عزوف الشباب عن الزواج في المحرر.. خطر يهدد المجتمع

(الزواج أولاً)، كلمةٌ نراها جديرةً بالصدارة هنا، إذ لولا الزواج لمَا كان للبشر أن ينتشروا في الأرض ويعمروها.

يعرف الزواج في الإسلام على أنه ميثاق تراضٍ ورابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام، غايته الإحصان والعفاف لكلا الطرفين، وإنشاء أسرة مستقرة بين الطرفين قوامها المحبة والألفة والسعادة والعيش المشترك ومواجهة جميع مواقف الحياة خيرها وشرها.

لكن بعد اندلاع الثورة في سورية وجد الشباب أنفسهم أمام معوقات أكبر من الأمور الروتينية للزواج، فوحشية النظام أودت بحياة الآلاف منهم، وجعلت بعضهم معوقين وذوي احتياجات خاصة، والغالبية من الشباب إما هاجر خوفًا من بطش النظام، وإما قابع في ظلمات السجون يتلقون صنوفًا شتى من العذاب.

لمتابعة كل جديد اشترك في قناة صحيفة حبر على تلغرام اضغط هنا

هذه الأسباب وغيرها دفعت بالشباب إلى العزوف عن فكرة الزواج، وسط تنامي هذه الظاهرة بشكل مخيف وكبير إلى حد ما، وذلك لارتفاع زيادة نسبة العنوسة في المحرر، وهذه الظاهرة يجب الوقوف عندها والتنبيه لخطر العزوف عن الزواج.

أسباب اقتصادية

الشاب (عبد الغفور زيدان) نازح من منطقة كفرنبل عمره 27عامًا، يبدأ كلامه معلّلًا تأخره عن الزواج بأنه يعود لأسباب اقتصادية بحتة متعددة وهي غلاء المهور المبالغ فيها من قبل الأهالي، والطلبات المتزايدة التي تثقل كاهل الشاب المقبل على الزواج، وعدم توفر فرص العمل الملائمة التي تؤهله للزواج، وغلاء أسعار إيجار البيوت التي بحد ذاتها كارثة على الشاب المقبل على الزواج.”

الخوف من المصير المجهول

يضيف (خالد الأحمد) شاب نازح من منطقة خان شيخون، أن “أحد أبرز الأسباب هي خوف الشباب من مصير مجهول يكتنف المستقبل، لا سيما في المناطق المحررة التي تحيط بها قوات النظام من كل حدب وصوب وتريد الانقضاض عليها، ولا ندري ما هو مصيرنا ومصير المنطقة، هل ستبقى كما هي أم أن النظام سيجتاحها؟ أم أنها ستصبح منطقة تركية؟! المصير مجهول، والله وحده أعلم.” ويعلِّق مازحًا: “أنا لحالي بطفش وين ما بدي، أما علّق حالي مع بنات الناس صعبة كتير.”

عدم الرغبة في تحمل المسؤولية

الكثير من الشباب يعدون الدخول في قفص الزوجية مسؤولية كبيرة والتزام يتحتم عليهم تحمل مسؤوليتهم، فيجدون في ذلك حملاً ثقيلًا لا يرغبون في تحمله، فثمة من الشباب من تجاوز الأربعين والخمسين من عمره دون زواج لهذا السبب.

اقرأ أيضاً: أردوغان وبوتين يبحثان الملف السوري خلال مكالمة هاتفية

شروط تعجيزية لدى الفتيات وحجج واهية

تضع بعض الفتيات شروطًا تعجيزية أحيانًا للارتباط بشاب معين، كأن تشترط بيت لوحدها وسيارة وفرصة عمل تعود بمردود كبير، وعدم قدرتها على العيش مع أهل الشاب ولو في منزل مستقل، الأمر الذي يجعل الشاب محبطًا، فيصرف النظر عن الموضوع.

والبعض الآخر من الفتيات تريد أن تحقق ذاتها برغبتها في إكمال مسيرتها الدراسية، وأنها لن تتزوج قبل الانتهاء من دراستها، وذلك أيضًا يشكل إحباطًا كبيرًا للشاب المندفع للزواج.

إن عزوف الشباب عن الزواج من القضايا الاجتماعية المهمة جدًا في مجتمعنا، إذ أصبحت هذه الظاهرة تؤرقنا جميعًا لِما لها من آثار سلبية وأضرار كبيرة على مجتمعنا، لا سيما ارتفاع العنوسة وانتشار الحرام، ولابد من الوقوف أكثر على هذه المشكلة والبحث فيها بشكل عميق للوصول إلى حلٍّ يوافق رغبات الشاب وتطلعات الفتيات وأهلنَّ وتيسير أمور الزواج من قبل الأهالي، وتشجيع الشباب على الإقدام على الزواج.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين