زوجكِ أمانة.. سعادته ونجاحه بيديك

 
ناصر الشافعي
يشيع الإعتقاد بأنّ الزوجة هي أمانة في عنق زوجها يجب أن يحافظ عليها ويصونها ويوفر لها أسباب الراحة والحياة الكريمة. ومع ما في هذا الإعتقاد من صحة، فإذا دققنا النظر في واقع الحياة الزوجية فإننا نجد صفة (الأمانة) تصدق على وصف الرجل أكثر مما تصدق على المرأة. فالحقيقة أنّ الرجل هو الأمانة في عنق الزوجة؛ وذلك لأن في يدها القدرة على إسعاده أو إشقائه، إنعاش صحته أو تحطيمها، نجاحه في الحياة أو فشله وتدهوره. ولقد قال أحد العظماء: "إنّ وراء كل عظيم إمرأة". وأرجو ألا تستغربي أيتها الأخت هذه الحقيقة التي أسوقها إليك فتقلب مفهومك من زوجة مسيّرة بأمر زوجها ليس لها حول ولا قوة، إلى زوجة تسيّر هي زوجها وتدير حياته كيف تشاء نحو السعادة أو نحو الشقاء، ونحو الإستقرار النفسي الدافئ الظليل أو نحو العواصف الهوجاء التي تتلاعب بنفسيته وتطوح بها في أرجاء الحياة. - قدرات الزوجة أعظم في المصير: لقد حان لحواء أن تعرف أنها هي التي تستطيع صنع سعادتها مع زوجها بيدها، وهي التي تصنع شقاءها معه، وذلك بإسعاد زوجها أو إشقائه اللذين تستطيعهما بحكم قدراتها لكونها ربة البيت والملكة الحاكمة في مملكة البيت الذي يأوى إليه الرجل وينفق عليه ماله ويقضى فيه ثلاثة أرباع حياته ويستمد منه راحته وصحته وإستقراره وسعادته، ومن وراء ذلك ينعكس – أيتها الأخت – وضع زوجك على حياتك أنت، سعادة إذا أسعدته، أو شقاء إذا أشقيته.
إذن؛ فأنتِ السبب إذا كنتِ تعيسة في حياتك الزوجية أيتها الأخت، وأنتِ الظالمة لنفسك وليس زوجك هو الذي يظلمك. فأنتِ لم تحسني إدارة دفة حياته ولم تعملي على إسعاده حتى يسعدك ولم تحاولي أن تكوني في منزلك تلك الوردة الجميلة المنظر الفواحة الأريج رقةً وحناناً ورعايةً وصبراً ونبلاً وتسامحاً ووجهاً باسماً على الدوام مهما عبست ظروف الحياة مع زوجك. كل هذه الصفات من شأنها أن تنير نفس زوجك وتضيء طريقكما إلى السعادة والإستقرار.
- سعادة الزوج ونجاحه بيدك: إنّ سعادة الحياة الزوجية تبدأ من المرأة أيتها الأخت وليس من الرجل؛ لأنّها هي تدير البيت الذي يعش فيه الرجل ويركن إليه ويضع فيه ماله وعرق جبينه.
إذن؛ فالزوج هو أمانة في عنقك وعليك أن تحافظي على راحته وسعادته وصحته. وأنا لا أريد بهذا الحديث أن أبخس حق الرجل في السيادة على البيت وجعله عضواً عادياً في الأسرة مسيَّراً بيد المرأة، فالرجل هو سيد البيت منذ أقدم العصور وله على زوجته حق الطاعة أو التفاهم على الأقل، ولكنني أقصد وضعه في حياته البيتية والمعيشية التي تديرها المرأة، ما يتيح لها قدرات واسعة على إدارة دفة حياته ونفسيته وماله وصحته، ويرينا واقعنا الكثير من حالات سعادة الزوج هذه وأركز على كلمة (صحته) في هذا الحديث، وأعنى بذلك قضية خطيرة أو بالأصح، جريمة خفية ترتكبها كثيرات من الزوجات عن غير قصد، وهي إهمال غذاء الزوج... هذا يحدث كثيراً، وهنالك زوجات يضعن بأنفسهنّ الطعام لأزواجهنّ بغير إكتراث فيقدمن له أي شيء، ناسيات الأصناف الكثيرة التي التهمنها هنّ وأطفالهنّ.. هؤلاء الزوجات هنّ من النوع الذي يفضل أطفاله على الزوج، ناسيات أنّ الرجل وصحته ومستقبله هو أمانة في أعناقهنّ كالطفل تماماً. ولقد قال بعض علماء النفس: "الرجل هو طفل كبير" وهذا يعني تماماً ما أريد تبيينه وإيضاحه في هذا الدرس بأنّ الرجل هو أمانة في عنق المرأة يجب العناية به وغمره بالرعاية والحنان وتوفير السعادة له حتى يسطيع أن ينجح في حياته ويبني مستقبلاً زاهراً سعيداً لأسرته. وإنّ الناحية النفسية أيتها الزوجة لا تقل عن الناحية الصحية في الأهمية، وهذه تكاد تكون المرأة فقط دون غيرها مسؤولة عنها. ففي البيت تهدأ نفسية الرجل إذا استطاعت الزوجة أن تخلصه من ثرثرتها ومن مشاجراته بالتسامح معه وفهمه تماماً ومداراته كالطفل الكبير، بل وفهم وضعه في المجتمع الذي يستدعي هدوء البال وصفاء النفسية لكي يستطيع أن يعمل ويصمد أمام مصاعب العمل أو متاعبه على الأقل، بل ولكي يصل أيضاً بعمله إلى مرحلة الإبداع إذا استطاعت زوجته تُؤَمِّن له جواً هادئاً سعيداً بقلبها الحاني ونفسها الدافئة وعقلها الكبير، وإذا نبذت حياة الطمع والجشع التي تجعلها تلاحق زوجها بمطالب لا يستطيعها من ملابس باهظة الثمن وأثاث فخم وغيره تقليداً لجاراتها أو معارفها ما يسبب الأسى والتعاسة للزوج وللأسرة بأسرها.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
المصدر: كتاب دروس في الحب والحياة

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين