على قتل الشعر، والعطر، والإيقاع، والروح، والألوان في حياتنا، والاكتفاء بجَلدِ نفوسنا المتعبة بالخطب النثريّة المعقّدة، والتقارير العلميّة الجافّة ذات اللون الواحد؟

المرأة في حاجةٍ فطريةٍ، جسديّاً وروحيّاً، إلى الرجل، والرجل في حاجةٍ فطريّةٍ، جسديّاً وروحيّاً، إلى المرأة، تماماً كحاجة الأرض للمطر، والمطر للأرض، فلا المطر يمكن أن يُنبت شيئاً من غير الأرض، ولا الأرض يمكن أن تُنبت شيئاً من غير المطر.

ربّما نفهم رفض المرأة لفكرة أنّها أنثى ومختلفةٌ عن الذكَر عندما تأتي هذه الفكرة من بشر، حتّى إن كان هؤلاء البشر من كتّابٍ ومفكّرين كبارٍ مثل John Gray، أو من علماء وباحثين كبارٍ (مثل مُعدِّي برنامج الـ BBC)، ولكن كيف نفهم رفضها لهذه الفكرة إذا أتت من الصانع نفسه، صانع الأنثى وصانع الذَّكَر، هذا إن كنّا نؤمن حقّاً بوجود هذا الصانع؟

-         فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ [آل عمران: 36]

-         يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا [الحُجرات: 13]

عندما يخرج أيّ مخلوقٍ عن طبيعته التي خلقه الله عليها، ذكراً أو أنثى، يفقد قيمته، وتتوقّف آليّته عن العمل، ويخسر أهليّته للوجود والاستمرار، لأنّه تخلّى عن وظيفته الأساسيّة التي وُجِد لأدائها على هذه الأرض.

لقد ثابرتْ إناث الحيوانات من حولنا على أنوثتها، فظلّت العلاقات سليمةً بينها وبين ذكورها، وظلّت حياتها طبيعيّةً وآمنة، واستمرّ الإنجاب، وتابع عالَم الحيوان مسيرته بأمان. إنّها الفطرة السليمة التي حافظت عليها، فبادلتها الفطرة ذلك الحفظ. الفطرة لا تخطئ معنا، أمّا نحن فنرتكب غلطةً مصيريّةً عندما نخطئ مع الفطرة.

وتدريجيّاً؛ بدأت ميول هذا المخلوق الاصطناعيّ الجديد "المرأة الجديدة"، وتمرّدُه على طبيعته الأصليّة، وتطبيقُ هذا التمرّد شكليّاً وضمنيّاً، ونظريّاً وعمليّاً على الأرض، بدأت كلّها تنعكس فيزيائيّاً، وبشكلٍ واضح، على جسم المرأة. فأخذت الفروق الجسديّة بينها وبين الرجل تتراجع: شفتاها تصغر، وصدرها يَضمر، وشَعرُ رأسها يَخِفّ ويَقْصُر، وشعرُ جسدها يَقوى وينمو، وقدماها تتضخّمان، وقدرتها على الحمل والولادة تتراجع، وجاذبيّتها للرجل تضعف وتضمحلّ. وما فتئت هذه الفروق الفيزيائيّة تتنامى وتتبلور يوماً بعد يوم، ولا سيّما في الدول الصناعيّة التي بدأت فيها الفوارق الاجتماعيّة والوظيفيّة والشخصيّة بين المرأة والرجل تتلاشى وتضمحلّ.

ولكنّ الأغرب من كلّ ذلك؛ أنّ هذه المرأة نفسها، وهي تدعو إلى إلغاء الفطرة الإلهيّة، بإلغاء الفروق بينها وبين الذَّكَر، تصرّ، عند شرائح كبيرةٍ من النساء، ومن أجل الحفاظ على اجتذاب الجنس الآخر إليها، على أن تستنجد بهذه الفطرة الإلهيّة نفسها، لتتميّز عن الرجل بشتّى الوسائل الصناعيّة، من زينةٍ، وأهدابٍ، وصدرٍ، وعمليّاتٍ تجميليّة، وتلوينٍ لأظافرها، ولشعرها، ولجفنيها، بالأزرق، والأحمر، والأخضر، والبنفسجيّ، ومن حشوٍ لأعضاء جسدها المختلفة، وهي لا تدري، مع ذلك، أنّ الرجل، بهذه الإضافات الصناعيّة، سيشعر أنّه غدا بذلك يتعامل مع لعبةٍ، أو تمثالٍ حجريّ فنّي، وليس مع إنسانةٍ من لحمٍ ودم.

إنّ هذه المرأة نفسها، مدفوعةً لا شعوريّاً بفطرتها التي يستحيل عليها أن تتخلّص منها نهائيّاً وتنتزعها من مكامن جسدها، تشعر أنّ عناصر أنوثتها في تراجع، وجاذبيّتها للرجل تتلاشى وتضمحلّ، فيزداد شعورها بالقلق الداخليّ العميق، وبالضغوط النفسيّة، وبالحاجة الشديدة إلى تعويض هذه الفوارق الفطريّة الضائعة بشتّى الطرق الصناعيّة.

لقد تعالت أصوات الدعوات في العصر الحديث إلى الحفاظ على حقوق الإنسان، وحقوق العمّال، وحقوق المرأة، وحقوق العبيد، وحقوق الحيوان، وإلى التساوي بين أجناس البشر وعروقهم وألوانهم، ولكنّ هذه الدعوات انقلبت إلى هوسٍ لا يفرّق بين ما هو شاذٌّ، ومَرَضيٌ، ومعطِّلٌ لاستمرار الجنس البشريّ، وبين ما هو طبيعيٌّ، وصحّيٌ، وضروريّ، بل مصيريٌّ، لاستمرار الحياة، وهي الفروق الفطريّة الإلهيّة بين المرأة والرجل.

ووصل الهوس والشذوذ ببعضهم إلى حدّ إجراء عمليّات جراحيّة لتعديل هذه الفروق الجنسيّة بين الرجل والمرأة، بل أعطيت الحرّية للأطفال دون الخامسة ليقرّروا، وبغضّ النظر عن رأي الوالدين أو اعتراضاتهما، ما إذا كانوا يختارون أن يتحوّلوا بالجراحة إلى إناثٍ أو ذكور، كما سنفصّل القول عند الحديث عن تغيير الجنس، من غير أن يشرحوا لهم النتائج الخطيرة المحتملة لمنعكسات هذه الجراحة على سلامتهم وصحّتهم ومستقبلهم.

بل تجاوزوا ذلك إلى الدعوة، خلافاً لأبسط قواعد المنطق البشريّ، لإلغاء الفروق العلميّة والتحصيليّة بين تلاميذ المدارس: هذا مجتهدٌ وهذا كسول، وهذا قاصرٌ ذهنيّاً وهذا متقدّمٌ عمليّاً، بدعوى أنّ في ذلك إحباطاً لهم، وتمييزاً بينهم، شأنه شأن التمييز العنصري!

ولو عمّمنا مثل هذه الفلسفة على أنماطنا المعيشيّة، فكيف يمكن أن نحافظ على روح المنافسة في العمل والإبداع والإنتاج؟ وما هو شعور الطالب الألمعيّ، والمجدّ، والذي يسهر الليالي، ويحرم نفسه من شتّى المتع من أجل التحصيل والتقدّم والتفوّق، وهو يجد نفسه في النهاية وقد تساوى مع الطالب المتأخّر عنه علميّاً، وتحصيليّاً، وعقليّاً؟

وكيف يمكن أن يكون هناك، في شتّى أنواع المسابقات والامتحانات، ناجحٌ وراسب؟ وكيف يتمّ التقدّم إلى عملٍ أو منصبٍ ما، وتمييزُ من هو مقبولٌ لهذا العمل ممّن هو مرفوض؟ وكيف يكون في مختلف المباريات، الرياضيّة، والأدبيّة، والعلميّة، والفنّية، رابحٌ أو خاسر، أو حائزٌ على الميداليّة الذهبيّة، وآخر على الفضّية، وآخر على البرونزيّة.. إلخ؟

ولقد بدأنا، للأسف، نفتقد تلك التقاليد الحضاريّة المهذّبة التي كنّا نشهدها في الشارع الغربيّ قبل عقود، حين كان الرجل يثمّن نعومة المرأة، ويحترم رقّتها ولينها وأنوثتها، فيقدّمها على نفسه في الدخول وفي الخروج، وفي الركوب، وفي الصعود إلى الحافلة أو السيّارة والنزول منهما، وفي تخلّيه عن مقعده لها أينما كانوا، على مبدأ (Ladies first). هذه التقاليد التي كانت ما تزال، حتّى وقتٍ قريبٍ، تعترف بشيءٍ اسمه الأنوثة، بدأت بالانسحاب والاختفاء من الشارع الغربيّ، ومن الحياة العامّة شيئاً فشيئاً.

وكان النبيّ (ص) يشجّع النساء على أن يحافظن في الطريق على ما يميّزهنّ عن الرجال، حتّى ولو كان ذلك بتزيين أظافرهنّ بالحنّاء:

-         عن عائشةَ أمِّ المؤمنين: "أنَّ امرأةً مَدَّتْ يَدَها إلى النبيِّ (ص) بكتابٍ، فقَبَضَ يدَه، فقالت: يا رسولَ الله، مدَدْتُ يَدِي إليك بكتابٍ فلمْ تأخُذْه! فقال: إنّي لَمْ أدْرِ، أَيَدُ امرأةٍ هي أو رَجُل؟ قالت: بل يَدُ امرأة. قال: لو كنتِ امرأةً لغَيَّرْتِ أظفارَكِ بالحِنّاء". [رواه النَّسائي، وصحّحه الألباني]

وبالمقابل، فإنّه (ص) توعّد بأقسى العقوبات من الله؛ على من يتجاهلن إرادة الخالق، ويحاولن التمرّد على أنوثتهنّ بتقليد الرجال في لباسهنّ ومشيتهنّ وتصرّفاتهنّ:

-       عن عائشةَ أمِّ المؤمنين قالت: قالَ رسولُ اللهِ (ص): "لَعَنَ اللهُ الرَّجُلَةَ مِنَ النساءِ أي المرأةَ التي تَسعى للتشبّهِ بالرجال ". [رواه السيوطي، وصحّحه الألباني]

-       عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: "لَعَنَ النَّبِيُّ (ص) الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالْمُتَرَجِّلاَتِ مِنَ النِّسَاء، وَقَال: أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُم. قَالَ فَأَخْرَجَ النَّبِيُّ (ص) فُلاناً أي أخرجه مِن بيوتِ المدينة ، وَأَخْرَجَ عُمَرُ فُلاَناً". [رواه البخاري]

-       عن رجلٍ مِن هُذَيلٍ قال: ".. فبَيْنا أنا عنده عند عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاص رأى أمَّ سعيدٍ ابنةَ أبي جهلٍ مُقَلِّدةً قَوساً وهي تمشي مِشيةَ الرجال، فقال عبدُ الله: مَن هذه؟ فقلت: هذه أمُّ سعيدٍ ابنةُ أبي جهل. فقال: سمعتُ رسولَ اللهِ (ص) يقول: ليس منّا مَن تَشَبّهَ بالرجالِ مِن النساء، ولا مَن تَشَبّهَ بالنساءِ مِن الرجال". [رواه الطبراني، وقال أبو شقّة: رجاله كلّهم ثقات. تحرير المرأة في عصر الرسالة. ج 4. ص 136]

ويؤكّد الكتاب المقدّس على هذا التحذير من تقليد النساء للرجال، أو تقليد الرجال للنساء:

- لا يَكُنْ مَتَاعُ رَجُلٍ عَلَى امْرَأَةٍ، وَلا يَلْبَسْ رَجُلٌ ثَوْبَ امْرَأَةٍ، لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ ذلِكَ مَكْرُوهٌ لَدَى الرَّبِّ إِلهِكَ. [تثنية: 22: 5]

وكانت آخر صيحةٍ أبدعتها سوق هذا التمرّد على قوانين السماء، وعلى الطبيعة، والفطرة، والعقل، والمنطق الإنسانيّ، أن بدأت نوادي السباحة في بعض البلدان الأوروبّية تسمح لأيّ رجل، لو قرّر فجأةً أن يَزعُم أنّه  "أنثى" وليس ذَكَراً، بغضّ النظر عمّا تنصّ عليه هويّتُه التي يحملها في جيبه، أن يشارك النساء في فترات سباحتهنّ الخاصّة بالإناث، بل أن يشاركهنّ غرفة تغيير ملابسهنّ، وكلّ شؤونهنّ النسائيّة الخاصّة الأخرى، بحيث أثار غضب النساء في لندن[2] فدَعَون مؤخّراً للتظاهر ضدّ هذا "التفلّت"، وضدّ هذا التحايل على القانون، والأخلاق، والحرّية الفرديّة، وقد تجاوز كلّ الحدود. جاء في المنشور:

Please join us this Saturday 27th (of August) to protest the new gender self-ID policies that have been quietly introduced in many swimming venues allowing any male who states that they identify as a woman to use female changing rooms and attend women-only swimming. It is shocking how many have confirmed that they operate gender self-ID policies for changing rooms and women-only sessions - now is the time to speak up.

 



[1] John Gray. Men Are from Mars, Women Are from Venus. Harper Collins. U.S, 1992.

[2] London. August 21, 2022.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين