عهد وميثاق ...مع الثوار المجاهدين

 بارك الله جهادكم وثبت على طريق الحق أقدامكم ...

أيها الثوار المجاهدون على ثرى سورية الحبيبة ...

نبارك لكم أن أكرمكم الله لتكونوا جنده وأهل خاصته ، تحملون على ثرى الشام المبارك الطهور رايته ، وتنصرون المستضعفين من عباده ..

نبارك لكم انتصاركم العزيز المؤزر في ملحمة حلب الكبرى ، الذي منّ به ربكم ، وصنعته سواعدكم بوحدتكم وتعاونكم وتضحياتكم وصبركم ومصابرتكم . ونسأل الله أن يجعله مفتاحا لنصر يعم البلاد والعباد ويفرج عن الشام محنة قد طالت ، ويرفع عنها بلاء قد شارك في استدامته ودعمه كل الأشرار حول العالم  ..

ثم نسأل الله أن يتقبل شهداءكم ، شهداءنا ، شهداء معركة الحق ضد الباطل ، والصلاح ضد الفساد ، نسأل الله أن يتقبلهم في عليين ، وأن يحشرهم مع النبيين والصديقين والصالحين . وأن يحسن عزاء أهليهم ويسكب الرضا في قلوب ذويهم . وأن يعوض سورية الحبية فيمن تفقد من شبابها ورجالها ونسائها وأطفالها خيرا . كما نسأله تعالى أن يعجل شفاء الجرحى والمصابين إنه سميع قريب مجيب .

أيها الثوار المجاهدون ...

وللقب "الثائر المجاهد "، شروط نص عليها الكتاب ، وحقيقة فصلتها نصوص الشريعة ، وأجملتها مقاصدها . ونص عليها علماء الإسلام في كتبهم الجامعة ؛ لا ينبغي لمسلم صادق متطلع إلى رضوان  من الله أكبر أن يتجاوزها ، أو أن يستهتر ويستخف بها ، أو أن يعرض عنها . وإن في الشام مشيخةَ صدق من أهل التقوى والعلم والفقه ، مجمع على علمهم ، مشهود لهم بورعهم وتقواهم وبقيامهم على أمر هذا الدين بالصدق ؛  لا ينبغي أن تغيب فتواهم عما ينزل بكم من أمر ، أو يستجد عليكم من وقائع، فاتخذوهم مرجعا ، في كل ما يحزبكم من أمر ، وتحتاجون فيه إلى مشورة من قول الله وقول رسوله صلى الله عليه  ..

أيها الثوار المجاهدون ... 

إن لمعركتنا ( معركتكم ) في سورية خصوصياتها التي لا تنكر ، في أكثر من سياق مجمل ومفصل . وفي أكثر من دائرة من دوائر الصراع ، أو مصاف من مصافات الجهاد والقتال . فاتقوا الله في إيمانكم وفي وفي جهادكم وفيما تأتون وتدعون وفي حاضر وطنكم وفي مستقبله، ولا تستهلوا أمرا من الدماء والأعراض والأموال ، ( تحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ) ولا يستخفنكم الذين لا يوقنون ولا يفقهون ولا يعلمون...

أيها الثوار المجاهدون ...

إن في صفوفكم (مقاتلين)  أخيارا طابت نياتهم ، وتأججت عواطفهم ، وتملكتهم الحمية لدينهم ولأهلهم وعرضهم ؛ هم بأمس الحاجة إلى متابعتكم ، وأن تحوطهم بعين رعايتكم فيما يقولون أو يفعلون ، فأنتم الأولى والأدرى بأن سلامة القصد وحسن النية لا يكفيان لإضفاء الشرعية ، واستجلاب نصر الله وتأييده . ورب فرد في صف ، وجندي في جيش يرتكب فيؤتى منه وبسببه الجيش كله ... 

أيها الثوار المجاهدون ...

ذكرناكم بخروجات  وبوادر حسني النوايا ومن الطيبين الأخيار ، وأنتم بمن عداهم لا تحتاجون إلى تحذير وتذكير

ثم إن في صفوف من تقاتلون أفرادا أُخرجوا أو جُندوا مستكرهين ، على غير إرادة منهم ولا علم ولا فقه فاتقوا الله فيهم إذ مكنكم منهم بعد تحقق وتحقيق وتمحيص واعلموا أنهم أبناء أم واب واخ وأخت  ...

وجميل أنكم أنذرتم وحذرتم ولكن البائس من كثير من هؤلاء ينطبق عليه قول العزيز الرحيم ( لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ..) 

 

أيها الثوارالمجاهدون 

ثم اعلموا أن الاندفاع مع الغرائز ، والجريان مع رغبة  النفوس في الانتقام ، تشفي الصدور لحين ، ولكنها لا تبني دولة ، ولا تصنع مجدا ، ولا تترك حسن أثر ، بل ربما تخلف جروحا يصعب شفاؤها ، وإن امتد بها وبأهلها الزمان ... 

أيها الثوار المجاهدون ...

وأنتم تدقون أبواب ما بقي من أحياء حلب ، ونرجو الله أن ييسر لكم تحريرها عن قريب من ربقة المستبدين الفاسدين ، فاحرصوا أن تكونوا بدخولكم إليها كالغائب يرجع إلى أهله ..

فهؤلاء المواطنون الذين ما زالوا يعيشون تحت نير قوات الشر ، هم أهلكم وعشيرتكم وقومكم وشركاء غدكم ، وليس لكم عندهم إلا الحب والود والتقدير ، بل إن الكثير منهم ما زال ينتظركم فلا تخيبوا أملهم فيكم ..

أيها الثوار المجاهدون ..

عهدنا فيكم ومعكم أن  الدار ، كل الدار،  داركم ، وأن الأهل أهلكم ، وأن، الكبير من المواطنين لكم أم وأب ، والموازي لكم أخت وأخ ، والصغير لكم ولد وبنت . بهذا الاعتبار تتحركون وتتصرفون . وإنما خرجتم محررين ولم تخرجوا مستكبرين ، وخرجتم مبشرين ولم تخرجوا منفرين، وخرجتم مذكرين ولم تخرجوا مسيطرين ، وخرجتم مصلحين ولم تخرجوا مفسدين..فاذكروا هذا واحذروا أن تنسوه  

أيها الثوار المجاهدون ...

وشكرُ الانتصار ، والله سبحانه وتعالى يقول ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) ، أن تعرفوا حق الله عليكم في حفظ دماء الناس وأعراضهم وأموالهم . الجهاد والثورة والنصر يوجب عليكم حقوقا ولا يجعل لكم على دماء الناس ولا على أعراضهم وأموالهم سبيلا .

 وقد وقع في تجارب سابقة تجاوزات لا تُرضي الله ولا رسوله  ولا صالح المؤمنين . فلا تجعلوا لأهل الباطل ، وهم حولكم كثر ، عليكم سبيلا . ولا تتركوا لأصحاب الباطل مقالا ، ولا تحرجوا من أحبكم فوالاكم فعقد أمل الصلاح والإصلاح عليكم ...

أيها الثوار المجاهدون : 

" لست بالخب ولا الخب يخدعني " قالها أمير المؤمنين عمر لتكون عنوانا ومنهجا وطريقة . اتقوا الله في الكلمة تقولونها ، وفي الفعل تفعلونه، اتقوا الله ديانة لأن تقوى الله أصل أمرنا ، واتقوا الله سياسة لأن المؤمن يدرك بفطنته  فقه لحظته فيدور في أفق شريعته حيثما تدور ..

وتذكروا : ( كيف إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ) . وكان أولئك منافقين شهد على نفاقهم روح القدس جبريل .

أيها الثوار المجاهدون ...

" اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم "

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين