فقه
العيش المشترك “المواطنة نموذجاً”
العلامة الشيخ د. يوسف عبد الله القرضاوي
التقديم للبحث:
الحديث حول موضوع المواطنة والاندماج بالنسبة للأقليات المسلمة
في أوربة وغيرها، من الأمور ذات الأهمية الكبرى، نظرا لما يثور حول هذه القضية الحسَّاسة
من التباسات، وما يثار من تساؤلات، وما تتعارض به الإجابات، لتعارض الاجتهادات،
واختلاف الدلالات. ولي حول هذا الموضوع كتابات عدة منها الوطن والمواطنة، والحرية
الدينية والتعددية في نظر الإسلام، ومكانة حرية الاعتقاد والفكر والتعبير في
الإسلام، وغير المسلمين في المجتمع المسلم، وفقه الأقليات المسلمة، وغير ذلك من
بحوث ومؤلفات، قد أعددتها من قبل، فلا بأس أن نتناول منها بعض ما يناسب المقام.
والأرض أو البلدة، لها حقوق على أهلها: أن يتعاونوا فيما بينهم
على الخير، وأن يتكافلوا في السرَّاء والضرَّاء، وأن يتناصروا إذا دهمهم عدو، يريد
أن يحتلَّ أرضهم، ويفرض سلطانه عليهم بغير إرادتهم.
والإسلام هنا يتماشى مع الفطرة البشرية السليمة، ويوجب على أهل
الأرض المتَّصلة أو المتقاربة: أن يتكافلوا ويتعاونوا ويتناصروا، ويرعى بعضهم حقوق
بعض.
ولذلك فرض الإسلام على أهل البلد الواحد إذا غزاهم عدو أن
يهبُّوا جميعا للدفاع عن بلدهم، ويعتبر أئمة الإسلام هذا الدفاع أو هذا الجهاد أو
هذه المقاومة: فرض عين على أهل البلد، وعلى المسلمين حولهم أن يعاونوهم بما
يحتاجون إليه من مال وسلاح ورجال حسب الحاجة.
ومن هذه الصلات المشتركة، والواجبات المشتركة، والحقوق
المشتركة: نشأت فكرة المواطنة بين أهل البلد الواحد، وإن اختلفت أنسابهم أو
أديانهم.
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول