أنا معزوم (مدعوّ) عند سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم اللهم صل عليه وسلم..الحمد لله يا ولدي لم أطعمكم انت وإخوتك لقمة حرام...بهذه الكلمات غادر دنيانا الفانية فجر اليوم ٢٠٢٠/٣/٢٣ شيخ المنشدين وعميد المداحين لسيد المرسلين وملك الطرب وصناجة العرب الأستاذ المفن والغريد الفريد عمنا وحبيبنا وصديق والدنا الحاج حسن حفار أبو أديب الذي كان ينشد ويغرد فيطرب القلوب ويشنف الآذان وينتقل بين الألحان بكل اقتدار وإتقان بصوته العذب الرنان وحفظه المتقن للقصائد البديعة والأناشيد الدينية والصوفية والسبعاويات والمواويل والطقاطيق والأدوار وقصائد الغزل واغاني الطرب فأغنانا عن سماع الأغاني الموسيقية ونفحنا بنفحات حب المصطفى عليه الصلاة والسلام وأقام لنا الدليل على أن الطرب لا يشترط أن يصحبه آلات محرمة.
ولد بحلب سنة ١٩٤٣ م ونشأ في عاىلة متدينة متصوفة ودرج في حلق الأذكار التي كانت تجمع بين الذكر والإرشاد والإنشاد من غير دف ولا آلات موسيقية فتعلق قلبه بالفن وشجعه الناس حين سمعوا صوته العذب فأخذ الفن والألحان وتعلم الإنشاد على يد أئمته كعبد القادر حجار وبكري كردي ملحن ومنشد(ابعت لي جواب وطمني)...وصحب الفنان الكبير المنشد والملحن صبري مدلل والمنشد القدير عبد الرؤوف حلاق والمنشد القدير عمر الديربي وكونوا فرقة إنشادية كانت الأولى بحلب واستمرت سنين عددا.. وكان من أصحابه ورفقائه في الإنشاد الفنان المغني صباح فخري حين كان في شبابه الأول منشدا ومؤذنا قبل أن ينحرف إلى الغناء ويختار طريق الشهرة والمال..
أما أبو أديب فقد ثبت على طريق الإنشاد وأنوار إرشاد شيخ مشايخنا العارفين الأولياء: محمد النبهان وعمر البوشي وعبدالله سراج الدين وطاهر خيرالله وأمثال هؤلاء الأكابر العظماء وتمسك بدينه وظل يرفع أذان العصر في الجامع الأموي الكبير بحلب أربعين سنة دون انقطاع أو تزيد إلى أن قامت قيامة حلب وتخرب مسجدها الكبير وقصفت مئذنته الشماء العظيمة ..
وعلاقة عائلتنا آل سالم بالحاج حسن علاقة قديمة تعود إلى أكثر من أربعين عاما وهو الذي أحيا حفلات زفافي وزفاف إخوتي وأبناء أعمامي...
ومن عجائب الأحوال أن عمنا أبا أديب لم يكن متخرجا من المدارس فلم يكن يجيد الكتابة وإن كان يعرف القراءة ولكنه كان فصيحا لا يكاد يلحن ويعود الفضل في ذلك إلى نباهته واجتهاده فقد كان يعرض القصائد على والدي فضيلة الشيخ محمدنبيه سالم فيصححها له ويضبطها بالقلم فيحفظها متقنة على وجهها الصحيح فكان يقول: أنا شيخي الشيخ نبيه...
وكان والدي يبادله حبا بحب ويقول:
إن الشاعر يقول:
ثلاثة تنفي عن القلب الحزن
الماء والخضرة والوجه الحسن
وأنا أضيف رابعا فأقول:
والصوت الحسن من الحاج حسن..
وبعد موت الفنان صبري مدلل سنة ٢٠٠٦ لم يبق في حلب بل في غيرها منشد يضارع أبا أديب حفظا ومعرفة وتمكنا وأداء قويا وصوتا عذبا...وكان محبا لحلب متمسكا بها يطل بيته العربي القديم على قلعتها الشماء ويستمد صلابته من صلابتها فلم يفارق المدينة القديمة إلا مضطرا إلى جانبها الغ بي بعدما أمطرت طائرات بشار الأسد بالبراميل المتفجرة والقذائف جانبها الشرقي..وإن كانت له حفلات قليلة بباريس والبحرين وبيروت صفق له الناس فيها طويلا..
رحمك الله ابا أديب ونور قبرك وأكرم وفادتك وجمعك بحبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي عشت حياتك له مادحا محبا فالمرء مع من أحب و(مداح طه لا يضام) كما كنت تقول.
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول