فتنة البساسيري

فتنة البساسيري

عبد المعين الطلفاح

 

أدى خروج طغرل بك من بغداد لقتال أخيه إبراهيم إلى إفراغها من الحامية السلجوقية؛ فاستغل ذلك الفراغ أبو الحارث البساسيري، أحد قادة بني بويه الأتراك المتشيعين(*)؛ فقام بمراسلة العبيديين (الفاطميين) في مصر -بعد أن اعتنق مذهبهم-؛ لقلب نظام الحكم في بغداد، فأقدم على دخول بغداد، وأسر الخليفة العباسي، وإرغامه على كتابة اعتراف بعدم أحقية بني العباس في الخلافة مع وجود الفاطميين، ثم أرسل الخليفةَ إلى الأنبار، ووضعه تحت الإقامة الجبرية، ودعا للحاكم العبيدي: المستنصر بالله على منابر بغداد والموصل والكوفة، وغيرها من مدن العراق، وأعاد الروافض الأذان في بغداد بحيَّ على خير العمل، وأقدموا على نهب دار الخلافة، وإشاعة الفوضى في بغداد.

أرسل الخليفة العباسي من أسره رسالة إلى طغرل بك جاء فيها: بحق الله أدرك الإسلام فقد ساد العدو اللعين، وأخذ ينشر مذهب القرامطة، ولما فرغ طغرل من القضاء على تمرد أخيه؛ قدم إلى العراق على رأس جيش عظيم، فقضى على فتنة البساسيري فيه، بعد أن قُتل البساسيري، وحمُل رأسه إلى بغداد، وطيف به في شوارعها، وأعيد الخليفة العباسي إلى دار الخلافة في بغداد، وأدرك بعدها السلاجقة خطورة الدعوة الفاطمية على دولتهم؛ فأخذوا يتتبعون آثارها ودعاتها في العراق، حتى طهروه منها، وتفرغوا بعدها لقتال الروم، الذين كانوا قد عاثوا فسادًا في بلاد المسلمين، مستغلين ضعف الخلافة العباسية، وتمكن البويهيين منها.

 

(*) كان البساسيري بداية أمره معظماً للخليفة العباسي، ثم طغى وبغى وتمرد، ينظر: ابن كثير: البداية والنهاية، مصدر سابق، 12/103.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين