داعش والعالم , مَن يحارب مَن  ؟

 

 

بعد استشهاد (1200) طفل سوري بغازات الأسد الكيمياوية ، ابتلع اوباما خطوطه الحمراء وصادر أداة الجريمة ، وترك المجرمَ حُرَّاً طليقاً للمزيد من القتل والإجرام ، ومع ذلك فقد تحملت دول كثيرة في العالم ، رؤية أجسام آلاف الأطفال السوريين الأطهار وقد مزَّقتها براميل الأسد المتفجرة بدم بارد، ولم تتحمل رؤية صحفيين أمريكيين ذبحتها داعش ، فتراكضت لِلَّحاق بالتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ، عسى أن تنال حصة من كعكة الشرق الأوسط القادمة ، وتحجز لنفسها مقعداً في قطار الشرق السريع.

 

ومِنَ الملاحظ للمراقب المحايد أن التحالف الدولي الأربعيني ضد داعش يطرح من الأسئلة أكثر مما يقدم من الاجابات.

 

أولاً : لماذا يركّز هذا التحالف على جرائم داعش - وهي جرائم حقيقية – ويتجاهل جرائم ميليشيات حزب الله اللبناني ، وأبي الفضل العباس العراقية ، وجرائم أربع وعشرين ميليشيا شيعية أخرى من العراق وإيران وأفغانستان  واليمن ,تذبح السوريين على الأرض السورية.

ثانياً : لماذا التحرك السريع في مجلس الأمن ، وحشد التحالفات ، والقيام بالغارات الجويّة عندما يتعلق الأمر بداعش العراق ، وتقف كل العقبات القانونية والأممية عندما يتعلق الأمر بالنظام السوري , لقد قتلت داعش خمسة آلاف إنسان وقتل النظام السوري مأتي ألف ، ومع ذلك يبقى استهداف النظام السوري غير مطروح في لقاء باريس الأخير ولا في الأجندة الأمريكية .

 

لسنا هنا في معرض الدفاع عن داعش فهي فكر تكفيري متطرف ، وقتل ميداني أعمى ، وخلافة ليست على منهاج النبوة ، ولا مستقبل لهذا التنظيم مهما بلغت فورة شعبيته العارضة ، وقد جمع بوحشيته وهمجيته القوى المتناقضة في العالم لمحاربته، ولكن ذلك لا ينسينا أن ضرب داعش في العراق وسورية مع إبقاء نظام بشار الأسد هو قطع لذيل الأفعى دون قطع رأسها ، وضرب للنتيجة دون السبب ، ومن حق الشعب السوري الذي قدَّم مائتي ألف شهيد ، و مثلهم من المفقودين ، وعشرة ملايين من المهجرين والنازحين ، أن يسأل السوريين الذاهبين إلى معركة التحالف إلى أين أنتم ذاهبون ؟ وعلى أي أرض تقفون؟

 

على المعارضة السورية ألا تفقد البوصلة وسط أمواج سايكس بيكو الثانية التي تجتاح المنطقة، وألاّ تنساق وراء قتال يخدم أهداف الجميع إلا أهداف الثورة السورية التي لم تحمل بندقيتها إلا لتحرير سورية من نظام طائفي مجرم مستبد ، لم تَرَ إسرائيل حتى الآن بديلاً أفضل منه ، ومقاتلة داعش ليست إلا نِصف معركة الشعب السوري ، أما النصف الآخر والأهم فهو مقاتلة نظام الأسد الإجرامي الذي يقدم نفسه شريكاً لمحاربة إرهاب كان هو السب في وجوده...

 

أوليس هو الذي نسَّق مع نظام المالكي في بغداد لإطلاق داعش من السجون العراقية وتسهيل وصولهم لسورية؟

أوليس هو الذي سلم داعش المناطق السورية التي عجز عن حمايتها؟

أوليس هو الذي كان يقصف مواقع الجيش الحر قبل أن تتقدم داعش للسيطرة عليها؟

أوليس هو الذي أفشل الحل السلمي في جنيف واحد ، ولو نجح لما وُجدت داعش أصلاً؟!

 

لقد خطط بشار الأسد منذ لحظات الثورة الأولى لعسكرتها ووصمها بالإرهاب ، وها هو يُظهر ثقته أن الولايات المتحدة وحلفاءها سوف يُجبرون على شراكته في الحرب ضد الإرهاب ، ولكن عمي البصيرة حال بينه وبين إدراك الحقيقة المرة وهي أنه بإجرامه قد أنهى دوره بنفسه وأصبح عبئاً على أصدقائه قبل أعدائه.

 

لم يرفع السوريون بنادقهم لخوض حروب الآخرين بالوكالة ، فبشار الأسد ونظامه المجرم ما زال هدف السوريين الأساس ، ولا تزال ثورتهم قائمة حتى إسقاط هذا النظام بكل رموزه ومؤسساته.

18/9/2014

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين