(قدّمنا النهي تقديما لدرء المفاسد، ولأن التخلية قبل التحلية.)
1. لا تقل: هذا أمر مُلْفِتٌ للنظر.
وقل: لافتٌ للنظر. من الفعل (لفَتَ) الثلاثي. فليس في اللغة صيغة (ألفَتَ يُلفِتُ) وعليه فليس فيها (مُلفِت)
2. لا تقل: ومن ثُمّ فإن الأمر كذا...
وقل: ومن ثَمّ فإنّ....
فإنّ المفتوحة للظرف، والمضمومة للعطف. ولا موضع للعطف في مثل هذا السياق.
3. لا تقل: فلان مستهتِر بالأمور....
وقل: ...غير مكترث. غير آبهٍ. ونحو ذلك.
فإن الأول استعمال غير صحيح مبنى ولا معنى.
أما المبنى فإنه لا يقال إلا: مُستهتَر. على صيغة اسم المفعول. لأن الفعل منه لا يأتي إلا مبنيا للمجهول.
قال المجد في قاموسه: وقد استُهتِرَ بكذا، على ما لم يُسَمَّ فاعله. اهـ.
وأما من حيث المعنى فإنها تأتي الفصيح على عكس استعمالها المتداول على ألسنة الناس. فإن المستهتَر بالشيء هو المولَع به لا يبالي بما قيل فيه أو شُتِم له. كذا في القاموس.
وشتان بين المُولَع بالشيء، وبيْن غير المكترث به.
4. لا تقل مثلا: ناهيك عن أن له فوائد أخرى...
وقل: فضلا عن أن له فوائد أخرى... أو كلمة نحوها.
فإن الأول استعمال غير صحيح. لأن النهي المتعدي بـ "عن" معناه طلب الكف عن الشيء المنهي عنه.
ولا موضع لهذا المعنى هنا.
وأما الاستعمال الصحيح، فإن "ناهيك" تأتي بمعنى "حسبُك" أو "يكفيك" ولكنها تكون متعدية بغير "عن"
تقول مثلا: فلان ناهيك من رجل. وناهيك به. ونهيُك منه. ونهاك منه. كلها بمعنى "حَسْبُ"
5. لا تقل: لقَوا مصرعهم...
وقل: لقُوا.....
فإنه لا يُفتَح ما قبل واو الجماعة في الفعل المتصل بها إلا إذا كان المحذوف لأجل ذلك الاتصال ألِفا.
والمحذوف هنا ياء.
تقول في لَقِي: لقُوا...
وفي يَلقى: يَلقَون....
6. لا تقل: كنتُ متواجدا في الموعد...
وقل: كنتُ موجودا...
فإن الأُولى من الوَجد. وهو المحبة أو الحزن.
يقال: تواجدَ فلان: إذا أرى من نفسه الوجد. كذا في أساس البلاغة.
7. لا تقل: استبدلنا القديم بالجديد...
وقل: استبدلنا الجديد بالقديم...
فإن باء الاستبدال والتبدّل تدخل على المتروك.
قال تعالى: (..قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ...) [سورة البقرة 61]
وقال: (...وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) [سورة البقرة 108]
8. لا تقل: فلان يُقري الضيف..
وقل: ...يَقري الضيف... لأن ماضيها ثلاثي. يقال: قرى الضيفَ يَقريه: إذا أضافه، وفي الصحيح في قصة بدء الوحي. قالت خديجة رضي الله عنها: إنك لَتصلُ الرحم.... وتَقري الضيف...
وأما الرباعي منه "أقرى" فمعناه: طلبَ الضيفُ القِرى.
قال في القاموس: وأقرى: طلب ضيافة.
9. لا تقل: وطالما الأمر كذلك فإنّ...
وقل: ما دام الأمر كذلك فإنّ... أو: وإذا كان الأمر كذلك فإنّ....
فقد تسرّب إلى كثير من أقلام المعاصرين وألسنتهم استعمال كلمة طالما استعمال الأفعال الناقصة بمعنى "ما دام" فأدخلوها على الجملة الاسمية، وضمّنوها معنى الشرط.
وقد وقفتُ على شيء من ذلك في التعليقات المطبوعة على صحيح البخاري لبعض المعاصرين.
وهو في نظري استعمال عامي بحت، لا يصح في الفصيح.
لأن "طالما" مثل "قلّما" في الحكم والإعراب، وإن كانت عكسها في المعنى.
وكما أن "قلّما" لا تدخل على الجملة الاسمية ولا تطلب الجواب، فكذلك "طالما"
ولم أرها تدخل في الفصيح إلا على الجملة الفعلية.
ففي أرجوزة ابن رواحة رضي الله عنه:
قد طالما قد كنت مطمئنة.
وفي خطبة أبي حمزة الخارجي:
فكم من عين في منقار طير طالما بكى صاحبها....
والشواهد على ذلك لا تحصى.
10. لا تقل: ليس لي دَورٌ في هذا الأمر....
وقل: ليس لي مكان فيه. أو كلمة نحوها.
ولا تقل: عليك ان تقوم بدورك....
وقل: ... أن تقوم بواجبك...
ولا تقل: وجاء دَورُ الأسئلة...
وقل: ... وقت الأسئلة...
ولا تقل: ... أدوار النموّ...
وقل: أطوار النموّ...
ولا تقل: كان له دَورٌ بارز...
وقل: كان له جهد بارز.. أو كلمة نحوها.
فإني لم أجد كلمة "الدَّور" في الفصيح إلا بمعنى "الدَّوران"
فكل موضع لا تستقيم فيه كلمة "دوَران" فلا تصح فيه كلمة "دَور". لأنها بمعناها.
قال الجوهري في الصحاح: ودارَ الشيءُ يدورُ دَورا ودَوَرانا. اهـ
وفي المصباح المنير: دارَ حول البيت يدور دَورا ودَوَرانا: طاف به. اهـ
وقال في المطلع على أبواب الفقه: والدَّور: مصدر دارَ يدور دَورا ودَوَرانا. إذا طاف الشيء بالشيء من جميع جهاته. اهـ.
والله أعلم.
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول