حكم المجالس أو الاجتماعات المختلطة

نص الاستشارة :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

كثر في الآونة الاخيرة حضور الرجال والنساء في مجلس واحد لحضور محاضرة أو ندوة أو دورة تدريبية أو للمشاركة في ورشات عمل في مكان عام أو خاص. وقد يكون المحاضر رجلا أو امرأة أو ربما يحاضر اثنان أو أكثر من الجنسين.

نرجو من حضراتكم تزويدنا ما يقرره الشرع في هذا الموضوع بحالاته المختلفة. ما هو المسموح وما هو الممنوع، وما هي الضوابط والمحاذير والشروط . وما هو المباح عند الضرورة وفي الاحوال العامة. وما هو الأحوط والافضل. وجزاكم الله خيرا

الاجابة

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ومن والاه، وبعد:
فإنه لا ينبغي الحكم على الاختلاط بين الرجال والنساء حكماً عاماً بالحل أو الحرمة، إنما يتوقف ذلك على الضوابط والقيود الشرعية المطلوبة من كلا الجنسين،
فإذا ما التزم الرجل بغض البصر الذي أمر الله به، والتزمت المرأة بغض البصر والحشمة في حجابها بضوابطه الشرعية، فإنه لا مانع يمنع من الاختلاط لقضاء الحاجات من بيع وشراء ودراسة وتعامل تدفع إليه الحاجة، وليس للهو والعبث.
وهذا بالطبع في الحالات العادية، أما حالات الضرورة فلها أحكام أخرى، تقدر الضرورة بقدرها.
ولعل من أهم ما ينبغي التأكيد عليه في زماننا هو ضوابط حجاب المرأة، التي غابت عن كثير من أذهان المؤمنات، وأصبحن أسيرات للموضات والعادات، وتقليد النساء الأخريات.
فمن شروط حجاب المرأة المسلمة إن خرجت من بيتها وخالطت الرجال لحاجاتها، مما دلت عليه النصوص الشرعية:
1ـ أن يكون الحجاب ساترًا لجميع بدن المرأة، باستثناء الوجه والكفين ففيهما خلاف، فقد اختلف السلف في بيان المراد باستثناء في قوله تعالى: (إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) على أقوال: فقال ابن عباس رضي الله عنهما وعدد من السلف: وجهها وكفيها وخاتمها، وقال ابن مسعود رضي الله عنه وعدد من السلف: الرداء والثياب؛ وقال مالك عن الزهري: الخاتم والخلخال.
2ـ أن لا يكون الحجاب زينة في نفسه، فقد نهى الله تعالى المؤمنات عن إبداء زينتهن، قال ابن عطية في تفسيره المحرر الوجيز 4/ 178: يظهر لي في محكم ألفاظ الآية: المرأة مأمورة بأن لا تبدي، وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء في كل ما غلبها فظهر بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه، أو إصلاح شأن، ونحو ذلك فما ظهر على هذا الوجه فهو المعفو عنه.
3ـ أن يكون الحجاب صفيقًا لا يشف ما تحته، لأنَّ معنى الستر لا يتحقق إلا بما كان بهذا الوصف، أمَّا الثوب الذي يشف ما تحته من البدن فليس بحجاب، إنما هو أقرب لوصفه بالعري المُحْتَجب الذي لا يُراد منه إلا فتنة الناظرين وإغواؤهم، وقد أخبرنا النبي عن صنف من أهل النار لم ير أفعالهم في زمنه، إلا أنهم سيكونون في زمن من الأزمان، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ رؤوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا» [رواه مسلم]
4ـ أن يكون الحجاب فَضْفَاضًا غير ضيق، لا يصف شيئًا من جسم المرأة؛ لأنَّ الغرض من الحجاب إنَّما هو درأ الفتنة، ولا يحصل ذلك إلا بالفضفاض الواسع، وأمَّا الضيق فإنَّه وإن ستر لون البشرة إلاَّ أنَّه يصف حجمها أو بعضه، ويصوره في عين الناظر، وفي ذلك من الفتنة والفساد ما لا يخفى على أحد خصوصاً في زماننا هذا الذي انتشرت فيها الألبسة الضيقة التي تصف أدقَّ تفاصيل ما تحتها، مما يهيج الشهوات ويدعو إلى المنكرات، ويفقد الحجاب معناه ودوره الذي أراده الشارع منه.
5ـ أن لا يكون الحجاب مُبخرًا أو مُطيبًا، لورود النهي عن تطيُّب المرأة وتعطُّرها عند خروجها من بيتها، لما في ذلك من تحريك داعية الشهوة.
6ـ أن لا يشبه لباسُها لباسَ الرجال، فقد ورد اللعن عن النبي للمرأة التي تتشبَّه بالرِّجال في لباسها.
7ـ أن لا تقصد بلباسها التشبُّه بالكافرات، لأنه مما تقرر شرعاً أنه لا يجوز للمسلمين - رجالاً ونساءً - التشبُّه بالكفار، سواء كان ذلك في عباداتهم أو أعيادهم أو أزيائهم الخاصة بهم.
8ـ أن لا يكون لباسها لباس شهرة، لما فيه من قصد الاختيال والفخر عليهم.
فإن كان اختلاط المرأة بالرجال وفق هذه الشروط والضوابط، وكانت الحاجة داعية لذلك فلا مانع من الاختلاط، أما إن تخلفت هذه الشروط أو بعضها فإن اختلاطها بالرجال سيكون مدعاة للفتنة. والله أعلم.

لجنة الفتوى - رابطة العلماء السوريين
4- 8 – 1436هـ


التعليقات