قال تعالى في سورة الأعراف:﴿قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا
مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ﴾
[الأعراف: 18].
وقال في سورة ص: ﴿قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ * لَأَمْلَأَنَّ
جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [ص: 84-85].
سؤال:
لماذا قدَّم في آية الأعراف مَن تبعه
على ملئ جهنم، فقال: ﴿لَمَنْ
تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الأعراف: 18].
وقدَّم ملئ جهنم على مَن تبعه في آية (ص)
فقال: ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ
مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [ص: 85].
الجواب:
إن كلتا الآيتين في قصة آدم وإبليس في
السورتين، وقد تقدم قبل هذه القصة في سورة (ص) الكلام على جهنم وعذابها، وذلك من
قوله:﴿هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ
لَشَرَّ مَآبٍ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [ص: 55-56] إلى قوله:﴿إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ
النَّارِ﴾ [ص: 64].
فلما تقدم الكلام على جهنم قدَّم ما
يتعلق بها وهو ملئ جهنم.
وأما في سورة الأعراف، فقد تأخر ذكر
جهنم وعذابها عن هذه القصة، فلما تأخر ذكر جهنم أخَّر ما يتعلق بها في القصة.
هذا أمر، والأمر الآخر أنه تقدم على
القصة في الأعراض ذكر مَن تبع إبليس ممن أهلكهم الله تعالى من أهل القرى، فقال:﴿وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا
فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ * فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ
إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ [الأعراف: 4-5].
وتَقدَّمها عتابُ ربنا لأهل الأرض لقلة
شكرهم، فقال:﴿وَلَقَدْ
مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا
تَشْكُرُونَ﴾ [الأعراف: 10].
فكأنه صدَّق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه
حين قال في قصة آدم في هذه السورة: ﴿وَلَا
تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ [الأعراف: 17].
فناسب تقديم مَن اتبعوه في الأعراض من
هذه الناحية أيضاً.
هذا إضافة إلى أن إبليس ذكر في الأعراض
ما سيحتال لذرية آدم ليتبعوه أكثر مما ذكره في (ص)، فقد قال:
1 – ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي
لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الأعراف: 16].
2 – ﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ
أَيْدِيهِمْ﴾.
3 - ﴿وَمِنْ خَلْفِهِمْ﴾.
4 - ﴿وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ﴾.
5 - ﴿وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ﴾.
6 - ﴿وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾[الأعراف: 17].
في حين قال في (ص):
1 – ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ
أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [ص: 82-83].
فلما أفاض فيما سيفعله ويحتال لذرية آدم
في الأعراض ليتبعوه ناسب أن يقدم مَن تبعه من هذه الذرية، بخلاف ما في (ص) التي لم
تكن فيها مثل هذه المناسبة، فناسب كل تعبير مكانه من كل وجه.
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول