شيخ المجاهدين الشيخ محمد الحامد

1969 - 1910

- في التاريخ الإسلامي مشايخ كثيرون لايعدون ولايحصون ..

لكن قليلا منهم كانوا عاملين .. 

والأقل منهم كانوا متصدين للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 

وكان من هؤلاء شيخ حماة محمد الحامد .

فقيه حماة وشيخها ومرشدها 

وأحد أعلام المجاهدين في بلاد الشام ومؤسس أول جمعية إسلامية في سوريا باسم ( الإخوان المسلمين )

قمة الورع والتقى كان يسكن دار أبيه ومعه أخوه الشاعر بدر الدين الحامد يقول صادقا مارأيت زوجته ولا أعرف وجهها .

التحق بالمدرسة الخسروية بحلب 928 ثم يمم وجهه شطر مصر وأزهرها وتخصص في القضاء 42 .

والتقى الإمام حسن البنا وصحبه في مصر وتتلمذ على يديه وأخذ منه صدقه وإخلاصه ودابه وكان رفيق رحلته الشيخ مصطفى السباعي الذي قاد الحركة الاسلامية في سوريا بجدارة واخلاص رحمه الله .

ومع احترامه للشيخ السباعي وحبه نقد كتابه ( اشتراكية الاسلام ) بكتاب أسماه 

( نظرات في اشتراكية الاسلام ) مبينا أن لا إشتراكية في الإسلام بل عدالة ورحمة

حمل السلاح في وجه الاستعمار الفرنسي وكان يخطب في حماة وطائرات العدو الفرنسي تقصفها وتلقي بقنابلها على المساجد 

ولمّا استقلت سوريا رفع بنفسه العلم فوق ثكنات الفرنسيين بعد أن رفع الأذان فيها بنفسه .

أراد مشاركة أخاه السباعي في الجهاد في فلسطين لكن علماء حماة منعوه لأنهم رأوا أن بقاءه داعيا أولى من الذهاب .

حارب الانحراف بلسانه وقلمه وحرص على تطبيق الشريعة في جميع شؤون الحياة وشهد له الأعداء قبل الأصدقاء بالانصاف والجرأة والأمانة والورع .

حاضر في المركز العام للجماعة مرة فذهلت من علم يتدفق ولسان يقذف الدرر .

كان قادما من حلب فصدم سائق سيارته في ظلام الليل كلبا ، وصل الشيخ إلى حماة وأرسل إلى عدد من طلابه أطباء البيطرة اذهبوا إلى مكان كذا عالجوا الكلب وهذه همسة إلى لجان حقوق الحيوان في أوربا ليسمعوا نفحة من نفحات عظمة الإسلام.

عندما اعتصم الشهيد مروان حديد في جامع السلطان الذي هدم فوق أهله وسقطت مئذنته كان على رأس وفد من أهل المدينة إلى رئيس البلاد .

وكذلك الأمر توسط عند الحاكم من أجل الداعية الشيخ سعيد حوى ورفاقه فخرجوا مرفوعي الرأس وأقيم للمجاهد منظر الجماعة صاحب كتاب (جند الله ثقافة واخلاقا ) الذي بقي في الزنزانة المنفردة أربع سنوات ونصف وخرج مرفوع الرأس مثقلا بالأمراض ومات في عز الشباب حضرت حفل خروجه من المعتقل في جامع الشيخ محمد الحامد جامع السلطان برفقة الشيخ الحبيب عبد الله علوان أسكنهم المولى فسيح جناته 

وحضر وفد من مدينه الباب وكانت ليلة من ليالي العمر .

أقام شباب الجماعة في حماة معسكر فتوة باللباس الأصفر والبنطال الطويل مرّ الشباب أمام شرفة الشيخ محمد الحامد وهم ينشدون 

هو الحق يحشد أجناده 

ويعتد للموقف الفاصل 

فصفوا الكتائب أساده 

ودكوا به دولة الباطل 

فبكى وبكى وبكى وأبكى .

كان رحمه الله غزير العبرة كثير البكاء ينطبق عليه قول الحق تبارك اسمه :

( إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا )

وكان الحامد شاعرا فصيحا عف اللسان ولايسكت عن مخطئ .. متشدد في الفتوى .. ربى إخوانه على حب الإمام حسن البنا وحب المسلمين وكان يرى أن حسن البنا مجدد قرون وليس مجدد هذا القرن 

وبكى عندما فارق مصر و البنا وقال :

ذبت يامصر مذ عزمت رحيلا 

ولو اسطعت عشت فيك طويلا

يقول عنه زميله الشيخ علي الطنطاوي

كنت أخالف الشيخ الحامد في مسائل الفقه حين يذهب إلى التضيق على الناس وفي أدلة الشرع سعة .

وصحبته إلى مصر فوجدته صاحب نكتة وفي روحه خفة على القلب وفي سلوكه أنس للنفس .

من كتبه رحمه الله :

ردود على أباطيل ونظرات في اشتراكية الإسلام ورسائل كثيرة منها :

حكم الإسلام في الغناء وحكم اللحية في الإسلام.

واقرأ ماكتبه عنه جارنا في نجران الشيخ و الأخ الحبيب عبد الحميد طهماز كتب عن الشيخ محمد الحامد كتابا يوزن بالذهب عنوانه :

( المحامد من حياة المجاهد الشيخ محمد الحامد ) 

و أبدع الأديب الحبيب عبد الله الطنطاوي شيخ أدباء حلب وكتب ( الإمام المجاهد محمد الحامد )

توفي رحمه الله في حماة البطولة حماة الجهاد حماة الفداء سنة 1969 عن ستين سنة على اثر مرض في الكبد لم يمهله طويلا .

ومن عجائبه في مرضه وعلاجه في بيروت أنه لم يكن يقبل أن ينقل إليه دم إلا أن يكون دم رجل صالح ويقول :

( لا أحب أن يخالط دمي إلا دم مؤمن ركع لله وسجد )

رحم الله فقيه حماة وشيخ المجاهدين في بلاد الشام ورحم الشهداء وأسكنهم ربي فسيح جناته في مقعد صدق عند مليك مقتدر .

فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم 

إن التشبه بالرجال فلاح

والله أكبر ولله الحمد .