حكم الزواج من شيعي جعفري

نص الاستشارة :

السلام عليكم سماحة الشيخ أنا سنية وطبيبة من سوريا وملتزمة، وقد تعرفت إلى أستاذ جامعي يعيش في الغرب من الشيعة الجعفرية من العراق، وأحببته وأحبني وطلب مني الزواج، زواجا دائما وليس متعة. فضيلة الشيخ ما أعرفه عنه أنه معتدل فيشهد الشهادتين ويقر بأن القرآن محفوظ عن التحريف، ويصلي مع السنة، إلا أنه بالوقت نفسه يقر بالشهادة الثالثة، ويجمع الصلاة، ويزور قبور آل البيت. وقد أحجمت عن الموضوع لفترة لأنه قيل لي لا يجوز. إلا أن الرجل ما زال في خلدي، فلا أستطيع تقبل غيره، على الرغم أنهم سنة، ومن بلدي، وأنا سأعيش معه في الغرب دائما. فهل يجوز لي الزواج به؟ والسلام عليكم.

الاجابة

وقد أجبتها بالجواب التالي لتكون رسالة خاصة بها ولم أكن أرغب بتعميم الجواب، فقلت:
أختي الكريمة: وعليكم السلام ورحمة الله، إذا كان الزوج شيعياً جعفرياً، معتدلاً، لا يسبُّ الشيخين أبي بكر وعمر والصحابة الكبار المبشرين بالجنة وأمهات المؤمنين، فيجوز الزواج به، وإن كنت أخشى عليك من التأثُّر به، وإذا كنت ترغبين به، ولا تقبلين بغيره، فتوكَّلي على الله عزَّ وجل.
وكتبه: مجد بن أحمد مكي.
*** *** ***
وحرصاً مني على التأكد من صحَّة فتواي، أرسلت السؤال للأخ الكريم الفقيه مفتي دبي وعضو المجامع الفقهية فضيلة الشيخ أحمد عبد العزيز الحداد ، فأجاب بما يلي:
الجواب وبالله التوفيق:
من حيث الجواز يجوز أن تنكحيه ؛ لأنه مسلم لاسيما وقد تعلق قلبك به، فلن تستقيمي مع غيره،
وعليك مع ذلك أن لا تُقريه على منكر تسمعيه منه، بل تردي عليه بالتي هي أحسن.
والله يتولى هداك وهداه.
*** *** ***
ونُشر جوابه مقترناً بجوابي، في موقع الرابطة الذي أشرف عليه، واعترض بعض الناس على الجوابين المنشورين في الموقع، وأطالوا الردَّ بذكر ما يتصل بعقائد الشيعة وانحرافاتهم، التي لا نجهلها، ولكن لا يجوز تعميمها وإسقاطها على كل شيعي دون تفريق، وأكثر هذه التعقيبات متأثِّرة بالأزمة التي تمر بها المنطقة من تحالف كثير من الشيعة مع النظام السوري المستبد المجرم، ووصلتني انتقادات أخرى لا صلة لها بموضوع الفتوى، مما لا أشغل نفسي به، ولا أضيع وقتي ووقت القراء الثمين بالاشتغال به، ولقد مررت عليها مرور الكرام، وقلت بعد قراءتها: ( سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين ). وأعتذر عن العودة إلى هذا الموضوع الذي تشغلنا عنه كثير من النوازل الخطيرة، ولكن لإثارة بعضهم من جديد لهذا الموضوع، أعيد التعليق عليه باختصار.
وحرصاً مني على عدم الاستقلال بالرأي، أرسلت لبعض إخواني العلماء سؤال المستفتية، وقد ذكرت أجوبتهم وتعليقاتهم كما وصلتني في تسلسلها التاريخي.
*** *** ***
أرسلت إلى أخي الشيخ أحمد ممدوح الباحث في دار الإفتاء المصرية، أطلب منه جوابا عن المسألة، فأحالني إلى فتوى في دار الإفتاء، هذا نصها وجوابها:
تقدَّم لابنتي شاب ميسور الحال قد رآها وأُعجب بها، ويريد أن يتزوجها وهو مسلم شيعي وابنتي مسلمة سنية. فهل يجوز زواج مسلم شيعي من فتاة مسلمة سنية ؟
فجاء في الجــــــــواب: أنَّ الشيعة فرق عديدة منها المعتدل ومنها المغالي، ففي واقعة السؤال:
إذا كان الشاب المتقدم لبنت السائلة واحد من المعتدلين الذين أشرنا إليهم فإنه يجوز له الزواج من هذه الفتاة السنية لأنهما يدينان بدين واحد.
وأرسلت السؤال للشبكة الإسلامية فأحالتني إلى سؤال مشابه مع جوابه، وهذا السؤال ثم الجواب:
أنا فتاة في الثامنة عشرة من عمري، من إحدى الجنسيات العربية في دولة قطر، ومذهب أهلي يحرم الزواج من أبناء أي مذهب آخر.
*** *** ***
الجواب:
احرصي أن يكون من ترضين به زوجاً ممن يلتزم هدي السلف الصالح ويعتقد عقائد أهل الحق، فإن أراد أهلك تزويجك برجل على خلاف ما ذكرنا من الوصف، فإما أن يكون ممن يعتقد عقائد فاسدة كفرية فلا يجوز القبول به زوجاً. ومن العقائد الكفريَّة: بدعة القول بخلق القرآن، وبدعة نفي صفات الله تعالى، أو القول بأن الصحابة ارتدوا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا نزراً يسيراً، وهكذا القول بتحريف القرآن الكريم، ودخول النقص أو الزيادة عليه، أو القول بأن الأولياء يعلمون ما كان وما يكون ومتى يموتون وأين سيقبضون ، أو الطعن في أبي بكر وعائشة رضي الله عنهما مع تزكية القرآن لهما، أو القول بأن الله تعالى يحل في شيء من مخلوقاته في علي أو غيره.
وإن كان لا يعتقد شيئا من العقائد الكفرية ولديه عقائد مفسِّقة أو أفعال مفسِّقة فليس هذا الرجل الفاسق باعتقاده أو عمله بكفء للديّنة العفيفة فلا يزوج وإن زوج ففي صحة هذا النكاح خلاف شهير:
فمن أهل العلم من ذهب إلى عدم صحَّة هذا النكاح، ومنهم من ذهب إلى صحَّته مع الكراهة.
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في فتح الوهاب:(فليس فاسق كفء عفيفة) وإنما يكافئها عفيف وإن لم يشتهر بالصلاح شهرتها به،والمبتدع ليس كفء سنيَّة. اهـ.
أما إن كان لا يعتقد شيئاً من العقائد المكفرة ولا من العقائد المفسِّقة فلا مانع من الزواج به،والذي ننصح به هو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض."والله أعلم.
*** *** ***
وكتب لي الشيخ الدكتور محمد بشير حداد وفقه الله معلقا على الموضوع:
أخي الشيخ مجد حفطه الله. السلام عليكم ورحمة الله:
أعجب - يا أخي - ممن يريدون الفتوى الشرعية المحررة أن تخضع لميول الأهواء لا للأصول والأدلة. ويتناسون الفرق بين الفتوى والعمل بها. فالعمل بمسألة جواز النكاح من غير أهل السنة لا يعني أنه يلزم الأهل أوالمخطوبة الإقدام عليه ووجوب ذلك، والأمر يدخل في الصحة وعدمها لا بالوجوب والتأثم بمخالفته.. وأما النصيحة فهي بحسب الحال والظرف ولا تعمَّم، بخلاف الفتوى والله أعلم.
*** *** ***
وعلق الأخ الكريم الشيخ رسلان المصري وفقه الله تعالى على الفتوى بما يلي:
نتمنَّى على إخواننا في لجنة الفتوى: أن يجتنبوا نشر مثل هذه الفتاوى التي تثير جدلاً، وضررها أكثر من نفعها بكثير؟!، ومن كان يرى هذه الفتوى وقد استفتي بها فليرد على البريد الخاص للسائل؟! ويريحنا من هذه المشاكل التي نحن بغنى عنها؟!وعني شخصياً: أرى عدم صحة هذه الفتوى!
*** *** ***
وأجاب الأخ الدكتور الشيخ عماد الدين الخيتي بما يلي:
بالنسبة للفتوى:فصحيح - كما تفضَّل أحد المشايخ -أنَّ هناك عدد من أهل العلم أفتى بالجواز، ولعل هذا كان قبل انكشاف حقيقتهم، أما الآن فقد بانت عقائدهم والتي فيها من الكفر والضلال ما لا يمكن السكوت عليه، صحيح أن مسألة التكفير وخاصَّة للعوام قد يتوقف فيها، لكن الأصل فيهم الضلال البعيد، لهذا أرى _والله أعلم _ أن التعامل مع الكتابيين أكلا من ذبائحهم وزواجا لنسائهم واستئماناً: أحل من التعامل مع هؤلاء.
*** *** ***
ثم أرسلت السؤال إلى فضيلة الشيخ أحمد الحجِّي الكردي حفظه الله، فأجاب:
العبرة لعقيدته وليس لاسم مذهبه، فإن كانت عقيدته هي عقيدة أهل السنة، وصلاته صلاتهم، ويحب الصحابة كلهم ولا يشتم أحداً منهم، وبخاصة معاوية وعائشة رضي الله تعالى عنهما، ولا يؤمن بما يعدُّه أهل السنة مُكفِّراً فلا مانع من الزواج منه، وإن كان على خلاف ذلك، أو فيه شك فالابتعاد هو المطلوب، والله تعالى أعلم.
*** *** ***
وعرضت بعد عصر السبت 13 ربيع الآخر 1433 الاستفتاء على شيخنا القرضاوي، فأجابني شفهيا بما يلي:
لا أحبِّذ هذا الزواج، ولا أرضى به، وخاصة أنَّ السائلة ذكرت أنه يزور قبور آل البيت، ولا تخلو زيارة الشيعة للقبور من أعمال شركية، وصرف العبادة لغير الله عز وجل.
*** *** ***
وأجاب الشيخ بدر الحسن القاسمي رئيس المجمع الفقهي في الهند بالجواب التالي:
الأصل أنَّ أهل القبلة مسلمون وإن كانوا على ضلال وفساد في العقيدة إذا لم يبلغ الأمر إلى الطعن في الشيخين، أو التشكيك في سلامة القرآن، أو نسبة السوء إلى الصدِّيقة عائشة رضي الله عنها أو الخلط في أمر الوحي وما إلى ذلك من الأمور المخرجة من الملة.
لكن الزواج هو ميثاق غليظ والرجل له القوامة في البيت فمادام الرجل متمسكاً بالجمع بين الصلاتين.والتَّقيَّة مبدأ معروف لدى الشيعة فيخشى انقلابه إلى الأصل بعد الزواج وتأثير ذلك سلبًا على الحياة العائلية وعلى مصير الأولاد ؛لذا تنصح الأخت تغليب العقل على العاطفة واختيار رجل آخر أو ربط موضوع الزواج بتخلِّيه عما هو عليه حتى تؤمّن نفسها ومصير أولادها، ولا تكون ضحية لمتعة عاجلة ثم الندم على ضياع أولادها، والندم والكآبة على نفسها طول حياتها. والله ولي التوفيق،،،
*** *** ***
وأجاب فضيلة الشيخ الدكتور موفق الغلاييني الدمشقي من أمريكا بالجواب التالي:
أنصحها بألا تقدم على هذا الزواج أبدًا،ولعل القصص التي سأرويها لها من أمريكا تقنعها إن شاء الله.
هناك عائلة مسلمة في مدينتي، الزوج سنِّي والزوجة شيعية، حصل خلاف بينهما على تربية أولادهما. فالأب يريد لأولاده القدوم لمسجدنا وتعلم أمور الدين، أما الزوجة الشيعية فترفض رفضا باتا رغم أن الزوجه كانت معتدلة جدا كما أخبرني زوجها، ورغم محاولتي إقناعها ولكنها لم تستجب، والأولاد الآن ضائعون لا يفقهون من دينهم إلا ما تمليه أمهم عليهم لأن الأب مشغول بعمله.
أريد أن أقول للأخت من واقع تجربتي فأنا أقيم قريبًا من مدينة (ديترويت) بولاية (متشغن ) وفيها عدد كبير من الشيعة.
أقول لك: يا أختي إنهم صاروا متعصبين جداً ضد السنّة بعد تحكمهم في إيران وسوريه ولبنان والعراق حتى أنهم لا يشترون من محلاتهم، وأفتى شيخهم حاليًا بعدم جواز قيام الشيعي بالزواج من السنيّة.
أما المتعة فهي جزء أساسي من مذهبهم، وهم يمارسونها هنا، بل يتقربون إلى الله من خلالها كما يزعمون!! فما الذي يجعلك تضمنين بأن هذا الشيعي لن يفعل هذا وربما بدون علمك خلال عطلة نهاية الأسبوع كما يفعلون هنا في( ديترويت )؟ وعليك أن تسألي نفسك هذا السؤال:
هل سيتمكَّن أولادك في المستقبل من تعلم دينهم بشكل سليم أم أنَّ الأب سيشوش أفكارهم بما يدين به من أفكار بعيدة عن الإسلام. مثل كره أكثر الصحابة وأنهم غيروا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن أئمة الشيعة معصومون وأنه لا يصل إلى مرتبتهم نبي مرسل ولا ملك مقرّب كما قال الخميني في كتابه "الحكومة الإسلامية"؟؟ وهناك أمور أخرى كثيرة لا يتسع وقتي لذكرها. ولكن انظري لتحالف الشيعة الآن في العالم كله ضد الشعب السوري المسكين الذي يفعلون به ما لم يفعله التتار ولا الصليبيون. إسألي نفسك: لمَ كل هذا التأييد للإجرام والقتل وهتك أعراض النساء؟؟ لم هذا الحقد الأعمى ؟؟
أختي الكريمة: دعي عنك العواطف وحكِّمي عقلك قبل فوات الأوان حيث ستندمين أشد الندم،ولكن بدون فائدة لا سمح الله.
أسأله سبحانه أن يلهمك الصواب والله الموفق لما فيه الخير.
*** *** ***
وأجاب فضيلة الدكتور الشيخ صلاح الدين إدلبي بما يلي:
لا يجوز الإفتاء بالجواز ولا بعدم الجواز بالإطلاق من القيود، ينبغي أن يقال: من يقول كذا فحكمه كذا، فالشيعة آراء ومذاهب وليست مذهبا واحدا. والله أعلم. وكتبه صلاح الدين.
وأجاب فضيلة الدكتور الشيخ ماجد درويش الطرابلسي وفقه الله:
لا أُحبِّذ لها الاقتران بهذا الرجل الجعفري، فقد حَدَثت عندنا في لبنان زيجات من مثل هذه انتهت كلها بالطلاق، فالشعور الذي يعتمر في قلبها الآن حباً تجاه الرجل سوف يضمر سريعاً ويتحول إلى عكسه، وبالأخص بعد مخالطة أهله وأقربائه. وهذا أمر لا يمكن تفاديه، وليس من المنطقي الطلب من الرجل البعد عن أهله، إلا إذا اعتنق الرجل المذهب السنِّي قناعة لا رغبة بالتأهُّل. وفي كل الأحوال نصيحتي للسائلة أن تأخذ من ملتها، فالحياة الزوجية لا تقوم على المشاعر فقط، ومن ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيراً منه. والله أعلم.
*** *** ***
وأجاب الأخ الدكتور الشيخ خالد حنفي رئيس هيئة الدعاة في ألمانيا:
أخي الحبيب الغالي فضيلة الشيخ العلامة مجد مكي وفقه الله.
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته،وبعد:
فلا ننصح الأخت أبداً بهذا الزواج،وعليها أن تُحكِّم عقلها،وأن تتدبَّر العواقب، وهذا الجواب من واقع عشرات الحالات التي تقع بين أيدينا يوميا في الغرب، والله أعلم.
*** *** ***
وأجاب الأخ الدكتور الشيخ وصفي أبوزيد عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وعضو مكتب تنفيذي رابطة أهل السنة بما يلي:
رأيي أن الشيعة في تلقيها مصادر الدين تتبع مصادر غير مصادر المسلمين، ويسبون الصحابة ويلعنون أبا بكر وعمر، وبعضهم من غلاتهم يتهمون عائشة بالزنا والعياذ بالله، والحكم الشرعي الثابت فيهم غير الرأي السياسي الذي يتبع اختلاف الأحوال والمكان والزمان، فهم الآن يمارسون أبشع أنواع القتل بحق أهل السنة وعلمائهم في العراق وسوريا وإيران، والمعتدلون من هؤلاء يستخدمهم الشيعة لخدمة أغراضهم في المؤتمرات ليُجمِّلوا بهم وجههم القبيح، ثم ما مقاييس هذه السائلة في الاعتدال؟ أم أنه الحب الذي يعمي ويصم؟ لكن لا يمكن لعاقل الذهاب لتكفير عموم الشيعة، ولا تحريم الزواج منهم.


*** *** ***
وأجاب الأخ الشيخ عبد العظيم عرنوس بالجواب التالي:
الشيعة فرقة من الفرق المخالفة لأهل السنَّة والجماعة في جملة من الأصول والعقائد، والمنتمون للشيعة متفاوتون في التزامهم بعقائدهم، فمنهم الجاهل المقلِّد الذي لا يدري الفرق بين السنة والشيعة، لكنه متعصِّب لهم، ومنهم المتمسك بأصوله العارف بمذهبه، وهذا ينبني عليه حكم النكاح.
ومن العقائد الفاسدة الموجودة عند الشيعة: سبُّ أكثر الصحابة واعتقاد كفرهم وردتهم، والطعن في عائشة رضي الله عنها المبرأة من فوق سبع سماوات، ودعاء غير الله كعلي والحسن والحسين وأئمة أهل البيت، فيفزعون إليهم في الشدائد والملمات، ويرجون منهم تفريج الكربات، ويغلو بعضهم فيعتقد تحريف القرآن، وأن الصحابة حذفوا منه ونقصوا ما يتعلق بولاية علي رضي الله عنه.
ومن اعتقاداتهم الفاسدة: اعتقاد أن أولياءهم يعلمون الغيب، يعلمون ما كان وما يكون، وأنهم معصومون من الخطأ والنسيان، وكل ذلك كفر وضلال.
فمن كان على شيء من هذه العقائد لم يجز إنكاحه حتى يتوب، وأنَّى لها أن تعرف اعتداله وهم أصحاب ( تَقيَّة)
وإن لم يكن على شيء من هذه العقائد، أو كان عليها ثم تاب وأناب، فلا حرج في نكاحه هذا من حيث الأصل.
ولا شك أن ترك الزواج منه هو الأولى والأسلم من باب سد الذرائع خصوصاً في زمننا الراهن،وقد قامت لهم دول، خصوصاً أن القوامة للرجل، والمرأة لا حول لها ولا قوة ، وهم أصحاب مكر وخداع، وقد يتخذون ذلك ذريعة لنشر التشيع عن طريق الذرية، وتأثير أهله عليهم، أو عليه مستقبلا، ثم كيف سيكون حال مثل هذا الزواج، وهل سيكتب له النجاح مع التناقضاتالموجودة بين المذهبين، وهل سيربى الأولاد على حب أهل السنة، أم بغضهم، وهل سيغرس في قلوبهم حب الصحابة أم بغضهم ؟! هذه كلها تساؤلات مشروعة ينبغي أن تكون محل دراسة ونظر واهتمام قبل الإقدام على مثل هذا الزواج الذي قد يكون مصيره في غالب الظن الفشل، والسلامة لا يعدلها شيء.
*** *** ***
ثم وقفت على فتوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في"مجموع الفتاوى " ( 32 / 61) هذا نصها:
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عن الرافضة هل تزوَّج ؟.
فأجاب:
"الرافضة المحضة هم أهل أهواء وبدع وضلال، ولا ينبغي للمسلم أن يزوِّج مُوليتَه من رافضي.
وإن تزوج هو رافضية: صحَّ النكاح، إن كان يرجو أن تتوب، وإلا فترك نكاحها أفضل ؛ لئلا تفسد عليه ولده " انتهى.
وكتب لي الأستاذ الشيخ مروان القادري بعدما أطلعته على ما وردني من أجوبة:
قلت: وأنا أميل إ لى فتوى ابن تيميَّة في عدم الجواز؛ لأن التاريخ الماضي والحاضر يثبت غلوهم في آل البيت وعداوتهم للمسلمين وتصريحهم بذلك، والحكم يُبنى على الأغلب وليس على الاستثناء إن وجد،
وإذا كان لا بد من النشر، فأرى نشر الفتاوى التي تُغَلِّظ التَّزاوج معهم، والله تعالى أعلم.
*** *** ***
وكتب لي الدكتور الشيخ الدكتور عبد السلام البلاجي بعدما اطلع على فتواي والأجوبة الأخرى،الجواب التالي:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
حكم الحالة التي عُرضت عليك الجواز كما ذهبتَ إليه، مع النصح للسائلة بعدم الإقبال على هذه الزيجة اعتباراً للمآلات وللظروف الحالية في علاقة الطائفتين، إذ الفتوى -كما هو معلوم- لا بد أن تراعي الزمان والمكان وحال المستفتي، والله الموفق.
الدكتور عبد السلام بلاجي - الرباط المغرب
*** *** ***
وكتب لي الأخ الكريم الدكتور عماد الدين الخيتي بعدما أطلعته على مجموع ما استلمته من فتاوى وتعليقات: جزاكم الله خيراً أخي الشيخ مجد على هذا المجهود الكبير الذي بذلتموه في جمع هذه الأجوبة.
من خلال جمل الأجوبة وغالبيتها اتَّضح لي القول بعدم زواجها ؛لأن هناك عقائد أخرى فيها شرك كزيارة القبور، وأخرى لا تعلم عنها شيئًا، كما ذكر الشيخ القَرَضاوي.
ولعل ما يحسم المسألة كلام الشيخ موفق الغلاييني فهو جواب جمع بين الحكم الشرعي والتجربة التي تبيِّن صدق هؤلاء.
وبالنسبة لي شخصيًا فقد مررت بتجربة قريبة من هذه: فقد تواصل معي أحد الإخوة من بلاد غربية، ويقول:إنه تَسنَّن وترك التشيُّع، وبدأ يتعلم الأمور الشرعية، وكنت على تواصل معه للتوجيه والإرشاد في شتى المجالات.وبعد سنتين اكتشفت أنه ما زال مع زوجته على المتعة!
فالتأكد من تراجع هؤلاء عن جميع آثار دينهم يحتاج ليقين: (فامتحنوهنَّ الله أعلم بإيمانهن).والله أعلم.
*** *** ***
وكتب لي الأخ الكريم الدكتور أحمد كنعان بعدما أطلعته على مجموع ما استلمته من فتاوى وتعليقات:
جزاك الله خيراً شيخنا الكريم مجد مكي على هذه الجولة مع علمائنا الأفاضل الذين يبدو واضحاً رجحان القول عندهم بعدم صحَّة مثل هذا الزواج، لما أصبح معروفاً من حال هؤلاء الروافض، وشدَّة حقدهم على أهل السنة والجماعة، فلا يُؤْمن جانبهم، ولا يتَّقى مكرهم وغدرهم.لهذا نميل إلى عدم صحة تزويج بناتنا لهم.
أما زواج السني من الشيعية فلعل الراجح – والله أعلم - صحته، إذا ما آنس منها الميل إلى مذهب أهل السنة والجماعة و السلف الصالح، وعدم الغلو في آل البيت، واستعدادها لتصحيح ما قد يشوب عقيدتها من ضلال.. والله تعالى أعلم.
*** *** ***
وقد راسلت أخي الشيخ حسن بن إبراهيم الهنداوي، فكتب لي هذا الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي العزيز مجد مكي
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وتقبل الله صومكم وقيامكم وجميع طاعاتكم في هذا الشهر المبارك شهر رمضان.
وبعد، فقد قرأت ما أجاب به العلماء الأفاضل والشيوخ الكرام عن السؤال المذكور، ولقد أجادوا وأفادوا، وربّما لا تكون لدي إضافة يؤبه بها على ما قالوه. فأقول - مستعينا بالله وهو وليّ التوفيق – أنّه يبدو لي من كلام الأخت السائلة أنّ الأستاذ الجامعي قد أظهر بعض ما يمكن إظهاره، وأخفى ما لا يستطيع إظهاره عملا بالتقية وهذا حكم على المجموع لا على الجميع. لذلك فقد أظهر الشهادة الثالثة، وهي في حدّ ذاتها تتضمن اتهاما لبقية الصحابة رضوان الله عليهم وتنقيصا من حقهم، لاسيما أبي بكر وعمر، فضلا عن تناقضه الواضح يصلي مع السنة، ويجمع الصلاة، فنيته مترددة بين أداء كلّ صلاة في وقتها (كتابا موقوتا)، وبين جمع الصلوات، فعلى أيِّهما المعوّل أو أنه يعتبر الصلاة مع السنة باطلة فيصليها تقية، ويعيد الصلاة التي يراها صحيحة، وهذا الاحتمال أرجح عندي من الأول. ناهيك عن زيارته للقبور ومعلوم ما يعتقده الشيعة في أئمتهم. فنصيحتي للأخت أن لا تغلّب العاطفة في مثل هذا الأمر فحتى ما وعدها به من الزواج الدائم، فما الذي يمنعه أن يتمتع بغيرها وهي في عصمته إذا كان مذهبه يشجعه على ذلك، لاسيما أن البيئة الغربية تشجع على ذلك حيث تبيح له من الخليلات ما شاء، والمتعة عندي من هذا الضرب، بينما لا يجيز القانون الغربي له إلا زوجة واحدة فوسّعوا في الحرام، وضيّقوا في الحلال. وأما ما ذكرته الأخت السائلة من أن الرجل مازال في خلدها وشدة تعلقها به فقد يكون هذا ابتلاء من الله تعالى لها فإذا تركت ذلك غيرة لدينها ومحبة في سنة نبيّها r فيعوضها الله خيرا منه كما قال ابن حجر رحمه الله في شرحه لحديد أبي طلحة فقال:"وأن من ترك شيئا عوضه الله خيرا منه". ثم المحبة تتقلب بتقلب القلوب كما هو في حديث رسول الله r: "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن. كقلب واحد. يصرفه حيث يشاء". ثم لابد من النظر إلى مآلات الأفعال والموازنة بين المصالح والمفاسد، وإعمال قاعدة سدّ الذرائع. فهذه الأمور كلّها تقوي عندي اجتناب الزواج من الرجل المذكور في السؤال. وأخيرا أوصي الأخت السائلة بعد الاستفاء والاستشارة تأتي بعد ذلك الاستخارة فلا تغفل عنها، ومن السنة انها إذا استخارت الله تعالى فتمضي فيما اختارته، ولا استشارة بعد الاستخارة، والله أعلم.
والسّلام عيكم
أخوكم حسن بن إبراهيم الهنداوي
*** *** ***
والخلاصة:
أنَّ الفتوى التي أجبت عليها هي حالة خاصَّة لامرأة تعيش في الغرب، تعلق قلبها برجل شيعي وصفته بالاعتدال، وذكرت بعض الأمور التي استدلت بها على اعتداله، فأجبتها على حالتها الخاصَّة بما أراه مناسباً لها،ولا أستطيع أن أتحكَّم في قلبها، ولا أن أحول بينها وبين الميل القلبي إلى هذا الرجل، وأردت أن أبعدها عن الوقوع في الحرام الصِّرف في تلك المجتمعات، وأن أفتيها بالجواز مع شبهة فيه، وخطر متوقع، ولم أكن أرغب بتعميم الفتوى الخاصَّة، ولكن قدَّر الله انتشارها مما دعاني إلى مزيد من التثبُّت والاستنارة بفتاوى العلماء، وأكثر الأجوبة التي أوردتها لم تذهب إلى القول بالحرمة بإطلاق، ولم تربط الأمر بالولاء والبراء، كيف وقد أجاز الإسلام للمسلم زواج الكتابيَّة ؟ نعم غلاة الرافضة لا يجوز الاقتران بهم بحال من الأحوال، ولا بدَّ في الفتوى من التَّفصيل وذكر القيود وعدم التعميم الذي ينافي الإنصاف، ولا بد من النصح والتوجيه كما جاء في أكثر الأجوبة التي نشرتها، أما القول بالتحريم بإطلاق دون قيود فهذا لم يذهب إليه عالم مُعتَبر، وأكثر أجوبة العلماء كانت: لا أحبِّذ، ولا أرضى، لا ينبغي،وكانت مقيَّدة بشروط متفق على أكثرها.وقد عرضت ما وصلني بكل أمانة، لترى في جنَّة الشريعة الفسيحة وفقهها ما يحقِّق العلاج للمشكلات، لا سيما في ديار الغربة.
والذي أراه: أن فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية في التمييز بين زواج الشيعي من سنيَّة،وزواج السنِّي من شيعية له وجه مُعْتَبر، ونظر مقاصدي ؛ بسبب تأثير الرجل وقِوامته عليها، على أني أنصح بما ذكره إخواني العلماء من واقع التجربة بعدم نجاح الزواج الذي سألت عنه الأخت، وتحقق مقاصده في المودة والرحمة،ولا بد من النظر إلى مآلاته في استقرار الحياة الزوجية وتربية الأولاد، مما يؤكد ما ذكره أكثرهم من التحذير من هذا الزواج – مع مراعاة الشروط والقيود -، والله تعالى أعلم.
ثم اطَّلعت بعدما تقدَّم على مخطوط بعنوان"الروض الرايض في عدم صحَّة نكاح أهل السنَّة بالروافض" للعلامة المؤرخ الفقيه مفتي دمشق الشام محمد بن علي المرادي المتوفَّى بحلب سنة 1206، وقد طلبت من بعض تلاميذي النجباء أن يقوم بتحقيقه بإشرافي، وأن يورد الفتاوى المذكورة في هذه الواقعة، ثم يستقصي الفتاوى الأخرى المتصلة بهذه المسألة، ونسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتِّباعه ويحبِّبنا فيه،وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ويكرهنا فيه، وأن يهدينا لما اختُلف فيه من الحق بإذنه ؛إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
وكتبه: مجد مكي
الأحد 27 رجب 1433
17حزيران ( يونيو)2012
*** *** ***
نشرت هذه الفتوى بتاريخ: 5 مايو 2013، وأعيد تنسيقها بتاريخ: 20 / 9 / 2021 م

الاجابة

وقد أجبتها بالجواب التالي لتكون رسالة خاصة بها ولم أكن أرغب بتعميم الجواب، فقلت:
أختي الكريمة: وعليكم السلام ورحمة الله، إذا كان الزوج شيعياً جعفرياً، معتدلاً، لا يسبُّ الشيخين أبي بكر وعمر والصحابة الكبار المبشرين بالجنة وأمهات المؤمنين، فيجوز الزواج به، وإن كنت أخشى عليك من التأثُّر به، وإذا كنت ترغبين به، ولا تقبلين بغيره، فتوكَّلي على الله عزَّ وجل.
وكتبه: مجد بن أحمد مكي.
*** *** ***
وحرصاً مني على التأكد من صحَّة فتواي، أرسلت السؤال للأخ الكريم الفقيه مفتي دبي وعضو المجامع الفقهية فضيلة الشيخ أحمد عبد العزيز الحداد ، فأجاب بما يلي:
الجواب وبالله التوفيق:
من حيث الجواز يجوز أن تنكحيه ؛ لأنه مسلم لاسيما وقد تعلق قلبك به، فلن تستقيمي مع غيره،
وعليك مع ذلك أن لا تُقريه على منكر تسمعيه منه، بل تردي عليه بالتي هي أحسن.
والله يتولى هداك وهداه.
*** *** ***
ونُشر جوابه مقترناً بجوابي، في موقع الرابطة الذي أشرف عليه، واعترض بعض الناس على الجوابين المنشورين في الموقع، وأطالوا الردَّ بذكر ما يتصل بعقائد الشيعة وانحرافاتهم، التي لا نجهلها، ولكن لا يجوز تعميمها وإسقاطها على كل شيعي دون تفريق، وأكثر هذه التعقيبات متأثِّرة بالأزمة التي تمر بها المنطقة من تحالف كثير من الشيعة مع النظام السوري المستبد المجرم، ووصلتني انتقادات أخرى لا صلة لها بموضوع الفتوى، مما لا أشغل نفسي به، ولا أضيع وقتي ووقت القراء الثمين بالاشتغال به، ولقد مررت عليها مرور الكرام، وقلت بعد قراءتها: ( سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين ). وأعتذر عن العودة إلى هذا الموضوع الذي تشغلنا عنه كثير من النوازل الخطيرة، ولكن لإثارة بعضهم من جديد لهذا الموضوع، أعيد التعليق عليه باختصار.
وحرصاً مني على عدم الاستقلال بالرأي، أرسلت لبعض إخواني العلماء سؤال المستفتية، وقد ذكرت أجوبتهم وتعليقاتهم كما وصلتني في تسلسلها التاريخي.
*** *** ***
أرسلت إلى أخي الشيخ أحمد ممدوح الباحث في دار الإفتاء المصرية، أطلب منه جوابا عن المسألة، فأحالني إلى فتوى في دار الإفتاء، هذا نصها وجوابها:
تقدَّم لابنتي شاب ميسور الحال قد رآها وأُعجب بها، ويريد أن يتزوجها وهو مسلم شيعي وابنتي مسلمة سنية. فهل يجوز زواج مسلم شيعي من فتاة مسلمة سنية ؟
فجاء في الجــــــــواب: أنَّ الشيعة فرق عديدة منها المعتدل ومنها المغالي، ففي واقعة السؤال:
إذا كان الشاب المتقدم لبنت السائلة واحد من المعتدلين الذين أشرنا إليهم فإنه يجوز له الزواج من هذه الفتاة السنية لأنهما يدينان بدين واحد.
وأرسلت السؤال للشبكة الإسلامية فأحالتني إلى سؤال مشابه مع جوابه، وهذا السؤال ثم الجواب:
أنا فتاة في الثامنة عشرة من عمري، من إحدى الجنسيات العربية في دولة قطر، ومذهب أهلي يحرم الزواج من أبناء أي مذهب آخر.
*** *** ***
الجواب:
احرصي أن يكون من ترضين به زوجاً ممن يلتزم هدي السلف الصالح ويعتقد عقائد أهل الحق، فإن أراد أهلك تزويجك برجل على خلاف ما ذكرنا من الوصف، فإما أن يكون ممن يعتقد عقائد فاسدة كفرية فلا يجوز القبول به زوجاً. ومن العقائد الكفريَّة: بدعة القول بخلق القرآن، وبدعة نفي صفات الله تعالى، أو القول بأن الصحابة ارتدوا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا نزراً يسيراً، وهكذا القول بتحريف القرآن الكريم، ودخول النقص أو الزيادة عليه، أو القول بأن الأولياء يعلمون ما كان وما يكون ومتى يموتون وأين سيقبضون ، أو الطعن في أبي بكر وعائشة رضي الله عنهما مع تزكية القرآن لهما، أو القول بأن الله تعالى يحل في شيء من مخلوقاته في علي أو غيره.
وإن كان لا يعتقد شيئا من العقائد الكفرية ولديه عقائد مفسِّقة أو أفعال مفسِّقة فليس هذا الرجل الفاسق باعتقاده أو عمله بكفء للديّنة العفيفة فلا يزوج وإن زوج ففي صحة هذا النكاح خلاف شهير:
فمن أهل العلم من ذهب إلى عدم صحَّة هذا النكاح، ومنهم من ذهب إلى صحَّته مع الكراهة.
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في فتح الوهاب:(فليس فاسق كفء عفيفة) وإنما يكافئها عفيف وإن لم يشتهر بالصلاح شهرتها به،والمبتدع ليس كفء سنيَّة. اهـ.
أما إن كان لا يعتقد شيئاً من العقائد المكفرة ولا من العقائد المفسِّقة فلا مانع من الزواج به،والذي ننصح به هو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض."والله أعلم.
*** *** ***
وكتب لي الشيخ الدكتور محمد بشير حداد وفقه الله معلقا على الموضوع:
أخي الشيخ مجد حفطه الله. السلام عليكم ورحمة الله:
أعجب - يا أخي - ممن يريدون الفتوى الشرعية المحررة أن تخضع لميول الأهواء لا للأصول والأدلة. ويتناسون الفرق بين الفتوى والعمل بها. فالعمل بمسألة جواز النكاح من غير أهل السنة لا يعني أنه يلزم الأهل أوالمخطوبة الإقدام عليه ووجوب ذلك، والأمر يدخل في الصحة وعدمها لا بالوجوب والتأثم بمخالفته.. وأما النصيحة فهي بحسب الحال والظرف ولا تعمَّم، بخلاف الفتوى والله أعلم.
*** *** ***
وعلق الأخ الكريم الشيخ رسلان المصري وفقه الله تعالى على الفتوى بما يلي:
نتمنَّى على إخواننا في لجنة الفتوى: أن يجتنبوا نشر مثل هذه الفتاوى التي تثير جدلاً، وضررها أكثر من نفعها بكثير؟!، ومن كان يرى هذه الفتوى وقد استفتي بها فليرد على البريد الخاص للسائل؟! ويريحنا من هذه المشاكل التي نحن بغنى عنها؟!وعني شخصياً: أرى عدم صحة هذه الفتوى!
