خصوم الشيخ القرضاوي.. من هم وماذا ينقمون منه؟

خُصوم الشيخ القرضاوي

 مَن هم، وماذا ينقِمُون منه؟

بقلم: سيد أحمد بن محمد السيد

 

قال الله تعالى وهو أصدقُ القائلين: (وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد*). سورة البروج 8. وقال الشاعر:

إذا رضيت عني كرامُ عشيرتي          فلا زالَ  غضبانًا  عليَّ   لِئامُها

لقد تتَبَّعتُ وسمعت بعض من انتقد شيخنا القرضاوي، أو تهجَّم عليه، وشنَّ عليه الحملاتِ الشعواء، من الناس خلال مسيرته الطويلة والحافلة، ولا سيَّما في العقدين الأخيرين؛ فوجدتُهم ثلاثَ فِئاتٍ هُم:

1- العَلمانيون، وأشباهُهم من اليساريين والصهاينة، والصليبيين الحاقدين.

2- المُتَمَسلفون: وهم قسمان: أ- "مُدَّعُو السلفية" من المَداخلة والجاميين وأتباعهم من العوامِّ أتباعِ كل ناعق.

ب- من المتمسلفين التقليديين السعوديين والألبانيين: من علماء السلاطين والداعين إلى طاعة ولي الأمر.

3- بعض العلماء التقليديين وأتباعهم من أهل السنة.

وإذا كان سببُ عداوة وخصومة الصهاينة والنصارى والعلمانيين لشيخنا وحبيبنا القرضاوي، معروفا ومفهوما، وهو خصومتهم الدينية والعَقديَّة له القديمة والمُتأصِّلة، ورضاهم المُستحيل عنا نحن المسلمين المُؤكد بقوله تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتَّبِع ملتهم).

أقول: إذا كانت علة خصومة أولئك القوم للقرضاوي مفهومة ومعروفة، فإن عداوة "أبناء دينه وقومه" غير مفهومة، إلا أن تكون لِمَا في النفس من غرَض، وما في القلب من مرَض؟!

أو أن تكون من باب الحسد الداءِ الوَبيل القديمِ العُضَالِ؛ الذي لا يُمكن شفاؤه إلا بالإيمان الصادق والإخلاص، ولله درُّ شاعرنا العربي القديم؛ إذ قال:

كُلُّ  العَداواتِ  قد تُرجى إماتَتُها           إلا عَداوَةَ  مَن  عاداكَ  مِن حَسَدِ

وقد قرأت بعض ما كتب خصومه، وسمعتهم؛ فلم أجد فيهم رجلا صالحا، ولا عالما ربانيا، بل وجدتهم غالبا لا يأتون بكلام الشيخ كاملا، بل يبترون منه نصوصا وجملا ينتزعونها من سياقاتها ثم يحكمون على الشيخ من خلالها؟!! أو يأتون بمقاطع من كلام الشيخ ثم يسألون عن شيء آخر لم يقله الشيخ فيحكمون بضلاله وكفره، وأنه من جند إبليس؟!

كما صنع السائل الذي سأل الشيخ صالح الفوزان: فقد أتى بكلام الشيخ الذي يقول فيه: أنا أقدم الحرية على تطبيق الشريعة الإسلامية، ثم سأل الفوزان قائلا: ما قولكم فيمن يقول: أنا أفضل الحرية على الشريعة، فقال: هو كافر أشد الكفر. *"قناة سلمان الفارسي".

كما سمعت المدعُوَّ عبد الرحمن دمشقية الذي حرَّم الترحُّم على الشيخ القرضاوي! فرأيته يُنكر على شيخنا القرضاوي في مسائل خِلافية، أو مِن حالات الضرورات؛ كفتواه للمسلم المضطر في أوربا لشراء بيت للسكن بقرض ربوي، وكتقديم الحُرِّية على الشريعة، وكترحُّمه على البابا، وقوله عن النصارى: "إخواننا" مع أن الله تعالى قال: (وإلى مدين أخاهم هودا)، وقال: (وإلى ثمود أخاهم صالحا) ...، وقد بيَّن العلماء والمُفسرون أن المراد

بالأخوَّة هنا "الأخوَّة الإنسانية لا الدينية"، وقول سيدنا علي مشهور في هذا المعنى: "الناس إما أخٌ لك في الدِّين، أو أخ لك في الخَلْق".

وقضية الترحُّم على البابا والكُفَّار عامَّة والدعاء لهم - بغير مغفرة الشرك-أحياءً وأمواتا، فهي مسألة خِلافية، قال بجوازها فقهاء من الحنفية والشافعية والمالكية، ودعوى الإجماع التي نقلها النووي عن القاضي عياض غير صحيحة، وممن قال بالجواز الإمام البيهقي وغيره؛ كما رأيتُ في مقالة مُهمَّة ومُطوَّلة للأستاذ معتز الخطيب على موقع "الجزيرة" بعنوان: "الدعاء لغير المسلم بالرحمة والمغفرة"؛ فليرجع إلى تلك المقالة إخوتي القراء الكرام.

وهَبْ أنَّ الشيخ القرضاوي أخطأ فهل مِن أخلاق الإسلام ومن سِيْما السلف الصالح ومنهم أئمة المذاهب الأربعة، والشيخان ابن تيمية وابن القيم - مَن تدَّعُون الِاقتِداءَ بهما- أقول: هل يجوز للمسلم الصادق - فضلا عن العالم العامل- أن يُشنِّع على العالم إذا أخطأ في مسألة علمية ويُشهِّر به، ويَسْخَر مِنهُ على الملأ وعبر وسائل التواصل والقنوات المختلفة؟! هل من يفعل هذا سُنِّي سَلَفِيّ، أم مُبْتَدِع خَلَفِيّ تَلَفِيٌّ؟!

فكل خير في اتباع من سلف             وكل شر في ابتداع  من خلف

لقد رأينا من أخلاق السلف الصالح - رضوان الله عليهم- عدمَ الكلام على العلماء، وعدَّ لحومهم مسمومة، وعاقبةَ الله في منتقصيهم معلومة، كما قال ابن عساكر رحمه الله رُوحَه، ونَوَّرَ ضريحَه.

ثم أين حُسن الظن بالمسلمين عامة والعلماء خاصة؟ وهو المطلوب شرعا، وعكسه مذموم شرعا (إن بعض الظن إثم).

والإمام مالك إمام دار الهجرة اشتهر عنه قوله: "إذا بلغني عن رجل الكفر من تسعة وتسعين وجها، والإيمان من وجه واحد لحملته على الإيمان"!

ثم أين أدب الاختلاف العلمي الذي كان يتحلى به العلماء الربانيون من السلف والخلف الصالحين؟ لماذا لا يأخذ به هؤلاء الإخوة إن كانوا إخوة مؤمنين صادقين، وعلماء على منهج السلف حَقًّا؟

وقد رأيتُ الإمام النووي العلامة التقي الورع يُترجم لبعض علماء الشافعية في "تهذيب الأسماء واللغات" فيذكر إمامته وعلمه وصلاحه وفضله ونُبلَه،

ثم يقول: "ومن شذوذاته كذا"، و"مما شذ به كذا"، ولا يسبه ولا يشنع عليه القول، ولا يقول فيه هُجْرًا كما يفعل هؤلاء المُتمِسْلفون، الذين يبرأ منهم السلف والخلف الصالحون، وهم خصومهم يوم القيامة.

وكذلك رأيت مؤرخ الإسلام العظيم الإمام الذهبي في "سير أعلام النبلاء" إذ يبدأ بترجمة العالم فيضفي عليه أوصاف الإمامة والجلالة والورع والتقوى ...، ثم ينقده بأدب جم وخلق رفيع، إن كان عليه بعض المآخذ والانتقادات العلمية، والأخطاء الاجتهادية، ولا يسب ولا يشتم، ولا يسخر.

ثم أين واجب وأدب النصيحة الذي شرعه لنا الإسلام؟ لماذا يَدَعُونه ويجعلونه وراءهم ظِهْرِيًّا، ويُصِرُّون على التشهير والفضيحة؟!

ثم أين هم من حرمة غيبة المسلم المحرمة، بل العالِم العامٍل المسلم؟! ألم يسمعوا بقوله تعالى: (ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه*). فكيف إذا كانت غيبة العالم الميت المسلم؟!

ثم إن كانوا مُصِرِّين على التهجُّم على الشيخ القرضاوي والسُّخرية منه وتَسَقُّط أخطائه وزلاته؛ فلماذا لا يتكلمون عن أخطاء شيوخهم وطامَّاتهم؛ كناصر الألباني وفتواه بوجوب خروج الفلسطينيين كلهم من فلسطين، ثم مقاومتهم ومجاهدتهم لليهود من خارجها، وقبل ذلك لا يجوز؟؟!! والذهب المُحَلَّق وحُرمته، وبدعية النقاب، ووجوب هدم قبة المسجد النبوي ... إلخ.

ولماذا لا ينكرون على أمرائهم وحكامهم في مصر والسعودية وليبيا والإمارات وغيرها؛ من سجن المؤمنين الصالحين والتنكيل بهم وقمعهم-

وهم الداعون إلى الهدى والصلاح والإصلاح سلميا بالحكمة والموعظة الحسنة- بلا تهمة ولا جريرة تُذكر، وتركهم مهملين في غياهب السجون مع التعذيب والإهمال الصحي، ولم يرتكبوا من ذنب إلا أن قالوا ربنا الله، وما نُريد إلا الإصلاحَ، ومحاربة الفساد والفاسدين باللسان والبيان؟!

لماذا لا يُنكرون عليهم جلبَ –"هيئة الترفيه" في بلاد الحرمين- الفسادَ والفاسدين من مُمثلين وراقصين وراقصات ومُغنين ومغنيات وساقطين وساقطات؛ ليعيثوا فسادا في تلك البلاد الطاهرة، وإفساد شبانها وشابَّاتها، ورجالها ونسائها، ونشر الفسق والعُهر والمُجون بينهم؟! 

لماذا لا ينكرون عليهم قتل الناس في اليمن، وزعزعة أمنه، واحتجاز حكومته في الرياض، والسكوت على عيث دولة الإمارات فسادا في اليمن، أو التواطؤ معها على ذلك؟!

لماذا وبأي حق تُشيطِن دولةُ الحرمين ومن لفَّ لفَّها جماعةً مسلمة -"جماعة الإخوان الوسطية المعتدلة المُسالمة"- يُعَدُّ أتباعها ومُؤيِّدوهم بمئات الملايين، وجعلهم أخطر من الخوارج والشيوعيين والصهاينة والصليبيين والهندوس والرافضة وكل الكفرة والملحدين والمشركين؟! ونتيجة لهذا العمل الشنيع الشيطاني يُضيَّق على أبناء الجماعة الخناق، ويُسجنون، ويُختطفون، ويُقتلون ويُعَذَّبون، هم وذووهم، وتُصادر أموالهم وأملاكهم وعقاراتهم، وتُمنع كتبهم، ويُسامون أنواعَ الذل والهوان؟!

بينما يُترك الكُفَّار والفُجَّار والدُّعَّار والشاذُّون من أهل البلاد وخارجها يسرحون ويمرحون، ويحيون بحرية وكرامة، ويُحترمون ويُقَدَّرُون؟!

لماذا وبأي حق يُعتقل ويسجن عشرات ومئات الدعاة والعلماء والمصلحين في بلاد الحرمين، من أجل قول الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، باللسان والكتابة والبيان، وبعضهم سُجن مِن سنوات ولسنوات طويلة من أجْلِ تغريدة غرَّد بها في تويتر، أو فيسبوك؟!

 

بأي حق ولماذا يُعتقل الإصلاحيون في الإمارات بالمئات وربما بالآلاف؛ من محامين ودعاة وعلماء دين، وعلماء إدارة، وإسلاميين، منذ نحو عقدين من الزمان، دون تُهمة أو محاكمة، أو أدنى معاملة إنسانية؟!

ومن العجيب الغريب أن يقال لمن يسأل المسؤولين الإماراتيين عن هذا الفعل الغريب المُهين الشائن الذي يُندي جبين الإنسانية عارا وخجلا وشنارا، حينما يسالون عن سبب ذلك يقولون: "نحن نسجنهم؛ كيلا يُسجنوا في غوانتنامو بأمريكا"؟!! صدق من قال: عُذر أقبح من ذنب.

أين أنتم أيها "السلفيون" المُحترمون من هذه "الديانة" والبدعة المُنكَرة الجديدة التي ابتدعها بعضُ شياطين العرب والعجم من الصهاينة والصليبيين والعلمانيين والزنادقة "ديانة واتِّفاق أبراهام"؟!

لم نسمع لكم كلمة واحدة، ولا بيانا واحدا في استنكارها؟! أليست هي من المنكر من القول والزور، ومن عظائم الأمور؟!

لماذا تصمتون صمت القبور عما يقوم به حُكامكم  - غير الأجلاء- من التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب الذي اغتصب أرض "إخوانكم" منذ 74 سنة، وما زال يعيث فيها فسادا، ويقتل "أبناء إخوانكم وبناتهم"، ويهدم بيوتهم، ويسجن الآلاف منهم ومنهن، ويحاصر غزَّة أرض العزة؟!

ألستم تدَّعون الإسلام؟ فأين عزة الإسلام وأخوَّة الإسلام ونخوته ونُصرته، وحقوق الأخوة الإسلامية، وأين أخلاق الإسلام؟!

ألستم تدَّعون العروبة؟ فأين نخوة العرب وأنفتهم وحَمِيَّتهم ورجولتهم؟!

أليس لكم في رسول الله أسوة حسنة؟ فأين التأسي والاقتداء بسيدنا رسول الله القائل: "المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يُسْلِمه"، والقائل: "سِباب المؤمن فسوق، وقتاله كُفر"؟!

ثم كيف تتحقق الوحدة مع هذه البدعة الشيطانية الكبرى –"شيطنة الإخوان"- التي ابتدعها حكامكم وأيَّدتموهم عليها، أو سكتُّم عنها؟!

 

ثم لماذا تسكتون – كحُكَّامكم الخانعين- عما يجري لـ "إخوانكم" في سورية من تقتيل لمئات الآلاف، وتنكيل وتدمير وسَجْن وتهجير الملايين منذ 12 سنة، ولا تنكرون عليهم سكوتهم، وتطالبونهم بالقيام بواجبهم وحل قضيتهم الذي يكمُن في آية واحدة من كتاب الله تعالى، هي قوله عز من قائل: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المُقسطين*). الحجرات 9.

ألا يُحرِّك فيكم ذلك الشَّلَّالُ من الدماء الجارية، وذلك الدمارُ الكبير، وتلك المأساة الكبرى، ألا تُحركُ فيكم الرحمةَ والشفقة والإنسانية؟!

ومثل ذلك يقال عن "إخوانكم" في ليبيا واليمن، والروهينكا، والهند ...

"إخوانكم" في الهند يُعانون الأمَرَّين من عُبَّاد البقر الهندوس! ويستغيثون ويستصرخون ليلَ نهار! ألا يستحقون منكم نُصرة ولو بكلمة في مقالة أو تغريدة، أو خطبة ...، فماذا قدمتم لهم؟!

أين دور رابطتكم المُحَنَّطة "رابطة العالم الإسلامي"، ومنظمتكم البائسة الناعسة التاعسة "منظمة التعاون الإسلامي"؛ أين هي مما يجري في سوريا واليمن وليبيا، وغيرها من بلدان العالم الإسلامي المنكوبة؟!

لقد شيطنتم "جماعة الإخوان المسلمين" الوسطية المعتدلة بمنهجها الناجع الفعَّال"، ولم توجدوا البديل عنها؟!

ومثل ذلك يقال عن اعتراضكم على "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" الذي أنشأه شيخنا القرضاوي، وأوجدتم "مجلس الحكماء" – مجلس الضِّرَار- البائس التاعس الناعس الناكس المشاكس الذي يضم ويُسوي بين المسلمين والنصارى واليهود والهندوس؟؟!! (ما لكم كيف تحكمون*).

ثم إن لشيخنا القرضاوي رحم الله روحه ونوَّر ضريحه- خدماته الجُلَّى في خدمة الإسلام والدعوة الإسلامية لنحو ثُلاثة أرباع القرن، في مشارق الأرض ومغاربها، على مدى عمره المبارك الطويل؛ في نشر العلوم الإسلامية، والمحاضرات والتدريس في الجامعات والمعاهد، والمقالات والدروس الإذاعية والتلفزية والشابكية، وفي خدمة الاقتصاد الإسلامي والمصارف الإسلامية ومعاملاتها، وتأليف الكتب الكثيرة التي عالجت موضوعات شتى لمشكلات المسلمين والدعوة الإسلامية والدعاة، ووضعت الحلول الناجعة لكثير من أمراض المسلمين.

هذا سِجِلُّ القرضاوي وملفه المُشَرِّفُ في خدمة الإسلام؛ فماذا فعلتم أنتم أيها المُنتقِدون له، والمُشنِّعون عليه، والشانُّون عليه الحمَلاتِ المسعورةَ في إعلامكم وبعض كُتبكم ودُروسكم ومحاضراتكم؟

ماذا فعلتم لخدمة الإسلام ودعوته السمحة أكثر منه، أو مثله على الأقل، لتطلقوا عليه تهمكم الرخيصة، والكلام المُرسَل، وتسلقوه بألسنتكم الحِدَاد، وتنهشوا لحمه وعرضه حيا وميتا؟!

هلَّا لُذْتُم بالصَّمت عن الرجل الذي ما ونَى ولا فتر عن خدمة الإسلام حتى آخر حياته وأيامه الحافلة بالدعوة والتأليف ونشر العلم؟!

أقِلُّوا   عليهم  ،   لا  أبًا   لِأبيكُمو

       مِنَ  اللَّوْمِ، أو سُدُّوا المَكانَ الَّذي سَدُّوا

ماذا أعددتم لأعدائكم الرافضة الصفويين في إيران وهم الآن لهم دولة شوكتها قوية امتلكت أو تكاد تمتلك الأسلحة النووية؛ فما أنتم فاعلون؟!

هم لديهم مشروع متكامل أعدُّوه وهم يعملون به؛ فما مشروعكم يا تُرَى؟!

والمشروع لا يُحارب إلا بمشروع مثله.

سِباق "الهِجِن"، ومُسابقات "شاعر المليون"، وبرامج "إم بي سي"، ورحلات الصيد والقنص بالصقور، و"صناعة نجوم الغناء والتمثيل والمسرح" كل هذه لَن تُزيل عنكم خطر إيران المتفاقم والداهم!

الصُّراخ والصياح والاستغاثة من خطر إيران والمد الرافضي الشيعي، و"قناة صفا" التي تدعمونها، والكلام الإعلامي؛ هذا كله لا يصنع مشروعا يردع إيران وأذرُعَها - في المنطقة في لبنان واليمن والعراق وسورية، وغيرها - كل هذا لا يُقدم ولا يُؤخر، ولن يُجدي في محاربة عدوكم الصفوي الماكر والشَّرِسِ، الذي يتمَدَّد ويَتَعاظَم، وخَطَرُه يتفاقم، وهو المُساوي أو الأخطر من العدو الصهيوني الذي تُطبِّعُون معه، أو تسكتون على حُكامكم المُطبِّعين معه، بل المُنبَطِحين له والمُنسِّقين معه؟!

وأُحَذِّركم، وأنذِركم، وأبَشِّرُكم بأن المشروع حتى لو أعددتموه مادِّيًّا بالعلوم التجريبية وبناء المدن والتنمية الشاملة والصناعات المدنية والعسكرية؛ كل ذلك لن يُجديكم نفعا، ما لم تهتموا بشعوبكم وتحكموها بالقسط والعدالة الاجتماعية والسياسية والحرية والكرامة الإنسانية، وتحاربوا الفساد والمحسوبيات والطبقيات، والفروق الطبقية بين المواطن والوافد.

هذا وإنَّ عجبي لا ينتهي من مُعاداتكم الإعلامية لدولة تركية القوية السُّنِّيَّة الكبيرة الناهضة التي يبلغ سكانها أكثر من 80 مليون نسمة، وهي القريبة إلينا دينا وثقافة ومذهبا وحضارة؛ فهل هذه المعاداة لوجه الله، ومن "الوَلَاء والبَرَاء"- أم لوجه الشيطان، وخِدمة مجَّانِيَّة رخيصة لأعداء الإسلام والعُروبة الحَقِّ؟! (ما لكم كيف تحكمون*).

*أما الشيخ القرضاوي عندي - وعند كل عالم ربَّانِيٍّ مُنصف- فقد جاوز القنطرة؛ كيف لا وقد أثنى عليه خيار هذه الأمة من العلماء والمُحدِّثين والفقهاء والدعاة الفضلاء الأتقياء الربانيين: كالعلامة والداعية الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي، والعلامة والمفكر الإسلامي المجاهد الشيخ محمد الغزالي السقا، والعلامة المحدث الرباني الشيخ عبد الفتاح أبي غدة، والعلامة الفقيه الكبير الشيخ مصطفى الزرقا...، والعلامة المحدث الشيخ محمد عوَّامة، والقائمة تطول.

*ينظر لأقوال العلماء والمفكرين المسلمين في شيخنا: كتاب "د. يوسف القرضاوي 70 عاما ..."، و"تسعينية القرضاوي".