كلمات في رثاء الأستاذ إبراهيم محمد جلال أبو جلال (1)

كتب الأخ أحمد سعود:

نستودعك الله أبا جلال...

كنت ركنا ركينا، وظلا ظليلا يفيئ إليه السوريون المهاجرون في الثمانينيات بمكة، فيأنسون إلى أحاديثك الدعوية العذبة، وضيوفك من أهل الدعوة والفضل يتقاطرون إلى لقائك تقاطر الطيور إلى أشكالها بذلا وتضحية وصفاء وعطاء وولاء ووفاء..

وكنت في الركاب أفد إلى متجرك بشكل متواصل، فإذا شغلني شاغل عاتبت بلطف، وكان عتابك وسؤالك أحب إلى قلبي من سواه..

كنت تحب أن تقتطف لنا من روائع الظلال، وأشعار محمد إقبال، وعرفتني شابا على وحيد الدين خان، وكنت أجدّد همّ الدعوة والأفكار والإشراقات الروحية بين يديك.

كان منزلك منزل دعوة، قبلة للسوريين والسوريات، وكانت زوجك أم ظلال حفظها الله تنفح أخواتنا وزوجاتنا بزاد من التقوى والعطاء لم يزالوا ينهلون من بركاته، ويمضون في سبيلهم على بصيرة من قبساته..

وكنت أبا جلال الغائب الحاضر منذ اعتكفت عنا في العقد الأخير لشيخوختك، فلا أذكرك إلا بصورتك الفتية المملوءة عزيمة، المشرقة أملا، الفياضة حبا، الذاخرة بمعاني الصبر والاحتساب..

رحم الله وتقبّل الشهيدين الذين سبقاك إلى علياء الفردوس إن شاء الله، وشفعهما فيك وفي أحبابك، وكتب لك أجر الصابرين الذين يوفون أجرهم بغير حساب، وكتب لك نزل الشهداء بما قضيته مهاجرا غريبا، وتقبّل منك جهدك واجتهادك وجهادك..

وأعظم الله أجرنا فيك، وأخلفنا بك خيرا..

هنيئا لك أن واراك صعيد مكة الذي أحببت بجوار قبر أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، وصلي عليك في المسجد الحرام الذي ما انقطعت عن عمارته مذ هاجرت إليه قبل نيف وأربعين سنة، وكانت الصلاة عليك في يوم مشهود بعد صلاة الجمعة، وإني لأحسبك عاجل بشراك تقبلك الله وأكرم مثواك.

عزاؤنا لآل الشيخ أبي جلال، ولزوجه الداعية المعطاء أم ظلال، ولكل أحبابه في حلب وإدلب ومكة وفي كل مكان.

إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا على فراقك يا أبا جلال لمحزونون. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

أحمد سعود

وكتب الأستاذ مجد مكي:

رحم اللَّه أستاذنا المفضال الداعية المخلص والد الشهيدين الأستاذ إبراهيم محمد جلال الذي وافاه أجله بمكة المكرمة ليلة أمس الجمعة 25 من جمادى الآخرة 1443 الموافق 28/1/2022، وصلي عليه اليوم بعد صلاة الجمعة في الحرم المكي الشريف، ودفن في مقبرة المعلاة.

أعرف أستاذنا الكريم في حلب في السبعينيَّات الميلاديَّة، وكان شعلة نشاط، وشاركت معه في إحدى حفلات المولد في جامع عمر سالم بحلب.

وتعرفت على ابنيه الكريمين الشهيدين: جلال وعبد الحكيم رحمهما اللَّه.

كان الأخ جلال موهبة فريدة متألقة في الخطابة والتمثيل الهادف، وساهم مع الأخ الشاعر سلبم زنجير في إنشاء المسرح الإسلامي، وأما عبد الحكيم فقد كان آية في الحفظ والمطالعة، والهدوء والحكمة ، وكم كان يتوق أن يلحق بأبيه في مكة المكرمة، ولكنه اعتقل مع أخيه جلال، وحظيا بالشهادة في سبيل الله. كما اعتقل ابنه الصغير محمد اقبال جلال وهو في المرحلة الإعدادية وبقي أكثر من خمسة عشر عامًا.

تجدَّدت صلتي بالأستاذ أبي جلال في مكة المكرمة لمَّا أقمت فيها، وكان حفيًّا بإخوانه مضيافا، لا يخلو بيته من ضيوف ومجالس علمية ودعوية، وتقوم زوجته الفاضلة السيدة أمينة شيخة (أم ظلال) بإعداد الطعام إكرام الضيوف، مع قيامها بأعباء التدريس في جامعة ام القرى، ومجالس الدعوة والتربية.

وللأستاذ أبي جلال نشاطٌ دعوي وتربوي وحضور اجتماعي كبير .

وكان حفيًا جدًّا بكتب الدعاة الكبار والمفكرين المعروفين بمنهجهم الوسطي،

ويوصي بهذه الكتب ويستحضرها ويهديها لإخوانه:

آدم عليه السلام، للبهي الخولي.

الصراع بين الاسلام والمادية في سورة الكهف، للشيخ أبي الحسن الندوي.

ملامح الانقلاب الاسلامي في عهد عمر بن عبد العزيز، للدكتور عماد الدين خليل .

وكان يحج كل عام، وقد صحبته في عدد من حجاته،إحداها مع السيدة الوالدة وأخي محمد فهد.

وكان حريصًا على الصلاة في الحرم المكي، لا يغيب عن صلاة الجماعة وحضور مجالس العلم والدعوة.

لما رزقني اللَّه مولودي الاول احمد أهداني كبشين، وتولى امر العقيقة، ودعونا لها عددا كبيرا من إخواننا وأهلنا ومشايخنا، ومنهم الشّيخ عبد اللَّه علوان ، والشيخ عدنان السرميني..

وكان يشجع إخوانه على الدعوة والعلم، ويبث فيهم روح الأمل، ويحضر مجالسهم ويستمع لهم يثني عليهم...

كان آخر لقاء معه في عرس ابني الحبيب موفق ... وقد توّجت هذه المحبة الخالصة والأخوة الصادقة بزواج حفيده المهندس عمار دقسي من ابنتي الثالثة Noha Makki، وكان زواجًا مباركًا ميمونا بحمد الله .

أصدق التعازي لأسرة الفقيد، ولأصهاره، وأحبابه، وإخوانه.

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وكتب الأخ محمد بشير حداد:

الأستاذ إبراهيم جلال-أبو جلال - في ذمة الله

في مكة المكرمة مساء أمس الخميس ٢٢/جمادى الآخرة /١٤٤٣ الموافق ٢٧/ كانون الثاني-يناير-/٢٠٢٢ انتقل لجوار ربه الكريم الأستاذ إبراهيم جلال أبو جلال والد الشهداء جلال وعبد الحكيم ، والذي جاور في مكة المكرمة بعد هجرته من حلب قبل ٤٣ عاما ، عرفناه دوما مشغولا بالدعوة إلى الله ورأينا فيه الفطرة الصافية والإخلاص الدافق والكرم المتكامل !وطيب التعامل،

كان معظما للجوار في مكة المكرمة فلا تراه إلا في الحرم المكي الشريف قائما يصلي ويتبتل أو طائفا أو ذاكرا أو تاليا للقرآن الكريم متدبرا ،

عف اللسان سليم الصدر.

في هجرتنا إلى مكة المكرمة عام ١٤٠٠ وقد سبقنا كان شهما وفيا يبذل جهده في تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والإيماني للمهاجرين.

اللهم تقبله في المهاجرين والصالحين واجزه خيرا عما قدم، وثبتنا على الحق والهدى والرشاد ولا تفتنا بعده ولا تحرمنا أجره واغفر لنا وله، أكرمنا بحسن الختام.

أتقدم بأحر التعازي لأسرته جميعا ولأحبابه ورفاق دربه، سائلا المولى أن يلهم الجميع الصبر والسلوان.

إنا لله وإنا إليه راجعون.

د.محمد بشير حداد