خرافة التطور وأكذوبة التشابه الجيني

من الدعاوى التي يطلقها كهنة خرافة التطور وتروج عند بسطاء الناس الذين يكتفون بما يقال لهم في الدعايات الإعلامية التي تبهرهم بتقنياتها وأساليب خداعها، ولا يحمّلون أنفسهم عناء البحث والتنقيب ليعرفوا الحقيقة بدون تزييف ولا تحريف.. أقول من هذه الدعايات قولهم: (إن جينات الإنسان متشابهة مع جينات الشمبانزي بنسبة ٩٨،٨٪.. لذا – وانتبه جيداً لهذه الـ لذا – لذا فإن التطور حقيقة لا مراء فيها وإن علم الوراثة قد حسم الأمر وأنهى الجدال وإنكم يا بني آدم تنحدرون أنتم والشمبانزي من جدكم الأكبر القرد الإفريقي الجنوبي.. فهنيئاً لكم هذا النسب المشرف).. هذا ما يقولونه فيتلقّفه من لا علم عنده إلا ما تتقيؤه عليه وسائل التواصل وقنوات التلفزة.. وعلى الهامش: ألا تذكركم هذه النسبة بأخوات لها ملفقات مزورات؟

 

فما هي حقيقة هذه الدعوى؟.

 

إنّ كلّ الأبحاث التي أجريت في هذا المجال تفترض مسبقاً صحة التطور فتأخذ ما يوافقها وتهمل ما يخالفها بانتقائية مشينة ولا أخلاقية.. وهذا ديدن التطوريين في الكذب والخداع والتلفيق.. كما يقول الدكتور محمد علي البار: (حماسة التطوريين التي تدفعهم إلى الغش والخداع، كما حدث من أرنست هيكل في رسومه للأجنة وتلفيق العظام كما في إنسان بيلتدوPiltdow man  وإنسان بكين وإنسان هيدلبرج، وكلها تدلّ على مستوى منحطِّ ولا أخلاقي ليس له مثيل في أي فرع من فروع العلم الأخرى والدافع لهؤلاء إلى الغشّ والخداع والكذب هو أن النظرية قد تحوّلت الى دوجما (عقيدة) يجب الدفاع عنها بأي شكل من الأشكال، حتى لو وصل إلى التزوير أو اعتساف الأدلة والسبب الحقيقي هو الحرب بين الكنيسة والعلم وما تبع ذلك من مآس في القرون الوسطى وعصر النهضة) ولن أخوض في دحض هذه الدعوى بل سأفترض صحتها وأن جينات الإنسان متشابهة مع جينات الشمبانزي بنسبة ٩٨،٨٪ فكان ماذا؟ وما هي ثمرة هذا القول؟؟ هل تريدون أن تقولوا إن الإنسان هو شمبانزي بنسبة ٩٨،٨٪؟؟ ، على هذا فإن الإنسان هو فأر بنسبة ٩٠٪ وهو كلب بنسبة ٨٠٪ والأدهى من ذلك أنه موز – نعم موز - بنسبة ٥٠٪ (هذه الأرقام هي نسب التشابه الجيني المفترض بين الإنسان وهذه المخلوقات)..

 

والآن: ماهي وظيفة الجينات في الكائن الحي؟

الجواب البسيط أنها هي المسؤولة عن صنع البروتينات في الخلية هذه البروتينات التي تعطي كلّ خلية في جهاز ما وظيفتها وخصائصها وتميزها الذي تختلف به عن أختها في جهاز آخر.. وليس كل جينَين متشابهين يعطيان بالضرورة بروتينين متطابقين.. لتقريب ذلك من الفهم لغير المتخصصين نقول: ما هي نسبة التشابه الجيني في الإنسان بين الخلية المعوية والخلية العصبية؟.

 

الجواب الذي يعرفه طالب الثانوية العامة هو: ١٠٠٪.. وهذا من بدهيات علم الأحياء فكل خلية جسمية في الكائن الحي تتطابق جيناتها مع أي خلية أخرى مهما كان موقعها في نفس الكائن تطابقاً تاماً.. إذاً لماذا كانت الخلية المعوية ذات وظائف حيوية وإفرازات هرمونية وإنزيمية تختلف اختلافاً جذرياً عن مقابلاتها في الخلية العصبية؟؟.. الجواب يكمن فيه سرّ الخلق الرباني الذي لم يستطع كل علماء الأرض معرفة كنهه وحقيقته..

ذلك السرّ الذي يجعل كلّ خلية توظف جيناتها لإنتاج البروتينات التي تتلاءم مع موقعها ووظيفتها في الجسم رغم استخدامها نفس الجينات التي تستخدمها أختها في جهاز آخر.. فقد وجد العلماء أن كلّ خلية تتحكم في ترتيب حروف الـ (RNA) الرسول الذي يشبه سطراً ذا حروف متعاقبة والذي هو في الأصل متطابق بين خلايا الجسم كلها.. فكل خلية تحذف من هذا السطر بعض حروفه لينتج عنه البروتين الملائم لتلك الخلية بالضبط.. ذلك أنّ عدد البروتينات التي ينتجها الجسم الإنساني حسب الأبحاث العلمية الموثوقة يقدّر بالمليارات..

 

وهذه المليارات من البروتينات يُنتجها نحو عشرين ألف جين فقط هي مجموع جينات الكائن البشري.. ورغم ما يوجد من تشابه جيني بين الكائنات الحية فإن البروتينات الناجمة عنها مختلفة اختلافاً جذرياً.. وهذا دليل الخلق والإبداع الربّاني المباشر الذي لا يدحض.. فما أرادوه دليلاً على التطور والعشوائية والطفرات صار هو نفسه دليل الخلق والتدبير والإحكام.. فمهما كانت نسبة التشابه الجيني بين كائن وآخر فهي لا تعني شيئاً إلا أن تدلّ على الخالق الحكيم: {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}  – طه ٥٠ –

 

بعد كل هذا هل تتصورون أن هذه الحقائق تخفى على علماء البيولوجيا الذين يروجون للخرافة؟؟.. الجواب: حتماً لا.. لكنّهم يريدون أن ينصروا نظرية الدجل والخداع لأن البديل الوحيد عنها هو الاعتراف بالخالق سبحانه وهو ما يفرون منه فرارهم من الأسد.. وصدق الله القائل: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُون}.  الزمر ٤٥

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين