كلمات في رثاء الشهيد حسام حميدان الميداني

 

بقلم : مجْد مكي
المشرف على موقع رابطة العلماء السوريين
 
هذه كلمات جمعتها وألَّفت بينها ونسَّقتها في ترجمة هذا الشهيد السعيد العالم العامل العابد المجاهد، حسام حميدان الميداني الدمشقي ، ولم يسبق لي اللقاء به أو سماع اسمه قبل ذلك ، وهو أصغر مني بعشرين عاماً ، وأكبر مني مقاماً ، وقد أخبرني أحد إخوانه الذين كانوا معه في السجن بنبأ استشهاده ، وعميق حزنه على فَقْدِه ؛ لِمَا كان يتَّصف به من خلق رفيع ، وعلم أصيل ، وقال لي : لم أحزن على فَقْد أبي وأمي وابنتي كحُزني على فَقْد هذا العالم المجاهد ، لأنَّ فَقْدَه مُصاب للأمة ، ولمَّا طلبت منه أن يكتب عنه بضعة كلمات قال : كيف أكتب عمن كانت الملائكة تضع أجنحتها له رضا بما كان يصنع ؟ وعندما رأيتُ صورته وهو مبتسم بعد استشهاده ازداد إعجابي به وحبِّي له ، فدأبت على تقصِّي أخباره من بعض أقاربه وإخوانه حتى اجتمعَتْ لي هذه الترجمة التي أتشرَّف بنشرها ، وأَعُدُّ هذا العمل من أقلِّ الواجبات نحو علمائنا الشهداء الذين بذلوا أرواحهم في سبيل الله ، وأرجو أن ألتحق بهم وأحظى بشفاعتهم وصحبتهم مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدِّيقين والشهداء والصالحين، وحَسُن أولئك رفيقاً .
 
 

ولادته ونشأته :
 

 

ولد الأخ الشهيد الحبيب أبو البراء حسام حميدان في حي الميدان بدمشق في 28/3 / 1977 من أبوين كريمين ، فوالده السيد: ديب حميدان ، ووالدته : خيرية حسحس، ونشأ نشأة صالحة ، ودرس المرحلة الابتدائية والإعدادية في مدرسة التوحيدي ، ودرس الصف الأول الثانوي في ثانوية عبد الرحمن الكواكبي في حيِّ الميدان بدمشق، ثم انقطع وقدَّم شهادة الدراسة الثانوية فيما بعد في دراسة حرّة، وذلك لأنه كان يقوم بالنَّفقة على عائلته؛ لأن والده مُسنّ ، وأخاه الذي يكبره بسنتين كان في الخدمة العسكرية، وبقية إخوته فقراء.
ولازم حلقات مسجد سيدنا زيد بن ثابت ، ثم انقطع عنها واتَّجه إلى المدرسة السلفية ، وصحب عدداً من علماء دوما ودعاتها من أصحاب هذا الاتِّجاه العلمي ، ومنهم : عبد الله علوش ، وابنه زهران وغيرهم من علماء دوما ودعاتها. وكان كثير القراءة لكتب أئمة الإسلام لا سيما كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
 
دراسته الجامعية ونبوغه العلمي :
 
أتمَّ دراسته الجامعية في كلية اللغة العربية بجامعة دمشق، ودخل دبلوم الدراسات العليا، وجرى خلاف بينه وبين أحد أساتذته فترك الدبلوم ولم يكمل..
وكان يحفظ الكثير من المتون، ويستشهد كثيراً بألفية ابن مالك التي يُتقن حفظها بشكل جيد ، وله إلمام واسع بالتفسير، ومن منهجه في إعراب القرآن الكريم أنه لا يعرب القرآن إلا إذا فسَّر الآية .
وكان مشتغلاً بعلم الحديث ومرجعاً هاماً لتدقيق الأحاديث النبويَّة ، مع كونه حافظاً لكتاب الله بإتقان .
وقد لقَّبه بعض أصحابه في الجامعة المشتغلين بالنَّحو واللغة : بصاحب الجمجمة النَّحوية، حتى بات لا يُعرف إلا به !
 
نشاطه العلمي والدعوي :
 
ودرَّس العربية في مدرسة خاصة تابعة للأنروا، وكان يزامله فيها أخ من زملائه في الكلية ، ويُثني عليه دوماً، ويعدُّه مرجعاً له في النحو.
 
وعقد بعد تخرجه دروساً في النّحو واللغة في منطقة دوما بريف دمشق، كما أقام في بيته في حي الميدان مجالس لتدريس اللغة العربية وأمور العقيدة ومختلف علوم الدين، وكان يملك مكتبة تحوي كتباً للنحو وأمَّهات الكتب، ولكن الأمن في آخر مرة اعتقله بها وصادر الكثير منها.
 
 وقد تمكّن- بفضل الله عليه - بما له من ملَكة في اللغة العربية ، من قراءة الكتب القديمة وفهمها ؛ حتى أنّه كان يقوم بتدريسها، كما كان دائم المتابعة للمناظرات العلمية بين العلماء للاستفادة منها.
 
وكان يناظر مشايخ دوما في بعض المباحث العلمية ، وكان يحب الشيخ عبد الله علوش ويستعين به في كثير من الفتاوى ، كما كان ابنه الشيخ زهران علوش - قائد لواء الإسلام -  صديقا حميما له قبل السجن وفي السجن أيضاً . وهو عالم فاضل تخرج في الجامعة الاسلامية في المدينة المنورة ، وله مواقف بطولية واجه بها الضباط في الفرع.
 
زواجه وتعامله مع زوجته :
 
منذ خطبته لزوجته كان ملاحقاً أمنياً ؛ لأنه كان يفتح بيته لطلبة العلم للمدارسة والقراءة ، وقد طُلب لمراجعة الفروع الأمنية مراراً في فترة خطوبته ، وكان في  كل مرة يودِّع خطيبته قبل ذهابه لظنِّه بعدم رجوعه إليها ، ولذلك لم يستطع أن يعكف على الكتابة والتأليف .
وقد تزوَّج من امرأة صالحة ميدانية دمشقية من آل الصَّالحاني ، ورزق منها ولدان هما : البراء وعمره سبع سنوات ونصف، واليمان وعمره أربع سنوات ونصف.
 وقد خطبه جدّ زوجته ووافق والدها السيد محمد صالحاني لما عُرف عنه من  تديُّن ومواظبة على الصلاة في أحد مساجد الميدان .
 
كتبت زوجته الصالحة الصابرة بعض ذكرياتها عن حُسْن عشرته وكريم أخلاقه معها رحمه الله تعالى، فقالت :
 
" كان حسام رفيقاً جداً معي ومع أولادي.. لا يقول لي على أمرٍ ما إنْ فعلته : لمَ فعلته ؟؟ وإنْ تركتُه : لِمَ تركته ؟؟ مهما كان هذا الأمر ما لم يكن فيه مخالفة شرعية .
وكان متسامحاً جداً معي حتى وإن أخطأت في حقِّه .. بل يُبادر بالملاطفة والخلق الحسن، ويقول لي : أنا أعلم - وإن أنت أخطأت في حقِّي - أنَّكِ تحزنين لذلك ، ولا ترضي عن نفسك بهذا ، ويبادر إلى البدء بالصلح دائماً .
لم يكن يتركني أبداً أحمل أعباء أيِّ عمل في البيت وحدي مهما كان هيِّناً عليَّ ،
وكنتُ أقول له ممازحة: أتمنّى ولو مرّة أن تقول لي : افعلي أو لا تفعلي، فيضحك ويردّ مازحاً : آه من النّساء لا يرضيهنَّ شيء.. ثم يقول : يا حبيبتي لم أرضَ ولم أطلب إلا المتديِّنة زوجةً حتى أُريح نفسي من قول : افعلي ولا تفعلي .. فيردعها دينُها وتقواها عن طلب أو فعل ما يُؤذي زوجها ولا يرضيه ..
والله كان برفقِه وخُلقه يدفعني دائماً لبرِّه ورضاه، ويجعلني خجلةً من مخالفته في أمر من الأمور .. والله مهما فعلت وفعلت فلن أوفيه حقَّه وفضله عليَّ..
أسأل الله أن يغفر لي تقصيري الدائم في حقِّه، وأن ينيله بخُلقه الحسن والرفيق معي وصبره عليَّ مرافقة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأسأل الله أن يُريَه من النعيم في الجنان ما أراه لشهداء الصحابة.. اللهمَّ آمين.. والله إن أبا البراء هو حياتي ونفسي وشقيق روحي،  بل هو روحي التي فارقتني ..." انتهى كلام زوجته .
 
أخلاقه الرفيعة :
 
ومن أخلاقه الرفيعة : شدَّة تواضعه ورفقه بمخالفيه فما كان يحمل بقلبه غِلاً على أحد ، وإذا خالفه أحد برأي يبتسم ويقول له : هذا شأنك ، أسأل الله أن يهديك.
كان رحمه الله تعالى بسَّاماً ضحَّاكاً، كثير التضرع لله عز وجل ، وترى هذه البسمة الحانية على وجهه المنوَّر بعد استشهاده .
 
اعتقاله وثباته وعزته وما لقيه في السجن من محن وشدائد :
 
اعتُقل بُعيد أحداث حادثة تفجير القزّاز في 20/ 10/ 2008 في فرع فلسطين بدمشق بسبب تهمة باطلة لم يكن له علاقة بها، وما أيسر إلقاء التهم جزافاً عند النظام المجرم .
وأثناء التحقيق معه أجابهم بأنه بريء ولا علاقة له بأيِّ شيء ممَّا اتُّهم به، فقالوا له : أترى هذه العلامة التي على جبينك - يقصدون علامة السجود- وهذه اللحية أيضاً ، هذان دليلان كافيان على إدانتك ، ناهيك عن تهديده بأخذ الزوجة أو الأخت أو البنت والمراقبة أينما ذهب .
وقد لقي – رحمه الله تعالى وأعلى مقامه - من أصناف التعذيب ما لقي هو وصحبه، من ضرب بكابلات الكهرباء وصعق بالكهرباء، وغير ذلك من صنوف التعذيب التي يندى لها جبين الإنسانية ، ولم يطلب من جلاديه أو يتوسل إليهم أن يتركوه، بل كلما عذبوه كان يدعو الله، ويقول: يا الله.. يا الله..، فيشتموه ويعذِّبوه أكثر، ويقولون له : أتذكر ربَّك يا .....؟! أتذكر ربك؟! ويكفرون بالله تعالى والعياذ بالله ، ثم يقولون له وهم يشتمونه بأسوأ الشتائم : توقَّف وقُم بعدِّ الضربات التي نضربك ؛ فلا يستجيب لهم أبداً .. إنما يظلُّ يذكر الله عز وجل .
وظلُّوا مرّة يضربونه حتى اسْودَّت قدماه من الرُّكب إلى الأسفل ، وفَقَدَ الوعي فأخذوا يُوقظونه بركله على وجهه وجسده، ويقولون: قم يا ... اغسل قدميك بماء بارد وإلا قُطعت قدماك، فحاول الزَّحف إلى الحمامات ... وزحف قليلاً ، ثم فقد وعيه ، ثم أكمل الزحف إلى أن وصل إليها ، وكان جسده يشتعل سخونةً من شدة الضرب.. فأخذ يَصُبُّ عليه الماء البارد، فأصيب بحمَّى شديدة بسبب ذلك، فلم يرضَ أن يطلب منهم دواء وأخذ يرقي نفسَه ، ووضع يده على رأسه ، فأخذته سِنَة من النّوم، ثم استيقظ وقد نزل الألم والسخونة من رأسه إلى صدره ، فوضع يده على صدره ورقى نفسه فأخذته سِنَة من النَّوم ، فاستيقظ وقد نزل الألم والسخونة من صدره إلى بطنه، ثم رقى بطنه .. فأحسَّ بأنه يريد الخروج إلى الحمَّام، فذهب إلى الحمّام ، ولما خرج لم يَعُد يَشكو من شيء وكأنه نشط من عقال.
كان الكثير ممَّن يخرج للتحقيق يقول للمحقِّق : متى سأخرج ؟ لكنَّه لم يسأل المحقق ولا مرّة واحدة - بفضل الله - لأنَّه لا يرضى لنفسه أن يكون ذليلاً أمامهم ، وهو يُوقِنُ أنَّ الله وحدَه هو الذي سيخرجه رُغم أنوفهم.
 
أثره في السِّجن في الدعوة والتعليم :
 
كان يدعو إلى الله عزّ وجل ضمن المهجع؛ لأن فرع فلسطين يَدخله كلّ يوم أناسٌ جُدد في مختلف القضايا، فمنهم مَن يدخل بتهم مخدرات أو تزوير أو تهريب ، فكان كلما دخل شخص من هؤلاء كان الأخ حسام يجلس إليه وينصحه ويعظه ، وكثيرون الذين هداهم الله على يديه ، وصاروا يُصلُّون، ولله الحمد.
 
كان أحد السّجناء لا يصلي أبداً ؛ فنصحه الشيخ حسام أكثر من مرة ولم يستجب له، ثم قدِم إليه هذا السجين مرّة ، وطلب منه أن يدعو له بالخروج من السجن ، فردَّ عليه : لن أدعو لك فأنت لا تصلي، فقال: هل أكون كافراً إذا لم أصلِّ ؟ فقال : ربما لا ، ولكنك على خطر عظيم ، وهل ترضى أن تكون محلَّ خلافٍ بين العلماء بين مكفِّر وغيره، فقال: ادع الله لي، وسوف أصلي، فقام  الشيخ حسام فتوضأ وصلَّى ودعا له ، فخرج في نفس اليوم ، فتأثّر جداً ، وذهب إلى أبي البراء وودَّعه ، وقال : عهد أن لا أترك الصلاة أبداً .
التقى به أحد السجناء من طلبة العلم الفضلاء في أحد الفروع الأمنية، وكتب عنه بعض كلمات في أثره العلمي بين إخوانه، فقال:
 
"أول مرة ألتقي بها الأخ حسام تقبَّله الله في فرع ......، وكان هو بالمهجع رقم ... وأنا كنت في المهجع رقم ... وقد أخبرني بعض مَن كان معه أنَّه تمَّ تحويل الأخ حسام إلى هذا الفرع ، وكنا في البداية نلتقي في فترات فتح الأبواب للخروج إلى الحمام ، فكنتُ أنتهز الفرصة لأستفيد منه، وأوّل سؤال سألتُه إيَّاه إعراب آية في سورة الأحزاب حيث كنتُ أحضِّرها لأفسّرها لأبناء مهجعي، وقبل أن يجيبني الأخ حسام حمد الله، وقال لي: يا أخي اليوم أنا طلبتُ من ربي بعد الفجر أن يرزقني علماً نافعاً ، وهذا سؤال سهل، ثم بدأ يستطرد لي في وجوه التفسير والإعراب عليه من الله الرحمة وأناله رضاه.
 
كنت أجلس بين يديه، وأستفيد من علمه، وكنتُ أقرأ عليه في شرح ابن عقيل، ولما انتقلنا إلى ....... كنا نجلس الساعات الطوال ، وأقرأ عليه حاشية الدسوقي على "مغني اللبيب".اهـ.
وقد أتمَّ حفظ القرآن في السجن من خلال الأوراق التي كان يكتب عليها الشباب الصالحون سور القرآن لأن المصحف ممنوع تداوله في الفرع ، ويكتبه المعتقلون على علب الدخان الفارغة ، ويصنعون الأقلام من غلاف علبة اللبن القصديري ويكتبون بها كما يكتب بقلم الرصاص .
 
وصحب في السجن لبضعة شهور الشيخ عبد الرزاق المهدي من معهد الفتح الإسلامي، وتدارس معه الحديث النبوي .
 
ولم يكن يُثْنِهِ عن الدعوة في السجن المُرجِفُون والخائفون ، فكانوا دائماً ينصحونَه بترك الدَّعوة والنُّصح ؛ لأنَّه طالما لم يُغيِّر موقفه فلن يخرج أبداً، ولكنَّه لم يسمع منهم يوماً ، فكان يقول : أنا أعلم أنَّ الذي أدخلني هو الله ، وهو الذي سيخرجني، وكل شيء بقضاء الله وقدره .
وعندما فُتحت الزيارات للسجناء - وكان هذا في آخر مدة سجنه مع بدء الثورة – لم يسمح لأهله بزيارته إلا بعد شهرين ممَّن كان معه ، فكانوا يَعتبون عليه ويقولون له : أرأيت عندما كنّا ننصحك لا تسمع، ولكنَّه لم يأبَه لذلك أبداً ، ولم يتوقف عن الدعوة إلى الله حتى قدَّر الله لأهله أن يزوروه بعد ذلك.
 
خروجه من السجن والتحاقه بموكب الجهاد ضد الظالمين :
 
خرج من السجن في بدايات الثورة السورية المباركة في 30 / 6 / 2011 ، وبعد خروجه من السجن لم يُثْنِه ما لاقاه داخل السجن عن متابعة جهاده وانضمامه إلى الثورة ، وكان دائم التنقل في دمشق وريفها بين كتائب الجيش الحر، يُلقي محاضرات في العقيدة والأحكام الجهادية ، وكان عضواً في الهيئة الشرعية لتجمُّع أنصار الإسلام .
قال أحد أصدقائه في السجن : " آخر كلمات سمعتُها منه وهو يُنشد مع بعض الإخوة أنشودة : أودعكم بدمعات العيون .
وآخرها :
 
 إذا لم نلتق في الأرض يوما    وفرَّق بيننا كأس المنون
 فموعدنا غداً في دار خُلدٍ    بها يحيا الحنون مع الحنون
 
وقد سبقنا الأخ الحبيب، وامتطى مركب الشوق لجنَّات الخلد الجمعة 12 ذي القعدة 1433 أسأل الله أن يُلحِقَنا به ، ويرزقنا شفاعته" انتهى.
مبشِّرات :
قالت زوجته الصابرة الراضية : " منذ فترة لا تزيد عن شهر قُبيل استشهاده ..صلَّى زوجي أبو البراء الفجر، ثم غفا قليلاً، ثم استيقظ وقد بدا عليه السرور والانشراح، وقال لي : لقد رأيتُ رؤيا سرَّتني جداً.. رأيت نفسي في يوم الحساب أقف أنا وأصدقاء لي لم أعرفهم ولا أذكر أني رأيتُ وجوههم ، ونقول : يا ربِّ نجِّنا.. يا رب نجِّنا .. وإذا بنور يسطع من أمامنا ، ويُؤذَن لنا بالذهاب تجاهه.. وإذا بمصحف كبير جداً موازٍ لأحجامنا- وهو لم يَقُل مُوازٍ لأحجامنا لكني فهمته من إشارة يديه آنذاك - وأخذَت تتقلَّب صفحات هذا المصحف أمامنا على كل آية تُذكر فيها الجنة ونعيمها ، ويبشرهم الله جميعهم بأنه سيجعلهم ينعمون بكل النّعيم الذي كانت الصفحات تتقلب لتظهره لهم.. " انتهى.
 
شهادته وحسن خاتمته:

استشهد – رحمه الله تعالى وأثابه رضاه وأسكنه الفردوس الأعلى - صباح الجمعة من بعد صلاة الفجر 12من شهر ذي القعدة 1433 الموافق 28/ 9/ 2012على حاجز في منطقة السيدي مقداد بطلق رصاص في الرأس من قناص مجرم غادر، بعد خروجه من بيته طاهراً متوضئاً ذاكراً ، وقد أصابته الرصاصة وهو يقرأ أذكار الصباح .. فلم ينطق لمن كان راكباً معه في السيارة إلا بقوله : أُصبت، ثم نطق الشهادة كاملة، وهو مُشير بسبابته ولم يتكلم بعدها.
 
نسأل الله عزَّ وجل أن يتقبَّله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، ومع الذين يُحبهم أشد المحبة ؛ الصحابة رضوان الله عليهم، حيث أنه قبل استشهاده بيومين كان يتحدّث عن الصحابة، ودعا بهذه الدعوات : اللهم إنِّي أحبُّ صحابة نبيِّك ، اللهمَّ احشرني معهم، اللهمَّ إن كنتُ لست أهلاً لذلك فاحشرني معهم بمحبتي الصادقة لهم.