ديوان بوارق

التقديم للبحث:

خلاصة ما أودّ أن أنتهي إليه حول هذه "البوارق" أنّها للدارسين المتطلّعين إلى أن تكون لهم العبرة مما كانت عليه أحوال هذه الأمة بما هو أقرب للصدق والواقعية التي دأبت هذه القصائد على رسمه وتوثيقه، ناهيكم عمّا لم يزل في هذه الأمّة من جمرٍ تحتَ الرَّماد سيشبُّ إذا وُفِّقَ بقائدٍ حقٍّ لهذه الأمَّة.

وأعترفُ ولا أدّعي أنني قد قلت فيها كلَّ ما كان يمكن أن يقال مما قالته، ويبقى حسبها وحسبي منها أنها حاولت أن تأخذ د ورها الوسط المعتدل بين سيول قصائد الشتم، واليأس، والتيئيس، والتشاؤم التي اكتظَّت بها دواوين كثيرة لمشاهير وغير مشاهير، من دون أن تدع بارقة أمل للأجيال، ولا لِما هذه الشعوب من قدرات إذا وُفِّقتْ بالقيادات الحكيمة الراشدة، فكان الكثير من تلك القصائد أقرب ما تكون إلى "التهويش" و"التشفي" منها إلى جلال الشعر وهيبته وأهمية رسالته التي أزعمُ أنني لم أغفلْ عنها قط.

إن الباحث فيما وراء المعاني المباشرة للكلمات لواجدٌ في هذه المطوّلات البوارق المغربِلة المغربَلة ما يزيد عما قاله اليائسون الميئسون المتخاذلون في حقِّ ممن صَرَّفوا ويصرّفون مصائر شعوب هذه الأمّ ة، حتى وصلتْ إلى ما وصلتْ إليه مما لم يعُدْ خافيًا على أحدٍ أبدًا.

ومن يقرأ قصيدة "يا صبح يا صبح" يجد منها عنف القول، وحِدَّة الألم، وتصويرِ بؤسِ الحال، ومرارة الحرقة على ما آلت إليه حال هذه الأمّة ممَّا قد يفوته أن يراه في غيرها، وإن كان مبعثُ كلِّ ذلكَ واحدًا، ومع ذلك فقد جاء في ختام تلك القصيدة وهي الأطول والأشمل كما جاء في ختام غيرها، ما يبعثُ على التفاؤل الحقِّ في مستقبل هذه الأمّة فجاءَ قولي فيها:

مهما وهى ونأى عنكَ الضياءُ بدا

** رغمَ الظَّلامِ شعاعٌ يهتِكُ الحُجُبا

إني أرى في رؤى الآتين ألفَ سَنًا

** وألفَ شمسٍ تُمنِّي بالهدى العَربا

فيا رؤى الجيلِ بورِكتَ الرَّجاءَ، ويا

** ليلَ الخفافيشِ إنَّ الصُّبحَ قد قَرُبا

تحميل الملف