عبد الله علوان شيخ دعاة حلب

 

 

( كلمات في الذكرى الثلاثين لرحيل فارس منابر الشام )

 

أبا سعد وللذكرى شجون 

     هيّج في مشاعرنا الحنينا 

فذكراكم هنا في الخالدينا 

       حلت عن الديار وأنت فينا 

     

 

أبو سعيد علوان مجموعة دعاة في شخص واحد :

هو عالم ومفكر وداعية ، 

موجه ومعلم وواعظ ، همة عالية ، ابتسامة مشرقة ، جريء في الحق لا يخاف في الله لومة لائم ..

لا يهمه التهديد أو الوعيد من أعداء الإسلام .

 

كان مدرسة تربوية، وعلما من أعلام الدعوة .. تصدى للرئيس الهالك ورفع صوته في عرينه في القصر الجمهوري .

عُرضت عليه المناصب فرفض أن يهادن الظلمة  !!!

 

أبو سعد ولا أزكيه على الله عالم أزهري محقق :

اقرأ كتابه تربية الأولاد في الإسلام تجد علما وافرا ، وأحاديث محققة ، وآيات مرقمة ، وأساليب تربوية

 

هو واحد من تلاميذ الإمام حسن البنا ، درس في الأزهر مع رفيق دربه في العلم والدعوة محمد علي الصابوني خادم السنة والفقه والتفسير حفظه المولى .

 

أبو سعيد أزهري مجاهد وقف بكل جرأة في وجه العبد الخاسر وقاد المظاهرات في قلب القاهرة فقبض عليه وسجن  واعتقل مع إخوانه المصريين أبناء الدعوة سنة ١٩٥٤وأخرجه الهالك من مصر مكبلا بالقيود ..

ولم تسمح له حكومة مصر إن يكمل دراساته العليا ؟؟؟

 

تابع جهاده في حلب واتخذ عرينا له جامع عمر بن عبد العزيز ..

في هذا المسجد ربى آلاف الشباب على معاني الله أكبر ولله الحمد ، فتصدى للأفكار القومية والمبادىء الإلحادية !!!!

 

إني لأذكر أعواما بصحبته 

   فأنثني ودموع العين كالنهر 

عرفته فعرفت الفضل شيمته 

عفّ الضمير سديد الرآي والنظر 

الصبر شيمته والحمد عادته 

  والشكر معقله والنفس في خبر

 

صدر لي الأمر منه أننا سنزور دمشق في رحلة دعوية ، وللعلم علوان  كلفته القيادة الإسلامية في سوريا بإدارة النشاط المساجدي وحضرتي معه ، حفلات ، موالد ، إحياء المناسبات الإسلامية ، أي النشاط العلني للجماعة ،

وتركت لغيره النشاط الإسلامي السري ، لأننا نعيش في عصر الظلام لا في عصور الحرية ، 

مثل هذا التنظيم لم يكن في عهد ناظم القدسي ؟؟

أما في عهد الوحدة والحرية والاشتراكية ، عهد الكرباج فنعم  !!! 

وأمة عربية واحدة ، ونكذب وتضحك الدنيا علينا !!! 

وتضيع الجولان ولانعرف كيف !!! ولم ؟؟؟

وتذهب الحمة !!! 

والاحرار رؤوسهم منكسة 

تركوا مالقيصر لقيصر !!! 

وتزحلق جماعة بدوي الجبل إلى الحكم فصرنا نترحم على النباش الأول ، وصرنا نقرأ على الجدران نحن أو نحرق البلد ، وقد صدقوا فهاهم قد حرقوها ودمروها ؟؟؟

 

ذهبنا لدمشق برفقة أبي سعيد وزرنا مسجد الشيخ عبد الكريم الرفاعي ، في هذا المسجد وجدنا حلقة رياضيات، وحلقة علوم ، وحلقة لغة عربية وتقول نفسي : ياهيك المسجد يا بلا ، عصافير الجنة تزقزق هنا وأمثالهم في المواخير والكباريهات ؟؟

 

ويحق للشيخ أسامة الرفاعي أن يقول وهو الصادق الصدوق :

أولئك أبائي فجئني بمثلهم 

هؤلاء وأمثالهم في حلب وحمص والزبداني وداريا وادلب وحماة والدير أصبحوا إرهابيين !!! 

والشيوخ المرتزقة يقولون آمين ؟؟؟ لا بارك الله فيهم .

 

زرنا البوطي ولاتخلطوا بين سعيد رمضان المصري والسوري 

ذاك سماء وهذا أرض جدباء !!!!

وأهدانا الرجل كتابه تحديد النسل ، هذا الرجل أبوه رجل صالح حقا أما هو فشريك في الدم السوري ؟؟

سعيدنا هذا بل شقينا صار عميدا لكلية الشريعة في غفلة من الزمان ، وحاول إخراج الشيخ إبراهيم السليقيني سليل الأولياء والصالحين من الجامعة بسبب الحقد الأعمى وإرضاء السلاطين ولو بسخط المولى ؟؟؟

وقد غضب عليه وأغضب عليه كل من يعرفه ، وأنا لا أدعو عليه فإن هناك إله يحاسبه ، ولاحول ولا قوة إلا بالله من شيوخ السلاطين ؟؟؟

 

وطلب مني أبو سعيد أن نفتش لنا عن غرفة في فندق قريب من باب الجابية في دمشق ، كلّت قدمي وأنا أفتش عن غرفة واحدة ، وأخيرا وجدت غرفة ينام فيها معنا شخص واحد فقط ، وافق أبو سعد على مضض !!!!

وفي الصباح قال لي هذا النائم معنا ما تركني أنام من شخيره ، وخجلت أن أقول له الشخير مني !!!

 

قال شيخنا وأميرنا أنا وهو ( أبو عابد رحمه الله ) اذهبوا إلى عمان في رحلة دعوية ، وقدّم المنهدس أحمد عبد الهادي العثمان سيارته البيجو لتوصلنا إلى عمّان مررنا على أريحا أخذنا معنا منشد الدعوة الشيخ أحمد البربور ، وعلى بركات الله سرنا ، نزلنا ضيوفا في نادي اليرموك التابع لجماعة الله أكبر ولله الحمد ، زرنا مركز الجماعة وفندق الأردن حيث التقينا مع وزير سوريا وسفيرها في الباكستان عمر بهاء الأميري ودعانا إلى محاضرة له في الزرقاء حضرنا الحفل ، طلبت من عريف الحفل تقديم الشيخ البربور فأبدع وطرُب الضباط الكبار حين أنشد :

شباب الجيل للإسلام عودوا 

  فأنتم روحه وبكم يسود

وأنتم سر نهضته قديما    

وأنتم فجره الزاهي الجديد

 

في البدروسية أقامت لنا الجماعة مخيما كشفيا تربويا دعويا بقيادة أبي سعد ، وكان من أعضائه الأستاذ فاروق بطل ، وزارنا فيه الشيخ الجليل أحمد القلاش قضينا الأيام متفرغين للعبادة والدعوة ، 

وماأجمل صلاة الجماعة في صف طويل يضم رجال الأعمال في حلب وتجار حلب وجماعة الشيخ محمد النبهان وجماعة الشيخ عبد القادر عيسى ونحن جماعة الشيخ علوان رحمهم الله .

 

حضر رحمه الله معسكر الجماعة في اللاذقية عند مصبّ النهر الكبير وحاضر فارس المنابر محاضرة عظيمة على ضوء القمر وبجانب البحر وقد استمع إليه القياديان الشيخ مصطفى السباعي وعمر الاميري رحمهما المولى .

 

عطر الله ذكرى تلك الأيام الخالدة ، وخاصة أيام البدروسية عندما كانت جزءا من وطننا العزيز ، لكن الحزب الخاين طمس كل معالم الإيمان ومظاهر الحرية في هذا الوطن المنكوب به وبأمثاله من الشيوعيين والملحدين !!!

 

أبو سعيد في عرينه في جامع عمر بن عبد العزيز ، والمسجد يغص بالشباب لحضور محاضرة لشيخ الدعوة سعيد حوى رحمه المولى ، وتأخر الحوى وتأخر لظروف أمنية قاهرة ، فما كان من أبي سعيد إلا أن قدمني محاضرا بديلا عنه ، فاصطكت ركبي هلعا فأين الثرى من ذاك الثريا ، وفتح الله عليّ ولله الحمد .

 

أبو سعيد ولا أقول أبو سعد فذاك أبوه ، والأب قدّم للدعوة بطلا يشار إليه بالبنيان .

بعد عودته من دمشق ووقوفه في وجه الطاغوت الأب بعنفوان ورأس مرفوع وصوت جهور ، اختفى من حلب الصوت الداوي وجندت الموساد الآلاف للبحث عنه ، واستشهد ولده سعد ، واعتقل العشرات من الأقارب ، وأخُذ تلميذه العظيم أحمد فيصل أين العلوان !!! 

قال : لا أدري ؟؟

نفخوه من دبره بمناخ كهربائي مزق الأمعاء ومات شهيدا تقبله الله !!!!

عمل وحشي لايصدر إلا عن وحوش !!!!

ولا مثيل له في كل دول العالم حتى عند التتر والمغول وهولاكو ، رحم الله الشهيد أحمد فيصل .

 

أبو سعيد شيخ الكرم في حلب ، دعانا إلى مائدة غداء وهو مشهور بهذه الدعوات لإخوانه وخاصة الغرباء عن حلب 

غداء يكسر العين والظهر ولو حضر حاتم طيء لخجل أن يقال له أنت كريم !!!

 

طلبت من أبي سعيد أن أزور مكتبته وأنا هوايتي التقليب في الكتب ومعرفة محتواها ، وجاء الليل وأنا غارق في مكتبة الشيخ ، انتصف الليل ، جعت ، هل أوقظ الشيخ من نومه وأسبب لأهله الإزعاج ؟؟؟

خرجت إلى سطح الدار فوجدت صواني مغطاة بالشاش الأبيض ، قلت كما قال الفيلسوف وجدتها ، وجدت ضالتي صواني مربى المشمش ، خلعت حذائي حتى لا أوقظ الشيخ ، وكشفت عن الصينية الأولى مشمش شكر برا . اللهم صل على النبي ، آكل المشمسة وأرمي العجوة إلى الشارع ، وانتقلت إلى صينية ثانية وثالثة وانفتحت شهيتي ، ومحروم وقع في كروم ، وأعدت كل شيء إلى وضعه الصحيح، ثم تظاهرت بالنوم عندما جاء الشيخ ليوقظني لصلاة الفجر ، بعد أيام جاءت أم سعد تتفقد الصواني ، فصرخت يا أبا سعد جاءنا حرامي أكل المربى !!!!

قال ما في غير الشيخ حسن ، لكن رشانا بسطل لبن الباب فاستري الأمر سترك الله ، لكن أبا سعيد يحكي تلك النكتة في كل مجالسه في دمشق وحلب وجدة وعمان رحمه الله .

 

وختاما عندما كنا في البدروسية جاءتني سيارة خاصة لتحملني أنا والعائلة إلى حلب فالباب قال أبو سعيد : سأرسل معك الزوجة أم سعد بشرط أن لا ترف عينك عليها ، قلت: سآضع على عيني عصابة سوداء وسآقسم لك أني سأنفذ قوله تعالى: ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم  ) وأوصلت السيدة الجليلة إلى بيتها ، البيت الذي أكلت لها فيه مربى المشمش

 

زارني في نجران ركب معي في سيارتي فقال ضاحكا : أوصي؟؟؟ 

فقيادتي جلب !!!

 

أما كلمات سلطان العلماء أبي سعيد في مسجد الصديق بالباب فلها وقت آخر ، إن كان في العمر بقية .

 

مات ولده شهيدا فما اهتز ولا انتحب ، وغادر البلاد بعد أن كان صوت الحق الهادر في حلب ، حين دخل على مدير المخابرات في حلب قال له نعم أنا الأب الروحي للشباب ، وبعد أن كتب كتابه ( حتى يعلم الشباب )

 

سافر رحمه الله رحمة واسعة تليق بنشاطه وجهوده في خدمة هذا الدين ، ودُس له السُّم من دعاة القومية العربية من أصحاب الرسالة الخالدة ، من المجرمين أيا كانوا من السهل أو الجبل ، توفي سنة ١٤٠٨ ودفن في مكة المكرمة  .

 

( أخا الإسلام كنت أخا كريما 

       عند مصابنا قلبا حنونا 

رمتك سهام دهرك بالرزايا

      كنت من التقاة الصابرينا 

خرجتم في البلاد مهاجرينا

       هذه سُنَّة في الأوليانا 

ونافحتم عن الإسلام دهرا 

      صنتم عرضه .. لغة ودينا 

وإن ركنت إلى الدنيا دعاةٌ

    أنت من الدعاة العاملينا )

الشاعر محمد حكمت وليد .

 

وياهنأة من قرأ : تربية الأولاد في الإسلام، وثقافة الداعية

 

من أقواله رحمه الله :

( يامسلمون ، انهجوا نهج نبيكم في التضحية ، وسيروا سير آبائكم في الجهاد  ، حذار من التراجع ، فالتراجع في دينكم هزيمة ، لا يرهبكم تهديد ولا وعيد ، لا تهولنكم الصواعق والرعود ، امضوا على بركة الله ، فإنها احدى الحسنين : 

إما نصر لتعيدوا أعزاء ، وإما قتل لتموتوا شهداء )

 

حياك الله أبا سعد الشهيد ، وآبا سعيد الأب العظيم صاحب المكرمات ، وجيه كبير من وجهاء حلب .

 

حلب المنكوبة المحاصرة والمغتصبة من عدوان ثلاثي بل سداسي من أحفاد القرامطة وإيران المجوسية ولبنان الشيعية ومليشات العراق والطيران الروسي .

 

نصرك اللهم الذي وعدت به المؤمنين ، اللهم صبّ غضبك على من ذبحوا العباد ودمروا البلاد

 

صدقت ربنا وأنت القائل ( وأملي لهم إن كيدي متين ) 

فرجك ياصاحب الكيد المتين ، ياجبار السموات والأرض

 

والله أكبر والعاقبة للتقوى 

ونصرك ياقدير