*** *** ***
وأجاب الأخ الدكتور الشيخ عماد الدين الخيتي بما يلي:
بالنسبة للفتوى:فصحيح - كما تفضَّل أحد المشايخ -أنَّ هناك عدد من أهل العلم أفتى بالجواز، ولعل هذا كان قبل انكشاف حقيقتهم، أما الآن فقد بانت عقائدهم والتي فيها من الكفر والضلال ما لا يمكن السكوت عليه، صحيح أن مسألة التكفير وخاصَّة للعوام قد يتوقف فيها، لكن الأصل فيهم الضلال البعيد، لهذا أرى _والله أعلم _ أن التعامل مع الكتابيين أكلا من ذبائحهم وزواجا لنسائهم واستئماناً: أحل من التعامل مع هؤلاء.
*** *** ***
ثم أرسلت السؤال إلى فضيلة الشيخ أحمد الحجِّي الكردي حفظه الله، فأجاب:
العبرة لعقيدته وليس لاسم مذهبه، فإن كانت عقيدته هي عقيدة أهل السنة، وصلاته صلاتهم، ويحب الصحابة كلهم ولا يشتم أحداً منهم، وبخاصة معاوية وعائشة رضي الله تعالى عنهما، ولا يؤمن بما يعدُّه أهل السنة مُكفِّراً فلا مانع من الزواج منه، وإن كان على خلاف ذلك، أو فيه شك فالابتعاد هو المطلوب، والله تعالى أعلم.
*** *** ***
وعرضت بعد عصر السبت 13 ربيع الآخر 1433 الاستفتاء على شيخنا القرضاوي، فأجابني شفهيا بما يلي:
لا أحبِّذ هذا الزواج، ولا أرضى به، وخاصة أنَّ السائلة ذكرت أنه يزور قبور آل البيت، ولا تخلو زيارة الشيعة للقبور من أعمال شركية، وصرف العبادة لغير الله عز وجل.
*** *** ***
وأجاب الشيخ بدر الحسن القاسمي رئيس المجمع الفقهي في الهند بالجواب التالي:
الأصل أنَّ أهل القبلة مسلمون وإن كانوا على ضلال وفساد في العقيدة إذا لم يبلغ الأمر إلى الطعن في الشيخين، أو التشكيك في سلامة القرآن، أو نسبة السوء إلى الصدِّيقة عائشة رضي الله عنها أو الخلط في أمر الوحي وما إلى ذلك من الأمور المخرجة من الملة.
لكن الزواج هو ميثاق غليظ والرجل له القوامة في البيت فمادام الرجل متمسكاً بالجمع بين الصلاتين.والتَّقيَّة مبدأ معروف لدى الشيعة فيخشى انقلابه إلى الأصل بعد الزواج وتأثير ذلك سلبًا على الحياة العائلية وعلى مصير الأولاد ؛لذا تنصح الأخت تغليب العقل على العاطفة واختيار رجل آخر أو ربط موضوع الزواج بتخلِّيه عما هو عليه حتى تؤمّن نفسها ومصير أولادها، ولا تكون ضحية لمتعة عاجلة ثم الندم على ضياع أولادها، والندم والكآبة على نفسها طول حياتها. والله ولي التوفيق،،،
*** *** ***
وأجاب فضيلة الشيخ الدكتور موفق الغلاييني الدمشقي من أمريكا بالجواب التالي:
أنصحها بألا تقدم على هذا الزواج أبدًا،ولعل القصص التي سأرويها لها من أمريكا تقنعها إن شاء الله.
هناك عائلة مسلمة في مدينتي، الزوج سنِّي والزوجة شيعية، حصل خلاف بينهما على تربية أولادهما. فالأب يريد لأولاده القدوم لمسجدنا وتعلم أمور الدين، أما الزوجة الشيعية فترفض رفضا باتا رغم أن الزوجه كانت معتدلة جدا كما أخبرني زوجها، ورغم محاولتي إقناعها ولكنها لم تستجب، والأولاد الآن ضائعون لا يفقهون من دينهم إلا ما تمليه أمهم عليهم لأن الأب مشغول بعمله.
أريد أن أقول للأخت من واقع تجربتي فأنا أقيم قريبًا من مدينة (ديترويت) بولاية (متشغن ) وفيها عدد كبير من الشيعة.
أقول لك: يا أختي إنهم صاروا متعصبين جداً ضد السنّة بعد تحكمهم في إيران وسوريه ولبنان والعراق حتى أنهم لا يشترون من محلاتهم، وأفتى شيخهم حاليًا بعدم جواز قيام الشيعي بالزواج من السنيّة.
أما المتعة فهي جزء أساسي من مذهبهم، وهم يمارسونها هنا، بل يتقربون إلى الله من خلالها كما يزعمون!! فما الذي يجعلك تضمنين بأن هذا الشيعي لن يفعل هذا وربما بدون علمك خلال عطلة نهاية الأسبوع كما يفعلون هنا في( ديترويت )؟ وعليك أن تسألي نفسك هذا السؤال:
هل سيتمكَّن أولادك في المستقبل من تعلم دينهم بشكل سليم أم أنَّ الأب سيشوش أفكارهم بما يدين به من أفكار بعيدة عن الإسلام. مثل كره أكثر الصحابة وأنهم غيروا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن أئمة الشيعة معصومون وأنه لا يصل إلى مرتبتهم نبي مرسل ولا ملك مقرّب كما قال الخميني في كتابه "الحكومة الإسلامية"؟؟ وهناك أمور أخرى كثيرة لا يتسع وقتي لذكرها. ولكن انظري لتحالف الشيعة الآن في العالم كله ضد الشعب السوري المسكين الذي يفعلون به ما لم يفعله التتار ولا الصليبيون. إسألي نفسك: لمَ كل هذا التأييد للإجرام والقتل وهتك أعراض النساء؟؟ لم هذا الحقد الأعمى ؟؟
أختي الكريمة: دعي عنك العواطف وحكِّمي عقلك قبل فوات الأوان حيث ستندمين أشد الندم،ولكن بدون فائدة لا سمح الله.
أسأله سبحانه أن يلهمك الصواب والله الموفق لما فيه الخير.
*** *** ***
وأجاب فضيلة الدكتور الشيخ صلاح الدين إدلبي بما يلي:
لا يجوز الإفتاء بالجواز ولا بعدم الجواز بالإطلاق من القيود، ينبغي أن يقال: من يقول كذا فحكمه كذا، فالشيعة آراء ومذاهب وليست مذهبا واحدا. والله أعلم. وكتبه صلاح الدين.
وأجاب فضيلة الدكتور الشيخ ماجد درويش الطرابلسي وفقه الله:
لا أُحبِّذ لها الاقتران بهذا الرجل الجعفري، فقد حَدَثت عندنا في لبنان زيجات من مثل هذه انتهت كلها بالطلاق، فالشعور الذي يعتمر في قلبها الآن حباً تجاه الرجل سوف يضمر سريعاً ويتحول إلى عكسه، وبالأخص بعد مخالطة أهله وأقربائه. وهذا أمر لا يمكن تفاديه، وليس من المنطقي الطلب من الرجل البعد عن أهله، إلا إذا اعتنق الرجل المذهب السنِّي قناعة لا رغبة بالتأهُّل. وفي كل الأحوال نصيحتي للسائلة أن تأخذ من ملتها، فالحياة الزوجية لا تقوم على المشاعر فقط، ومن ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيراً منه. والله أعلم.
*** *** ***
وأجاب الأخ الدكتور الشيخ خالد حنفي رئيس هيئة الدعاة في ألمانيا:
أخي الحبيب الغالي فضيلة الشيخ العلامة مجد مكي وفقه الله.
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته،وبعد:
فلا ننصح الأخت أبداً بهذا الزواج،وعليها أن تُحكِّم عقلها،وأن تتدبَّر العواقب، وهذا الجواب من واقع عشرات الحالات التي تقع بين أيدينا يوميا في الغرب، والله أعلم.
*** *** ***
وأجاب الأخ الدكتور الشيخ وصفي أبوزيد عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وعضو مكتب تنفيذي رابطة أهل السنة بما يلي:
رأيي أن الشيعة في تلقيها مصادر الدين تتبع مصادر غير مصادر المسلمين، ويسبون الصحابة ويلعنون أبا بكر وعمر، وبعضهم من غلاتهم يتهمون عائشة بالزنا والعياذ بالله، والحكم الشرعي الثابت فيهم غير الرأي السياسي الذي يتبع اختلاف الأحوال والمكان والزمان، فهم الآن يمارسون أبشع أنواع القتل بحق أهل السنة وعلمائهم في العراق وسوريا وإيران، والمعتدلون من هؤلاء يستخدمهم الشيعة لخدمة أغراضهم في المؤتمرات ليُجمِّلوا بهم وجههم القبيح، ثم ما مقاييس هذه السائلة في الاعتدال؟ أم أنه الحب الذي يعمي ويصم؟ لكن لا يمكن لعاقل الذهاب لتكفير عموم الشيعة، ولا تحريم الزواج منهم.


*** *** ***
وأجاب الأخ الشيخ عبد العظيم عرنوس بالجواب التالي:
الشيعة فرقة من الفرق المخالفة لأهل السنَّة والجماعة في جملة من الأصول والعقائد، والمنتمون للشيعة متفاوتون في التزامهم بعقائدهم، فمنهم الجاهل المقلِّد الذي لا يدري الفرق بين السنة والشيعة، لكنه متعصِّب لهم، ومنهم المتمسك بأصوله العارف بمذهبه، وهذا ينبني عليه حكم النكاح.
ومن العقائد الفاسدة الموجودة عند الشيعة: سبُّ أكثر الصحابة واعتقاد كفرهم وردتهم، والطعن في عائشة رضي الله عنها المبرأة من فوق سبع سماوات، ودعاء غير الله كعلي والحسن والحسين وأئمة أهل البيت، فيفزعون إليهم في الشدائد والملمات، ويرجون منهم تفريج الكربات، ويغلو بعضهم فيعتقد تحريف القرآن، وأن الصحابة حذفوا منه ونقصوا ما يتعلق بولاية علي رضي الله عنه.
ومن اعتقاداتهم الفاسدة: اعتقاد أن أولياءهم يعلمون الغيب، يعلمون ما كان وما يكون، وأنهم معصومون من الخطأ والنسيان، وكل ذلك كفر وضلال.
فمن كان على شيء من هذه العقائد لم يجز إنكاحه حتى يتوب، وأنَّى لها أن تعرف اعتداله وهم أصحاب ( تَقيَّة)
وإن لم يكن على شيء من هذه العقائد، أو كان عليها ثم تاب وأناب، فلا حرج في نكاحه هذا من حيث الأصل.
ولا شك أن ترك الزواج منه هو الأولى والأسلم من باب سد الذرائع خصوصاً في زمننا الراهن،وقد قامت لهم دول، خصوصاً أن القوامة للرجل، والمرأة لا حول لها ولا قوة ، وهم أصحاب مكر وخداع، وقد يتخذون ذلك ذريعة لنشر التشيع عن طريق الذرية، وتأثير أهله عليهم، أو عليه مستقبلا، ثم كيف سيكون حال مثل هذا الزواج، وهل سيكتب له النجاح مع التناقضاتالموجودة بين المذهبين، وهل سيربى الأولاد على حب أهل السنة، أم بغضهم، وهل سيغرس في قلوبهم حب الصحابة أم بغضهم ؟! هذه كلها تساؤلات مشروعة ينبغي أن تكون محل دراسة ونظر واهتمام قبل الإقدام على مثل هذا الزواج الذي قد يكون مصيره في غالب الظن الفشل، والسلامة لا يعدلها شيء.
*** *** ***
ثم وقفت على فتوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في"مجموع الفتاوى " ( 32 / 61) هذا نصها:
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عن الرافضة هل تزوَّج ؟.
فأجاب:
"الرافضة المحضة هم أهل أهواء وبدع وضلال، ولا ينبغي للمسلم أن يزوِّج مُوليتَه من رافضي.
وإن تزوج هو رافضية: صحَّ النكاح، إن كان يرجو أن تتوب، وإلا فترك نكاحها أفضل ؛ لئلا تفسد عليه ولده " انتهى.
وكتب لي الأستاذ الشيخ مروان القادري بعدما أطلعته على ما وردني من أجوبة:
قلت: وأنا أميل إ لى فتوى ابن تيميَّة في عدم الجواز؛ لأن التاريخ الماضي والحاضر يثبت غلوهم في آل البيت وعداوتهم للمسلمين وتصريحهم بذلك، والحكم يُبنى على الأغلب وليس على الاستثناء إن وجد،
وإذا كان لا بد من النشر، فأرى نشر الفتاوى التي تُغَلِّظ التَّزاوج معهم، والله تعالى أعلم.
*** *** ***
وكتب لي الدكتور الشيخ الدكتور عبد السلام البلاجي بعدما اطلع على فتواي والأجوبة الأخرى،الجواب التالي:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
حكم الحالة التي عُرضت عليك الجواز كما ذهبتَ إليه، مع النصح للسائلة بعدم الإقبال على هذه الزيجة اعتباراً للمآلات وللظروف الحالية في علاقة الطائفتين، إذ الفتوى -كما هو معلوم- لا بد أن تراعي الزمان والمكان وحال المستفتي، والله الموفق.
الدكتور عبد السلام بلاجي - الرباط المغرب
*** *** ***
وكتب لي الأخ الكريم الدكتور عماد الدين الخيتي بعدما أطلعته على مجموع ما استلمته من فتاوى وتعليقات: جزاكم الله خيراً أخي الشيخ مجد على هذا المجهود الكبير الذي بذلتموه في جمع هذه الأجوبة.
من خلال جمل الأجوبة وغالبيتها اتَّضح لي القول بعدم زواجها ؛لأن هناك عقائد أخرى فيها شرك كزيارة القبور، وأخرى لا تعلم عنها شيئًا، كما ذكر الشيخ القَرَضاوي.
ولعل ما يحسم المسألة كلام الشيخ موفق الغلاييني فهو جواب جمع بين الحكم الشرعي والتجربة التي تبيِّن صدق هؤلاء.
وبالنسبة لي شخصيًا فقد مررت بتجربة قريبة من هذه: فقد تواصل معي أحد الإخوة من بلاد غربية، ويقول:إنه تَسنَّن وترك التشيُّع، وبدأ يتعلم الأمور الشرعية، وكنت على تواصل معه للتوجيه والإرشاد في شتى المجالات.وبعد سنتين اكتشفت أنه ما زال مع زوجته على المتعة!
فالتأكد من تراجع هؤلاء عن جميع آثار دينهم يحتاج ليقين: (فامتحنوهنَّ الله أعلم بإيمانهن).والله أعلم.
*** *** ***
وكتب لي الأخ الكريم الدكتور أحمد كنعان بعدما أطلعته على مجموع ما استلمته من فتاوى وتعليقات:
جزاك الله خيراً شيخنا الكريم مجد مكي على هذه الجولة مع علمائنا الأفاضل الذين يبدو واضحاً رجحان القول عندهم بعدم صحَّة مثل هذا الزواج، لما أصبح معروفاً من حال هؤلاء الروافض، وشدَّة حقدهم على أهل السنة والجماعة، فلا يُؤْمن جانبهم، ولا يتَّقى مكرهم وغدرهم.لهذا نميل إلى عدم صحة تزويج بناتنا لهم.
أما زواج السني من الشيعية فلعل الراجح – والله أعلم - صحته، إذا ما آنس منها الميل إلى مذهب أهل السنة والجماعة و السلف الصالح، وعدم الغلو في آل البيت، واستعدادها لتصحيح ما قد يشوب عقيدتها من ضلال.. والله تعالى أعلم.
*** *** ***
وقد راسلت أخي الشيخ حسن بن إبراهيم الهنداوي، فكتب لي هذا الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي العزيز مجد مكي
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وتقبل الله صومكم وقيامكم وجميع طاعاتكم في هذا الشهر المبارك شهر رمضان.
وبعد، فقد قرأت ما أجاب به العلماء الأفاضل والشيوخ الكرام عن السؤال المذكور، ولقد أجادوا وأفادوا، وربّما لا تكون لدي إضافة يؤبه بها على ما قالوه. فأقول - مستعينا بالله وهو وليّ التوفيق – أنّه يبدو لي من كلام الأخت السائلة أنّ الأستاذ الجامعي قد أظهر بعض ما يمكن إظهاره، وأخفى ما لا يستطيع إظهاره عملا بالتقية وهذا حكم على المجموع لا على الجميع. لذلك فقد أظهر الشهادة الثالثة، وهي في حدّ ذاتها تتضمن اتهاما لبقية الصحابة رضوان الله عليهم وتنقيصا من حقهم، لاسيما أبي بكر وعمر، فضلا عن تناقضه الواضح يصلي مع السنة، ويجمع الصلاة، فنيته مترددة بين أداء كلّ صلاة في وقتها (كتابا موقوتا)، وبين جمع الصلوات، فعلى أيِّهما المعوّل أو أنه يعتبر الصلاة مع السنة باطلة فيصليها تقية، ويعيد الصلاة التي يراها صحيحة، وهذا الاحتمال أرجح عندي من الأول. ناهيك عن زيارته للقبور ومعلوم ما يعتقده الشيعة في أئمتهم. فنصيحتي للأخت أن لا تغلّب العاطفة في مثل هذا الأمر فحتى ما وعدها به من الزواج الدائم، فما الذي يمنعه أن يتمتع بغيرها وهي في عصمته إذا كان مذهبه يشجعه على ذلك، لاسيما أن البيئة الغربية تشجع على ذلك حيث تبيح له من الخليلات ما شاء، والمتعة عندي من هذا الضرب، بينما لا يجيز القانون الغربي له إلا زوجة واحدة فوسّعوا في الحرام، وضيّقوا في الحلال. وأما ما ذكرته الأخت السائلة من أن الرجل مازال في خلدها وشدة تعلقها به فقد يكون هذا ابتلاء من الله تعالى لها فإذا تركت ذلك غيرة لدينها ومحبة في سنة نبيّها r فيعوضها الله خيرا منه كما قال ابن حجر رحمه الله في شرحه لحديد أبي طلحة فقال:"وأن من ترك شيئا عوضه الله خيرا منه". ثم المحبة تتقلب بتقلب القلوب كما هو في حديث رسول الله r: "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن. كقلب واحد. يصرفه حيث يشاء". ثم لابد من النظر إلى مآلات الأفعال والموازنة بين المصالح والمفاسد، وإعمال قاعدة سدّ الذرائع. فهذه الأمور كلّها تقوي عندي اجتناب الزواج من الرجل المذكور في السؤال. وأخيرا أوصي الأخت السائلة بعد الاستفاء والاستشارة تأتي بعد ذلك الاستخارة فلا تغفل عنها، ومن السنة انها إذا استخارت الله تعالى فتمضي فيما اختارته، ولا استشارة بعد الاستخارة، والله أعلم.
والسّلام عيكم
أخوكم حسن بن إبراهيم الهنداوي
*** *** ***
والخلاصة:
أنَّ الفتوى التي أجبت عليها هي حالة خاصَّة لامرأة تعيش في الغرب، تعلق قلبها برجل شيعي وصفته بالاعتدال، وذكرت بعض الأمور التي استدلت بها على اعتداله، فأجبتها على حالتها الخاصَّة بما أراه مناسباً لها،ولا أستطيع أن أتحكَّم في قلبها، ولا أن أحول بينها وبين الميل القلبي إلى هذا الرجل، وأردت أن أبعدها عن الوقوع في الحرام الصِّرف في تلك المجتمعات، وأن أفتيها بالجواز مع شبهة فيه، وخطر متوقع، ولم أكن أرغب بتعميم الفتوى الخاصَّة، ولكن قدَّر الله انتشارها مما دعاني إلى مزيد من التثبُّت والاستنارة بفتاوى العلماء، وأكثر الأجوبة التي أوردتها لم تذهب إلى القول بالحرمة بإطلاق، ولم تربط الأمر بالولاء والبراء، كيف وقد أجاز الإسلام للمسلم زواج الكتابيَّة ؟ نعم غلاة الرافضة لا يجوز الاقتران بهم بحال من الأحوال، ولا بدَّ في الفتوى من التَّفصيل وذكر القيود وعدم التعميم الذي ينافي الإنصاف، ولا بد من النصح والتوجيه كما جاء في أكثر الأجوبة التي نشرتها، أما القول بالتحريم بإطلاق دون قيود فهذا لم يذهب إليه عالم مُعتَبر، وأكثر أجوبة العلماء كانت: لا أحبِّذ، ولا أرضى، لا ينبغي،وكانت مقيَّدة بشروط متفق على أكثرها.وقد عرضت ما وصلني بكل أمانة، لترى في جنَّة الشريعة الفسيحة وفقهها ما يحقِّق العلاج للمشكلات، لا سيما في ديار الغربة.
والذي أراه: أن فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية في التمييز بين زواج الشيعي من سنيَّة،وزواج السنِّي من شيعية له وجه مُعْتَبر، ونظر مقاصدي ؛ بسبب تأثير الرجل وقِوامته عليها، على أني أنصح بما ذكره إخواني العلماء من واقع التجربة بعدم نجاح الزواج الذي سألت عنه الأخت، وتحقق مقاصده في المودة والرحمة،ولا بد من النظر إلى مآلاته في استقرار الحياة الزوجية وتربية الأولاد، مما يؤكد ما ذكره أكثرهم من التحذير من هذا الزواج – مع مراعاة الشروط والقيود -، والله تعالى أعلم.
ثم اطَّلعت بعدما تقدَّم على مخطوط بعنوان"الروض الرايض في عدم صحَّة نكاح أهل السنَّة بالروافض" للعلامة المؤرخ الفقيه مفتي دمشق الشام محمد بن علي المرادي المتوفَّى بحلب سنة 1206، وقد طلبت من بعض تلاميذي النجباء أن يقوم بتحقيقه بإشرافي، وأن يورد الفتاوى المذكورة في هذه الواقعة، ثم يستقصي الفتاوى الأخرى المتصلة بهذه المسألة، ونسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتِّباعه ويحبِّبنا فيه،وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ويكرهنا فيه، وأن يهدينا لما اختُلف فيه من الحق بإذنه ؛إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
وكتبه: مجد مكي
الأحد 27 رجب 1433
17حزيران ( يونيو)2012
*** *** ***
نشرت هذه الفتوى بتاريخ: 5 مايو 2013، وأعيد تنسيقها بتاريخ: 20 / 9 / 2021 م


التعليقات