حوار مع فضيلة الشيخ مجد مكي حاورته مجلة منبر الداعيات

حوار مع الشيخ مجد مكي حاورته مجلة منبر الداعيات

 

شهد الله سبحانه وتعالى لمن يَعْمر مساجد الله بالطاعة بالإيمان؛ فقال: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْم الآخِرِ)(التوبة: 18). وأثنى الله عز وجل في مَوْضعٍ آخر على عُمّار المساجد فقال: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ)(النور:36).

وحول دور المسجد في حياة المسلمين بشكل عام وفي شهر رمضان بشكل خاص كان لنا لقاء مع الداعية العالِم الشيخ مجد مَكّّي، إمام مسجد منذ عام 1409هـ وإلى اليوم.

1. «منبر الداعيات»: كيف تقوّمون إقبال المسلمين رجالاً ونساءً وشباباً على ارتياد المساجد في هذا الشهر الكريم مقارنةً بغيره من الشهور؟

- الإقبال على ارتياد المساجد متزايد مقارنة بغيره من الشهور، وهذا الإقبال يُبشِّر بخيرٍ كثير، ولكن مع ذلك فإنّ ظاهرة تحوّل العبادات إلى عادات أصبحت ظاهرة مَرَضية متفشية في عبادات كثيرٍ مِنَ المسلمين.

2. «منبر الداعيات»: برأيكم ما هي الأسباب التي أدّت إلى إقصاء المسجد عن دوره الريادي في حياة المسلمين؟ وما هي الأدوار الأخرى التي يجب أن يؤدّيها المسجد في رمضان غير الاقتصار على أداء الصلاة المكتوبة جماعة وصلاة التراويح؟

- أهم الأسباب التي أدت إلى إقصاء المسجد عـن دوره الريـادي في حياة المسلمين: عدم وجود المتأهّلين للإمـامة والخَطابــة والتدريس والدعوة والتربية، وتحويلهم إلى مجرد موظفين مُستَأجرين. ومِن أسباب ذلك أيضاً: عدم تقدير العاملين في هذا المَيْدان الإسلامي والمَحْضِن الدعوي مما يدفعهم إلى تحصيل الرزق وكسب العيش عن طريق أعمال أخرى، ولا يمكنهم التفرغ للقيام برسالتهم. ومِن أهمّ الأسباب: كَتْمُ أنفاس الحرية، والحرص على مراعاة خواطر ذوي الشأن والنفوذ، وتحويل الإمام والخطيب - الذي يجب أن يُصحّح الأفكار ويُقوّم المفاهيم - ليكون بُوقاً لبعض الجهات التي تُغدِقُ عليه بالعطاء.

وهناك أدوار كثيرة للمسجد يمكن أن يؤديها في حياة المسلمين في رمضان مثل: تحقيق التكافل الاجتماعي، وجمع الزكاة وتوزيعها على المستحقين، وتوثيق الروابط الاجتماعية بين أهل الحي، وإقامة الدورات التربوية والدعوية، ونشر العلم الشرعي، وإقامة الدروس التخصُّصية في الفقه والحديث والتفسير. وممّا يمكن إحياؤه في هذا الشهر: سُنّة الاعتكاف في العُشْر الأخير من رمضان لتكون دورة تربوية إيمانية روحية، وكذلك الإفطار الجماعي وتحقيق التآلف والتعارف بين رُوّاد المسجد، وإحياء الزيارات والصِّلات الاجتماعية.

3. «منبر الداعيات»: اللافت في هذا الشهر الكريم إقبال النساء على أداء صلاة التراويح في المسجد، ونسبة كبيرة منهن غير محجبات: إلى أيّ مدى يقوم المشرفون على المسجد باستغلال هذه الفرصة لتبصير النساء بدينهن وتوعيتهن، بدل الاكتفاء بتوجيه ملاحظات على بعض المخالفات الشرعية؟ ومَن المعنيّ بالدرجة الأولى بهذه المهمة؟

- إنّ إقبال النساء وغير المحجبات على أداء صلاة التراويح في المسجد ظاهرة مُبشِّرة بالخير، ويجب استغلال فرصة إقبالهن، ومن الضروري قيام الأخوات في المسجد بالتلطّف بهنَّ والتودد إليهنَّ وتبصيرهنَّ بدينهن وتوعيتهنَّ بدلاً من الاكتفاء بتوجيه اللوم والعتاب. والمَعنيّ بالدرجة الأولى الأخوات الداعيات، ثم إمام المسجد بترحيبه بالأخوات ولو كُنّ غير محجبات، وحُسْن خطابهن وتذكيرهن بالالتزام بدينهن وضرورة الالتزام بالحجاب الشرعي مع الثناء على إقبالهن وإثارة كوامن الخير في نفوسهن.

4. «منبر الداعيات»: كيف نعلّق قلوب ناشئتنا بالمساجد؟

- باصطحابهم إلى المسجد مع آبائهم وتعويدهم على صلاة الجماعة وإقامة دورات تعليمية ودروس تقوية في مناهجهم الدراسية داخل المسجد، وإشراكهم في الاحتفالات الاجتماعية وفي إحياء المناسبات الإسلامية وتكليفهم ببعض المهام العملية التي تُنمّي فيهم حُبَّ بيوت الله عزَّ وجل.

5. «منبر الداعيات: ما هي نصيحتكم - بمناسبة هذا الشهر الكريم - التي توجهونها إلى جمهور المسلمين رجالاً ونساءً وشباباً؟

- نصيحتي هي أن يحرصوا على الاستفادة من شهر رمضان وأن يجتنبوا الكثير من وسائل الإعلام التي تتفنن في إضاعة الأوقات وهدر الأعمار، فضلاً عما في كثير منها من إشاعة الفاحشة ونشر الرذيلة: كالفوازير وأمثالها.

كما أدعو إخواني إلى استشعار فضل الله عزَّ وجل ببلوغ هذا الشهر والحرص على التخطيط له ومتابعة الأهل والأبناء في قراءة القرآن وصلاة الجماعة ومراجعة الحفظ ومراقبة النفس والصدقة وأداء الزكاة وزيارة الأقارب والاتصال بهم وقيام الليل والدعاء للمسلمين جميعاً.

أسأل الله سبحانه أن يبلِّغنا هذا الشهر ويرزقنا صيامه وقيامه ويَرُدَّ المسلمين إلى دينهم ردّاً جميلاً ويُحسِّن صِلَتَهُم بكتاب ربِّهم ويرزقهم صدق المتابعة لنبيهم، ويؤلِّف بين قلوبهم ويجمع كلمتهم، ويجعلهم أهلاً لنصره وتمكينه، إنه وليّ ذلك والقادر عليه. آمين.

***

بدورنا نشكر فضيلة الشيخ مجد مكي على هذا اللقاء الطيب

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين