حكم مس المصحف للمحدث والحائض والصبي

نص الاستشارة :

ما حكم مس المصحف للمحدث والحائض والصبي

الاجابة

 

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فقد اتفق جمهور الفقهاء على أنه يحرم بالحدث مس المصحف وحمله بلا حائل، وعمدتهم في ذلك هو كِتَاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: (أَنْ لا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلا طَاهِرٌ) [1].

 

واختلفوا في مسه بحائل، كغلاف أو كُمٍّ أو نحوهما، فذهب المالكية والشافعية إلى القول بالتحريم مطلقاً ولو كان بحائل.

 

وذهب الحنفيَّة والحنابلة في الصحيح عندهم إلى جواز مسِّ المصحف للمحدِث بِحَائِلٍ؛ لأنَّ النهي إنما ورد عن مسه، ومع الحائل إنما يكون المسُّ للحائل دون المصحف، على أن يكون الحائل مُتجافٍ عن المصحف، غير متصل به؛ لأنَّ المتصل بالمصحف منه.

 

كما اتفقوا على أنه يحرم على الحائض مسُّ الْمُصْحَفِ من حيث الجملة، واستثنى المالكية من ذلك الْمُعَلِّمَةَ وَالْمُتَعَلِّمَةَ (في حال الحيض)، فَإِنَّهُم قالوا بجواز مسِّ المصحف لهما، سواء كان كاملا أو جزءا منه أو اللوح الذي كتب فيه القرآن. قال بعضهم: وليس ذلك للجنب؛ لأنَّ رفع حدثه بيده ولا يشق، كالوضوء، بخلاف الحائض فإن رفع حدثها ليس بيدها، لكن المعتمد عندهم أنَّ الجنب رجلا كان أو امرأة، صغيرا كان أو بالغا يجوز له المس والحمل حال التعلم والتعليم للمشقة. وسواء كانت الحاجة إلى المصحف للمطالعة، أو كانت للتذكر بنية الحفظ.

 

وأما مسُّ الصغير للمصحف على غير طهارة فذهب الحنفية والمالكية في قول إلى أنه يجوز للصغير غير المتطهر أن يمس المصحف، قالوا: لما في منع الصبيان من مَسِّه إلا بالطهارة من الحرج، لمشقة استمرارهم على الطهارة، ولأنه لو مُنعوا من ذلك لأدَّى إلى تنفيرهم من حفظ القرآن وتعلمه، وتعلمه في حال الصغر أرسخ وأثبت.

 

قال الحنفية: ولا بأس للكبير المتطهر أن يدفع المصحف إلى صبي.

 

وقال الشافعية: لا يمنع الصبي المميز المحدث ولو حدثا أكبر من مس ولا من حمل لوح ولا مصحف يتعلم منه، أي: لا يجب منعه من ذلك؛ لحاجة تعلمه ومشقة استمراره متطهرا، بل يستحب. قالوا: وذلك في الحمل المتعلق بالدراسة فإن لم يكن لغرض، أو كان لغرض آخر منع منه جزما. أما الصبي غير المميز فيحرم تمكينه من ذلك لئلا ينتهكه.

 

وذهب الحنابلة في المذهب إلى أنه لا يجوز للصبي مس المصحف، وكذا الألواح المكتوب فيها القرآن على الصحيح، أي:

 

لا يجوز لوليه تمكينُه من مسِّه. وفي قول: يجوز مسه للألواح. والله تعالى أعلم.

 

لجنة الفتوى – رابطة العلماء السوريين

 

التاريخ:13/9/1438هـ

 

الموافق: 8/6/2017 م

 

*********

 

(1) [أخرجه الدارقطني ( 2/ 285) ، وصوّب ابن عبد البر الإرسال فيه كما في حاشية الموطأ ( 1/ 199)، ولكن له شواهد تقويه، ذكرها ابن حجر في التلخيص ( 1  131 ـ ط شركة الطباعة الفنية ) . وكذا حديث: «لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر» أخرجه الحاكم من حديث حكيم بن حزام، وحسَّن الحازمي إسناده كما في التلخيص لابن حجر ( 1 /131 )]


التعليقات