صلاح الدين الأيوبي وامرأة خُطِفَ وليدها

رجال ومواقف:

صلاح الدين الأيوبي وامرأة خُطِفَ وليدها

حيدر الغدير

 

(1)

السلطان صلاح الدين – أحد رجاله

الرجل: بارك الله فيك يا مولاي السلطان، وجزاك عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.

صلاح الدين: وبارك الله فيك، اللهم اكتب لنا النصر في جهادنا هذا.

الرجل: لقد ساق الله تعالى على يديك يا مولاي السلطان خيراً كثيراً للمسلمين، فطفِقَت ألسنتهم تدعو لك وتثني عليك. حيثما ذهبت سمعت الناس يقولون: اللهم انصر سلطاننا صلاح الدين.

صلاح الدين: بارك الله فيهم، لولا سيوفهم المؤمنة ما كان لصلاح الدين قِبَلٌ بمحاربة هذه الجيوش التي لا تنقطع من هؤلاء الصليبيين.

الرجل: صدقت يا مولاي، لن تمضي سنوات قليلة حتى تكون قد قضيت على معاقل هؤلاء المشركين.

صلاح الدين: بإذن الله.

الرجل: بإذن الله، ويكون لك حتى يوم الدين ثواب تطهير ديار الإسلام، لتعود خالصة لدين الله.

صلاح الدين: لا تنسَ عماد الدين زنكي، ونور الدين محمود، فهما أول من بدأ حركة التطهير هذه، وما أنا إلا رجل وجد قوماً سبقوه فسار على إثرهم.

الرجل: صدقت يا مولاي، بارك الله فيك وفيهما، وفي كل مَنْ حمل سيفاً في سبيل الله ضد هؤلاء الصليبيين.

صلاح الدين: "بعد صمت" هل من جديد في معسكرنا، أو معسكر العدو؟

الرجل: لا شيء يا مولاي، لكنَّ هناك ثلة من مغاويرنا الشجعان يسطون على معسكر العدو كل ليلة، فيقتلون من يقتلون، ويأسرون مَنْ يأسرون، ويغنمون ما يغنمون، حتى بات العدو لا يهدأ له ليل، ولا يطيب له نوم.

صلاح الدين: إنَّ هذا لَعملٌ عظيم. قل لجميع قادة كتائبنا، عليهم أن يزيدوا من اختيار هؤلاء الشجعان الذين يهاجمون العدو كل ليلة، فيقتلون ويأسرون ويغنمون ويحرقون. يجب أن تتلاحق غاراتهم ولا تنقطع قط.

الرجل: أمرُ مولاي.

صلاح الدين: يجب ألّا يقر لهؤلاء قرار، ولا يطيب لهم نومٌ ولا مقام، ولا مأكلٌ ولا مشرب.

الرجل: سأبلغ قادة الفرق بأمرك هذا فوراً.

 

(2)

جنديان من جنود المسلمين

الأول: "في صوت هادئ" ها نحن أولاء نواجه معسكر العدو، علينا أن نكون في غاية الحذر، نهجم كالريح ونختفي كالبرق.

الثاني: "في صوت هادئ" هو ذاك يا أخي.

الأول: بارك الله في سلطاننا صلاح الدين، لقد أحسن في طلبه الإكثار من هذه الغارات.

الثاني: صدقت. فلنزحف بهدوء إلى هذه الخيمة.

  "صوت الزحف"

الأول: فلننتظر الآن قليلاً حتى تغطي الغيمة وجه القمر فلا يرى زحفنا أحد.

  "صمت"

الثاني: ها هو القمر قد اختفى. "وقع أقدام منتظمة"

الأول: وها هو الحارس يروح ويغدو أمام الخيمة. اسمعْ، ازحف أنت من جهة اليمين، وأزحف أنا من جهة اليسار حتى إذا اقتربنا قفزنا عليه معاً.

الثاني: هو ذاك، على بركة الله. "صوت الزحف – وقع أقدام الحارس – صوت وُثُوب"

الأول: حمداً لله، لقد وقع الحارس بين أيدينا، إنَّ يدي على فمه تمنعه من الصراخ، اقتله أنت بسيفك.

الثاني: خذ يا عدو الله. "صمت"

الأول: فلندخل الخيمة الآن. "حركة الدخول"

الثاني: ليس في الخيمة أحد، "صوت طفل يبكي" اللهم إلّا هذا الطفل الذي يبكي.

الأول: فلنهرب به قبل أن يعلم القوم بنا، هيّا بنا.

الثاني: هيّا.

 

(3)

امرأة من معسكر الصليبيين – جندي صليبي

المرأة: "تبكي وتتكلم بصوت حزين" ابني، ابني!.. رُدُّوا إليَّ ابني.. "بكاء".. آه سرقوك يا ابني!.. ردوا لي ولدي.. ولدي.. ولدي!..

الجندي: ماري، هوِّني عليكِ يا ماري.

المرأة: ولدي.. ولدي، رُدُّوا.. عليَّ ولدي.

الجندي: ويحكِ يا ماري!.. وهل نقدر على ردِّه؟

المرأة: نفسي فداؤك يا ابني، أين أنت؟ لو علمتُ مكانك لاقتحمتُ إليك كل الصعاب.

الجندي: إن ابنكِ عند المسلمين.

المرأة: "تبكي" وكيف علمت؟

الجندي: إن غارات المسلمين علينا لا تنقطع ليلاً نهاراً، يأسرون ويقتلون، وقد جاؤوا إلى هذه الخيمة، فقتلوا الحارس وخطفوا الولد وذهبوا.

المرأة: "تبكي" وا حسرتاه!.. كيف أصل إليك يا ولدي!؟

الجندي: "في صوت جاد" اسمعي يا ماري، أتفعلين أي شيء من أجل ولدك؟

المرأة: أقدِّم حياتي من أجله.

الجندي: إذن فاذهبي إلى سلطان المسلمين، صلاح الدين الأيوبي وأخبريه بالأمر، فإنه رحيم القلب.

المرأة: سأذهب إلى معسكر المسلمين، وأطلب مقابلة السلطان ولو كلفني ذلك حياتي.

 

(4)

السلطان صلاح الدين – المرأة – جندي

المرأة: أشكر لك أيها السلطان العظيم أنْ سمحت لي بهذه المقابلة.

صلاح الدين: مرحباً بك، هل لكِ حاجة؟

المرأة: قوم من جندك أغاروا على خيمتنا وخطفوا ولدي، "تبكي" وقد علمتُ أنك رحيم القلب فهل تأمر بردِّهِ لي؟

صلاح الدين: "في صوت حزين" أمَا إنكِ لَمُصابة. "في صوت عالٍ" أيها الجندي.

الجندي: أمرُ مولاي.

صلاح الدين: الطفل الذي خُطِفَ ليلة هذا اليوم، أحضره حالاً ولا تتأخر. إني سأظل واقفاً على قدميَّ حتى تعود.

الجندي: أمرُ مولاي. "صوت خروجه"

صلاح الدين: لا تخافي أيتها المرأة، نحن لا نقتل الأطفال، بل نُعنى بهم ونضعهم في مكان قريب. في الحال سيأتون بولدك المخطوف.

المرأة: شكراً لك أيها السلطان شكراً. لقد صدقوا حين قالوا: إنك رحيم القلب.

صلاح الدين: الرحمة أيتها المرأة من أخلاق الإسلام. "صوت ضجة" ها هو ذا الجندي قد عاد بالولد. "صوت الولد يبكي، وصوت الجندي يدخل"

الجندي: السلام عليك مولاي السلطان، ها هو الولد. "صوت الولد يبكي"

المرأة: "فرِحةً بصوت عالٍ" ولدي.. ولدي، إنه ولدي. "تركض إليه، وتحضنه وتقول" حمداً لله الذي ردَّك إليَّ يا ولدي.

صلاح الدين: ألَكِ حاجةٌ أخرى أيتها المرأة؟

المرأة: لا.. لا.. شكراً جزيلاً أيها السلطان، لقد سمعتُ عنك، لكنَّ الذي شاهدته منك، أعظم بكثير مما سمعت.

*****

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين