حكم الجهاد في سورية دون إذن الوالدين

نص الاستشارة :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، علماء الدين هنا في معرة النعمان يقولون: إن الجهاد فرض عين فهل كلامهم صحيح؟ وإن كان كذلك فهل يجوز لي الانضمام إلى صفوف المجاهدين دون رضا أهلي؛ لأنهم يرفضون وسيغضبون علي بسبب قراري هذا؟ وعلى أي أساس (دليل شرعي) الجيش السوري والميليشيات المقاتلة لجانب النظام كافرة؟ أريد إجابات شافية لو سمحتم فقد ضاقت علي الأرض بما رحبت، وجزاكم الله خيرا.

الاجابة

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه، وبعد:
الحالة السورية الآن ليس الجهاد فيها أو الخروج مع الجماهير الناس فرضًا كفائيًا، وإنما هو فرض عين على كل مواطن في سوريا، ومن هنا فلابد من النفير العام، والخروج مع جماهير الثائرين.
ولتعلم أخي العزيز أن والديك ووالدَيْ غيرك همُّهُم الأكبر هو الحرص عليك وعلى غيرك من الأبناء، كما تحرص أنت على برِّهم ورضاهم.. ولكن ينبغي هنا أن نقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وننصر إخواننا بكل ما نستطيع؛ فإن في ذلك تسريعًا بإنهاء الوضع الدموي الذي يراه العالم ولا يتحرك، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
كما أن الجهاد صوره متعددة ومتنوعة، فمن الناس من يجاهد بنفسه، ومنهم من يجاهد بماله، ومنهم من يجاهد بالنفس والمال، ومنهم من يجاهد بقلمه،..... الخ، ولا أظن أن أهلك يمنعونك من كل صور الجهاد المذكورة، فإن منعوك عن الجهاد بالنفس خوفًا عليك، فأمامك أبواب مفتوحة للجهاد، فعليك بها، ولا ينبغي لك أن تتذرع بمنع أهلك لك، فأبواب الخير كثيرة ومفتوحة، من عملٍ إغاثي، أو إعلامي، أو إسنادي، أو لجان شعبية للحماية وتسيير أمور الناس.
وليس معنى خروجك مع الناس ووقوفك مع الثورة أن تُغضب والديك، فإن الخروج لا يلزم منه العقوق أو إلحاق الأذى بهما، والله تعالى يقول: ﴿ وصاحبهما في الدنيا معروفا﴾ [لقمان:15]، وهذا في حال الوالدين الكافريْن، فما بالك بالمؤمنيْن؟
أما حديث النبي ﷺ الذي قال فيه للسائل عن والديه: «أحيٌّ والداك؟». قال: نعم. قال: «ففيهما فجاهد». [أبو داود، وهو صحيح]
هذا الحديث كان في حال الجهاد الكفائي، أما ما نحن فيه اليوم في سورية فأصبح الجهاد عينيًا على كل الناس، فكل من يستطيع حمل السلاح والوقوف في وجه المعتدي لدفع عدوانه فينبغي عليه أن يفعل ذلك ولو بغير إذن أهله، حتى يزول الهمُّ، ويكشف الكرب، ويرحل الظلم والجبروت.
وإذا قلنا إن الجهاد في سوريا واجب الآن وجوبًا كفائيًا فهذا يعني أنه إذا لم تحصل الكفاية فإن الوجوب يتوجه على مزيد من الناس حتى تتحقق بهم الكفاية، وذلك في كل أنواع الجهاد: بالنفس وبالمال وبالكلمة وبالتطبيب والتمريض والعلاج وغير ذلك. والله أعلم.

لجنة الفتوى – رابطة العلماء السوريين


التعليقات