إمام مسجد السلام في طرابلس الشيخ بلال بارودي : يخيفوننا ب "داعش" ونحن في لبنان لدينا "داعش حزب إيران" ولن نخضع لهم. التفجيرات التي تحصل هي صنع إيران . خط النار سيمتد من الموصل إلى بيروت في حال أعلن الحزب مشاركته في الحرب بالعراق . الإيرانيون أتوا بنوري المالكي "كي يسوق الغنم" .
سحر آغا
عادت الروح إلى عاصمة لبنان الثانية طرابلس وتنفست الصعداء إثر تطبيق الخطة الأمنية الناجحة واستلام الجيش محاور القتال التقليدية في باب التبانة وجبل محسن وإلقاء القبض على المتورطين . "المسيرة" قامت بزيارة خاصة للفيحاء والتقت بإمام مسجد السلام الشيخ بلال بارودي. الجميع يحبونه كباراً وصغاراً والشباب منهم بشكل خاص، فهو قريب منهم يشاركهم أحلامهم ، ينصت باهتمامٍ شديد لمشاكلهم ويجالسهم كأخ وصديق بابتسامة ورحابة صدر . صريح،متواضع،منفتح،معتدل،يسمِّي الأمور بأسمائها، لا يسكت على ظلم ولا يعرف المهادنة ويصر على تسمية "حزب الله" ب"حزب إيران". إلتقيناه في مكتبه في مسجد السلام الذي ارتدى حلة جديدة بعد الإنتهاء من إعادة ترميمه وبنائه بتصاميم هندسية في منتهى الروعة وكان الحوار التالي :
شيخ بلال كيف ترى طرابلس اليوم ؟
صورة طرابلس مشوهة فعلياً وكنا نتمنى منذ زمن بعيد أن تُفتح آفاق الإعلام على وجه طرابلس الحقيقي البعيد عن الإرهاب والذي يعكس ودّ وسماحة أهل طرابلس . علينا أن نميز بين التديّن والتعصُّب فالأول لا يحمل صفة ذميمة بل يسعى لنسج العلاقة مع الآخرين لنشر الخير والمحبة والتعاون ، والثاني لا يتقبل الآخر ولا يؤمن بالتعددية .
ما هي قراءتك للخطة الأمنية وماذا عن عودة مسلسل التفجيرات ؟
ما حصل كان ولا يزال يشكل حلقة في سلسلة طويلة وهي ليست وليدة الأمس القريب . هناك من يعمل على تفريغ المنطقة كلها من أهلها ومن قيمها ومبادئها وإبداله بواقع يجهله الجميع بحسب خطة مرسومة، وهو ما من شأنه أن يولِّد القتال والعنصرية ويجلب سياسة الإلغاء والإقصاء والقتل والإغتيالات وتفجير الأوضاع . لا أعتقد أن أي لبناني مخلص من أي مذهبٍ إنتمى يستطيع أن يجيز لنفسه أن يقوم بهكذا أعمال، فلبنان قائم على تنوع الطوائف وفي هكذا حال يكون قد سلك طريق الإنتحار وتدمير بلده وهذا ما يقوم به "حزب إيران" في لبنان . الناس تسمع ب "داعش" وبأنها قادمة إلينا فيما نحن لدينا "دواعش" فالحزب متهم بأغلب الإغتيالات والتفجيرات التي حصلت كما أنه يقف وراء كل التهديدات وحالات الإقصاء السياسي والإستئثار بالسلطة . ما تقوم به داعش في الإعلام يقوم به "حزب إيران" على الأرض . لمَ تخويف الناس من "داعش" ، ونحن طبعاً نشجب أعمالها شجباً تاماً، طالما لدينا من هم أخطر منها في لبنان ؟ لنسمي الأمور بأسمائها، لبنان بلد متنوع بصيغته الفريدة وهو لا يمكنه أن يقبل بسياسة ولي الفقيه إذ أنه ليس من طبيعته ولا من مقوماته ولا يشبه نسيجه الداخلي المكوَّن من سنة وموارنة وروم وشيعة ودروز . "حزب الله" ليس حزباً شيعياً لبنانياً بل حزباً فارسياً وأداة بيد إيران التي تقاتل حقداً على العرب وإنتقاماً لمملكة فارس . هم لا يدافعون عن معتقد معين وإلا لما كانوا قد أقاموا علاقات مع أميركا وإسرائيل ودافعوا عن بشار الأسد الذي هو مجرم تدين أعماله كل الديانات السماوية. كيف لمن يتبنى ولاية الفقيه أن يدافع عمَّن يقول نحن آخر موقع علماني في المنطقة ؟ . ولاية الفقيه تتنافى مع العلمانية ومع القتل والإجرام. وراء الأكمة ما وراءها ونحن نرى أن هذه التفجيرات التي تحصل في لبنان أنها من صنع إيران.
أين يقف "حزب الله" مما يجري في العراق وماذا بعد تورطه في الحرب الدائرة في سوريا ودعمه المستمر للأسد ؟
أعتقد أن حزب إيران في لبنان سيدفع الثمن تدخله في سوريا على عكس ما دأب على ترويجه بأن ما يقوم به قد أبعد الحرب عن لبنان. كم متفجرة حصلت في لبنان نتيجة تورطه هناك؟ ها هو الحزب اليوم يستعد للحرب في العراق تحت شعار "إنقاذ المراقد" فيما شعار قتاله في سوريا "لبيك يا زينب ". هذا الكلام خطير جداً ونحن لدينا علاقات متينة مع العقلاء في الطائفة الشيعية الكريمة أمثال السيد علي حسين فضل الله والشيخ صبحي الطفيلي وآخرون ممن يأتون إلى طرابلس ويصلوا معنا في مسجد السلام . يقول "حزب إيران" : لن تُسبى زينب مرتين، فهل نحن من "سبَينا زينب" ؟! من ناحية أخرى هم لا يستطيعون إقناع شبابهم بالقتال هناك إلاعن طريق غسل دماغهم وهم يسلبون عقولهم بجرعات تخديرية كي يساقوا من غير دراية . نحن وبالرغم من إجرام بشار لم نجزلأنفسنا بإرسال شبابنا إلى هناك وهذا ليس من مصلحتنا ولسنا مستعدين لفتح أبواب جهنم علينا . لن نستطيع أن ندعم الثورة السورية بما يؤهلها بأن تقضي على الأسد ولن نستطيع أن نواجهه هو لنقضي عليه. ما يمكننا القيام به إنسانياً هو إستقبال النازحين ومساعدتهم وإيواء الجرحى واليتامى . من المستحيل أن نقاتل إلى جانب الأسد ونهديه النصر ثم نشكر الشعب السوري لأنه إنتخبه كما جاء في خطاب نصر الله الأخير. كلامه هو الذي يؤجج الروح الطائفية وهو الذي يهيىء لقنابل موقوتة ستنفجر في المجتمع الشيعي شئنا أم أبينا. حسن نصرالله يسوق الطائفة الشيعية نحو الإنتحار الجماعي عبرمشاركته القتال في سوريا وفي تدمير النسيج اللبناني . هو من إستشار؟ ومن أِّذِن له الذهاب إلى سوريا ؟ إن كان "حزب إيران" هوالدولة فنحن لن نقبل بها. لبنان هو البلد المنفتح الذي نقل الحضارة إلى العالم بأسره ولم ينقل "ثقافة اللطم وهيهات منا الذلة والبكاء".
من يجيز قتل الأطفال بإستخدامه البراميل المتفجرة وغاز السيرين ويقصف المستشفيات والمساجد لا تهمه الحُرُمات بل إستباحة دم الأبرياء . النظام الأسدي لا يقيم أي معيار للدين والبشر. التتر والمغول والبرابرة كانوا يسمحون بنقل الجرحى . كما أن قتلى "حزب إيران" باتوا بالمئات وبإعترافه وهنا أتساءل لمَ لم يرسلهم للقتال على جبهات الجولان ؟ الحزب أرسى تفاهماً مع اليهود والعلويين وأين هي المقاومة التي يتشدقون بها بعد أن أراحوا الحدود الجنوبية ؟ هم أساتذة في التعمية والخداع والكذب والنفاق . ما حصل يوم الجمعة الماضي في فندق نابوليون بشارع الحمرا كان خديعة كبرى وما هكذا تتم معاملة الضيوف. هل من المعقول أن يتم إعتقال 102 ثم إطلاق سراح 100 منهم وحجز 2 فقط دون أي إعتذار ؟ هل هكذا تتم معاملة الضيوف ؟ هناك نظام مُعترف به في كل الفنادق بحيث يتم تقديم لوائح بأسماء النزلاء، فما هي هذه المجموعة الإرهابية الخطيرة الكبيرة التي عمدت إلى الإقامة في فندق واحد لتقوم بتفجيرٍ ما ؟ فليحترموا عقولنا ومع تقديرنا للواء عباس إبراهيم،فهم قالوا أن السيارة التي انفجرت في ضهر البيدر كانت متوجهة إلى بيروت مما يعني أن الهدف لم يكن من عبر هذه الطريق . من المعيب إستثمار الحرب ضد الإرهاب إلى هذا الحد ، من يقوم بممارسة الإرهاب ؟ نحن أم "حزب إيران" ؟ الكل يعرف لمَ لا يعود الرئيس الحريري إلى لبنان .
ما هو تقييمكم للخطة الأمنية في طرابلس ؟
كنا أول من رحب بالخطة الأمنية لكننا لم نكن نتوقع أن تكون مجحفة بحق شبابنا فما هو نوع إجرامهم وسبب إعتقالهم ؟ هل هو دفاعهم عن باب التبانة بوجه المعتدين من جبل محسن الذين قتلوا أطفالنا ونسائنا؟ التقاتل بين الطرفين كان عبثياً لكن في النهاية كان شبابنا يدافع عن نفسه في غياب الدولة لسنوات طوال. وللأسف فإن مذكرات التوقيف التي صدرت تطالهم في حال كان معهم سلاح فردي أو إن كانوا يستعملون هاتفهم الخلوي. أنا قمت بسؤال المعنيين عن عدد الموقوفين من جبل محسن . نحن لدينا 200 موقوفاً ونحن نلاحق الموضوع وقمنا بتوكيل محامين للدفاع عنهم . هناك وعود جدية من المسؤولين وعلى رأسهم وزير العدل اللواء أشرف ريفي ووزير الداخلية نهاد المشنوق . نريد أن نفهم: هل تتم معاقبتنا لأننا وقفنا في وجه "حزب إيران" وأتباعه هنا ؟ لولا صمودنا في وجهه في طرابلس لكان وصل إلى بلدة العبودية. نحن لسنا حمَلة سلاح لكن عندما رأينا إجتياح الحزب لبيروت ثم صيدا وصولاً إلى جبل لبنان وتحريك أذنابهم في طرابلس، إضطررنا أن نسمح لشبابنا بأن يتحركوا دفاعاً عن المدينة ورفعنا الغطاء عن مسلحي الحزب كي يعرفوا حجمهم . نرفض الظلم ولا نقبل بألا يكون هناك سياسة حكيمة تحتضن شبابنا وتنصف محاكمتهم . أين الدولة منا ؟ المطلوب تأمين فرص عمل عبر إقامة مشاريع إنمائية تطويرية من شأنها دعم أبناء باب التبانة وعائلاتهم لأن أوضاعهم غاية في التعاسة. الوعود لا تزال تنهال على طرابلس من سنوات طويلة وحتى اليوم لم نلمس أي تغيير على أرض الواقع.
ماذا عن علي عيد ونجله رفعت وأين هما اليوم من المحاسبة بعد تفجير مسجدَى التقوى والسلام ؟
جبل محسن جزء من طرابلس وهو في الأساس إمتداد لمنطقة باب التبانة لكن بعض المجرمين المأجورين من الطائفة العلوية الكريمة قاموا بإفتعال المشاكل.علي ورفعت عيد هُرِّبوا وحزب الله قام بتأمين حمايتهما ووصلتنا معلومات أنهما موجودان في الولايات المتحدة ولن يهدأ لنا بال قبل أن يتم القبض عليهما وجلبهما للمحاكمة . هناك شهيدة سقطت ضحية تفجير مسجد السلام تدعى زينة الحلبي تحمل الجنسية الأميريكة وقد توعد والدها برفع دعوى جزائية ضد رفعت عيد المتهم بهذا العمل الإجرامي وأنا أتمنى أن يكونا فعلاً هناك لينالا جزاءهما. سقط لنا 6 شهداء ، 500 جريح داخل المسجد و15 خارجه . قامت وزارة الصحة بواجباتها في مرحلة أولية واستقبلت الجرحى لكن مع الأسف لم تتم متابعة حالات المصابين الفقراء كبائعي الكعك والعصير أمام المسجد وهم كُثر ولا معيل لهم ولا لعائلاتهم .الرئيس سعد الحريري تكفل مشكوراً بثلث أعمال إعادة بناء مسجد السلام والرئيس نجيب ميقاتي أخذ على عاتقه الثلث الثاني والباقي تكفل به أهل الخير من طرابلس ومن جمعيات خيرية .
ما هو دوركم في ترسيخ معاني الإعتدال في وجه التطرف ؟
نحن نفتقد للحاضنة الرسمية والدينية مع الأسف وجهودنا هي شخصية وفردية . نحرص على تشجيع الشباب بالإبتعاد عن الأفكار المتطرفة المنحرفة ولا بديل لي إلا دعوتهم للصلاة والمناقشة الواعية المعتدلة والمطلوب إقامة مدينة رياضية كاملة متكاملة في طرابلس. نحن في حاجة لمشاريع تستوعب طاقات الشباب وتنمي قدراتهم وتمنحهم بارقة أمل لمستقبل واعد . للأسف هناك بعض الوسائل الإعلامية تصرعلى ترويج التطرف عبر إستضافة أمثال عمر بكري فستق وبلال دقماق ويعملون على إبعادنا نحن. لا إيمان بلا علم والخُلُق الحسن والكلمة الطيبة . أنا أستبشر خيراً بشباب طرابلس المعتدل فهم وجه لبنان الحضاري وأعود لأطالب الدولة كي تكون حاضنة لهم من خلال تأمين فرص عمل عوض لجوئهم إلى الهجرة . قلتُ للشهيد اللواء وسام الحسن أن الإرهاب يفرِّخ من داخل سجن رومية واقترحت عليه مشروع إقامة برامج توعية للموقوفين وقلت لقائد الجيش أن المتطرف يدخل السجن ونسبة الإرهاب لديه 20 بالمئة إلا أنه يخرج بنسبة 90 في المئة ويهاجمنا بسبب سوء المعاملة والتعذيب الذي يلقاه فيما نحن عاجزون عن مساعدته . نطالب بمحاكمة عادلة عوض التوقيفات الإعتباطية والمعاملة السيئة . نحن لا نقاتل ولا نهاجم أحداً فلمَ يتهموننا بالتطرف وهو ليس من ديننا ؟ لم نتهم أحداً إثر تفجير مسجدَي التقوى والسلام وأنا تعرضت لإصابة قاتلة وقد حماني الله لكننا لم ندعو للإنتقام والثأر والإجرام .
كيف تقرأ ما تقوم به "داعش" وما هي تداعيات ما يحصل في العراق على الساحة اللبنانية ؟
جبران تويني،جورج حاوي،سمير قصير،أنطوان غانم وسواهم هم مسيحيون فمن هو الذي قام بقتلهم، داعش أو النظام السوري والإيراني ؟ لا أقول هذا دفاعاً عن داعش فنحن لا ندعمها كما أننا ضد التطرف إلى أقصى حد لكن الثورة التي حصلت في الموصل العراق هي ثورة العشائر والأحرار ولا علاقة لها بداعش وهي عكس ما يتم ترويجه إعلامياً كما أننا لا ندعم داعش .وكلنا نذكر بأنه تَّم تهجير 4 ملايين سني من العراق على يد النظام الإيراني إثر دخول الجيش الأميركي إلى العراق . هناك من يعمل على تشويه صورة الحراك المحقّ في العراق ونوري المالكي أتوا به الإيرانيون "كي يسوق الغنم". ما يحصل في لبنان هو أخطر بكثير مما يحصل في الموصل إذ أن السلاح هو بيد من يهدد مصالح الناس جميعاً . "حزب إيران" يسير نحو مقصلته بملء إرادته بسبب تورطه في الحرب السورية ولا أستبعد أن تصل ثورة الموصل إلى لبنان في حال أراد أن يشارك فيما يحصل بالعراق. عبر التاريخ رأينا أن الشعب الحر لا يهدأ له بال حتى يُسكت المجرم أينما كان وما يجري في سوريا والعراق وراءه شعبٌ حر إنتفض في وجه الظلم. لن يكون هناك بشار الأسد في القريب العاجل وأنا متفائل رغم كل ما يحصل فالحق سينتصر ولو بعد حين وسيدفع الظالمون الثمن غالياً . أما فيما يتعلق بالوضع العراقي المستجد فسيكون هناك خط نار من الموصل إلى بيروت في حال أعلن "حزب إيران" مشاركته العلنية بأمرمن الولي الفقيه. الغريب أنهم لم يتحركوا عندما قصف الأميريكون كربلاء ! ما يحصل هو نتيجة فشل المفاوضات الإيرانية الأميركية .
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول