حنين إلى القدس - في ذكرى الاسراء والمعراج
هذه قصيدة شعرية رائعة دبجتها يراع فضيلة الدكتور العالم المفسر الأديب الشاعر عبد الحكيم الأنيس حفظه الله تعالى ورعاه، وألقاها في حفل دائرة الشئون الإسلامية بدبي ، بمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج ونقلتها قناة : سما دبي . وقد خص الشاعر الكريم موقعنا بهذه القصيدة الجديدة التي يسعدنا نشرها وإتحاف القراء الكرام بما اشتملت عليه من معانٍ بديعة ولهجة صادقة وأسلوب جميل مؤثر.
حنين إلى القدس
للشاعر : عبد الحكيم أنيس
القــدسُ قـدسـي والـبــلادُ بــــلادي      فعلى مَ يُـطـلـبُ عنـهـما إبـعادي؟!
وإذا رُمـيـتُُ وكـنـتُ لـقـمـةَ آكــــ            هـل يــأكــلــون كــذلـــكم أولادي؟
وإذا استطاعوا ذاك منهم قســـــوةً       هل يطمسون الحق عن أحفادي؟
إنّــا هـنـاك بـإرثـنـا وبــــحقـــــــا          ولــيـسـألوا الـتاريخَ عن أجدادي
الأرض تــشــهد أنـها مـــــــــلــكٌ          كـنـّا لـهـا كــالــروح فـي الأجساد
هبْ أنهم حرقوا البيوت وهدمـــوا         هـل يـحـرقــون شـهـادةَ الــميلاد!
القدسُ في الأعماق مهما حاولـــوا       فليُـمـعـنــوا فـي الـزور والإفـساد
والـحــق مـرتـجـع إلـى أصـحابـه           والـمـجـد مـحـبـوسٌ على الأمجاد
سنــعـودُ يـوماً يـابلادُ فــكـــبـري          إنــا وعــودتـنــا عــلــى مـــيــعــادِ
 
الـقــدسُ قـدسـي رغـم كــلِّ مكابـر     أو عــابــثٍٍ بـــصـــلافـــةٍ وعــنــــاد
يجري بـذكــراهــــا دمــــــــــــــي           ألــتــــذ كــــــــالأذكـــــــــار والأوراد
أنا إنْ خمدتُ فمن هواها جذوتـــي     أو إن شـــقــيــتُ فــعـــندها إسعادي
وإذا ظـمـئـتُ إلـى المكارم والعــلا        فــحـــديثـــها ري الــمحبِّ الصـادي
أسترجع الـمـاضي فتشرق بهــــجة     صــــفـــحـــاتُهُ كـــالــكــوكب الـوقاد
وكــــأنــنــي بـجـــحــافــلٍ كــرارةٍ           حــــمََلتَ بــيـــارقَ نـــــصرةٍ وجهاد
وكــــأنــنــي بـــمــواكــب وضاءةٍ           طــــافــت بــــخيـــر صحائفٍ ومدادِ
وكــــأنــنــي بمــجــامــع مـكـسوةٍ       نــــوراً مـــن الــعـُـــــبَّــــاد والزهاد
صــورٌ من الـماضي القديم جليـلـةٌ      كــــــانــــت لـــذاك الــدهر كـالأعيادِ
 
 
الـقــدس قــدســي مـنـذ جاء نبينــا       فــــوق الـــبــراق يجوب ذاك النادي
صــلّى هــنــا بالأنــبــياء إشــــارة          أن الــــرحــــاب رحــابُ طـه الهادي
مُنـــحـت لـــه ولصــحبه مـن بعده         مــدداً مـــن الــــرحمــن ذي الإمـداد
وتـــألــقــت أبــدَ الــزمــانِ بنـورهِ            نــــور الـــنبــوة دونـــــمــــا إخــماد
الله بــاركهــا وأحـــمــد زارهــــــا            والمســــلـــمــون روائحٌ وغــوادي
طــــمع الغــزاة بها فــلم تهدأ لهــم         واهـــتـــزت الـــدنــيـــا من الأوتـاد
ولأهــلــــها عـــــادتْ كــــــأمٍ بـرةٍ           كـــحبيبــــة تــحـــنـــو بــــكــل وداد
وتشــــابــكوا بـــعــلاقة مشبــوبـةٍ          مــن بــعــد قــرنٍ مــر فــي الإبـعـاد
ســــجدوا بــها للــه أعـظمَ سجـدةٍ         والـــقــدس لاترضى سوى السُـجّـاد
 
 
الــقـدسُ قـدسـي مـنـذ جـاء محـمدٌ        ومــضـى إلــى الـمــيعاد فـي إصعادِ
منــها عـلا الــسبـعَ السماك مؤيداً        بـالــروح فــي الإصــــدار والإيــراد
وإلـى ربـاهــا عــاد بــعــــــــــــد             مــغــمــورةٍ بــفــــضـــائــل وأيـادي
الـقدسُ أولُ قريةٍ شـهدتــه في الــ           إســــراء والــمــعــراج والأشــهــاد
فــــازتْ بنــظــرتـهــا إلـيه مكـللاً             بالـــمــجد يـعلوه الضيـاء البــادي
والآن أســمــعــها كــــأنـــــــــــي            صوتاً من الماضي السحيق ينادي
يامســـلمــون أمــا لــديــكم نخـوة          أو نــهــضــة بالــنــصر والإنـجاد
هــانــت عــلــيكم ذكــــــــرياتُ               ورضــخــتـمُ ذلاً لأجــبــن عــــاد
أين الــحنــينُ أجــفَّ نبـعُ حنينـكم         أيــن الــفــداءُ أمــا بكم من فـادي؟!
لستُ الوحيدة حين ضعتوا ألم تروا         مــاحــل مــن بــعــدي على بغـداد
 
 
ويــكـاد يــقتلني الأسى أن لا أرى           مـــن مــنــجــد فــي غـابة الآساد
سوحُ المعارك تشتكي من بُعْــدكم           وسيــوفـكم ضجرت مــن الأغمـاد
والمســـجدُ الأقصى الأسيرُ معذبٌ          خـــاوٍ مـــن الإرشــاد والإنشــــاد
هل تــرجــعُ الـدنيا كما كانتْ وهل           تـــحلــو حيــاةُ الناس باستردادي؟
أيــظــلــل الــوادي الــسلامُ مجدداً          ويـــعــود يــرفــل بالسلام الوادي؟
ويقوم شادي الحب يهتف بالمنــى          واحـــر أشـــواقي لــذلك الشادي
ياقـــدسُ لاتــهنــي ولا تتزلزلي               وثـــقــي فــإن الـله بــالمــرصــاد 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين