في وداع شيخنا العلامة المفسر العالم الصالح الرباني القرآني الموسوعي صلاح عبد الفتاح الخالدي

إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع على فراق شيخنا الحبيب

وإنا لله وإنا إليه راجعون

انتقل إلى جوار ربه شيخي وحبيب قلبي العلامة المفسر العالم الصالح الرباني القرآني الموسوعي الدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي الذي قضى عمره في صحبة القرآن تلاوة وتدبرا وتأليفا وتدريسا وتطبيقا.

كان شيخنا لا يجد لذة أحلى ولا أغلى من ساعة يقضيها مع القرآن الكريم، تلاوة وتدبرا وتأملا، يستخرج كنوزه ودرره، وعبره ومواعظه .. فهذه الساعات عنده من أغلاها، والأوقات واللحظات من أحلاها.. كيف لا تكون كذلك وهو أكثر من سمعته يردد مقولة الإمام الشهيد سيد قطب رحمه الله تعالى: (الحياة في ظلال القرآن نعمة، نعمة لا يعرفها إلا من ذاقها، نعمة ترفع العمر وتباركه، ولقد من الله علي بالحياة في ظلال القرآن فذقت ما لم أذق قط في حياتي). ومنه عرفتها وحفظتها.

صحبت شيخنا المبارك سنوات طويلة -بفضل الله- وقرأت عليه في التفسير وعلوم القرآن واللغة والعقيدة والحديث.. وقرأت غالب -إن لم يكن كل- ما أنتجه والفه.. بحمد الله تعالى ..

الله يشهد أني أحببت شيخنا الخالدي حبا كبيرا .. فكان مثالا وقدوة لي.. أسبغ الله عليه شآبيب رحماته ورضوانه.

رافقت شيخنا الحبيب في الحضر والسفر، فما وجدته إلا شخصية مفعمة بالحب والتسامح، مشرقة بالخصال الحميدة، والسجايا العطرة، والأخلاق النبيلة، دائم البشر، سمح المحيا، سليم القلب، ابتسامته لا تفارقه عند حديثه لجليسه، رجل طبع على الوفاء، وحفظ المعروف، كان أكثر ما يميزه صفة التواضع وهضم النفس..

منه حفظت قول الشاعر :

مَلأَى السنابل تنحي بتواضع ... و الفارغاتُ رؤوسُهن شوامخُ

كان يوصينا بالتواضع ويردد على مسامعنا في جلساته، قوله الأثير:(إذا صغر الإنسان في عين نفسه، كبر في أعين الناس، وإذا كبر في عين نفسه، صغر في أعين الناس!)

وكم كان يبغض التكبر والمتكبرين، ويشبه المتكبر بالطاووس المنتفش!.

من شيم شيخنا العطرة التي تميز بها كذلك الحلم والأناة، ودماثة الخلق وحفظ اللسان، وسعة صدره وخاصة مع مخالفيه..

رحم الله شيخنا الحبيب فقد كان زاهدا في الدنيا مدبرا عنها، لا يتطلع إلى ملذاتها، مقبلا على الآخرة ..

رحم الله شيخنا كان حريصا على اغتنام وقته، منه تعلمنا قيمة الوقت وحسن الانتفاع به،و الانضباط والالتزام بالموعد في وقته المحدد!

رحم الله شيخنا الحبيب كان غني النفس قنوع، منه تعلمت وحفظت قول الإمام الشافعي:

أَمَتُّ مَطامِعي فَأَرَحتُ نَفسي=فَإِنَّ النَفسَ ما طَمِعَت تَهونُ

وَأَحيَيتُ القُنوعَ وَكانَ مَيِّتاً=فَفي إِحيائِهِ عِرضٌ مَصونُ

إِذا طَمَعٌ يَحِنُّ بِقَلبِ عَبدٍ=عَلَتهُ مَهانَةٌ وَعَلاهُ هونُ

هكذا كان يردد إذا أكثرنا أمامه من ذكر ما يتفاخر به أصحاب التنفيعات والترفيعات من بعض أساتذة الجامعات ..

رحم الله شيخنا الحبيب كان دائب الحركة والنشاط، يعيش دوما في دعوته ولدعوته، فقد أدرك مسؤوليته العلمية وقدر أمانة العلم التي أكرمه الله بحملها، فكان نعم المعلم والمربي.

رحم الله شيخنا الحبيب رحمة واسعة وتقبله في عليين وحشره في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.. اللهم آمين

#صلاح_الخالدي