حقوق المسنين من منظور إسلامي

التقديم للبحث:

المسن في المنظور الإسلامي هو إنسان بلغ مرحلة متقدمة في العمر، قعدت به أو أعجزته عن القيام بمهامه وتصريف شؤونه، ومن ثم جعلته محتاجاً إلى غيره. وقد صور القرآن الكريم المراحل العمرية التي يمر بها الإنسان والتي تبدأ بالطفولة مروراً بمرحلة الشباب وتنتهي بالشيخوخة والوفاة، وما تتسم به مرحلة الشيخوخة من وهن القوى وشيب الرأس وضعف القدرة على الحفظ والتذكر وقلة العلم.

يقول الله تعالى: {وَاللّهُ خَلَقَكُمْ ثُم يَتَوَفاكُمْ وَمِنكُم من يُرَد إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِن اللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} (النحل:70)

{وَمَنْ نُعَمرْهُ نُنَكسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ} (يس:68)

{كهيعص، ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبكَ عَبْدَهُ زَكَرِيا، إِذْ نَادَى رَبهُ نِدَاء خَفِيّاً، قَالَ رَب إِني وَهَنَ الْعَظْمُ مِني وَاشْتَعَلَ الرأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَب شَقِيّاً} (مريم:1 4)

{اللهُ الذِي خَلَقَكُم من ضَعْفٍ ثُم جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوةً ثُم جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} (الروم:54).

وهذه المراحل والتطورات العمرية التي يمر بها الإنسان تطورات طبيعية وقدر من أقدار الله الحتمية وسننه في الحياة البشرية، لا يملك الإنسان لها دفعاً مهما جهد في ذلك. ومن ثم ينبغي أن يتقبلها المسلم على أساس أنها أمر حتمي قضاه الله على عباده، فلا يصاب من جرائها بالضيق والضجر، ولا يتبرم بها، فيلجأ إلى الانتحار أو يقع في دوامة من الاكتئاب واليأس. كما يحدث في بعض المجتمعات التي بعدت عن الهدي الإلهي.

والمُسن أباً كان، أومن ذوي القربى، أو جاراً، أو فرداً من جماعة المسلمين، له حق الرعاية على أبنائه وأولي أرحامه، وجيرانه وجماعة المسلمين. وهؤلاء يؤدون هذا الواجب ويقومون به استجابة لدواعي الفطرة الإنسانية التي تلزم الابن بأن يعنى بأبيه، فالأدب الإسلامي أمر القريب بأن يهتم بأمر قريبه، والجار بأن يتولى شؤون جاره، وأن يهتم كل فرد من أفراد المجتمع ويسعى في مصلحة إخوانه المسلمين، ونزولاً على أمر الله الذي أمر ببر الوالدين، وصلة الرحم وأداء حقوق الجوار، والقيام بحقوق الأخوة الإسلامية، وألزم الدولة بالقيام بمسؤولياتها تجاه رعاياها.

تحميل الملف