جلسة الاستراحة في الصلاة

نص الاستشارة :

أرجو البحث بشيء من التفصيل حول ما يسميه الفقهاء بجلسة الاستراحة في الصلاة.

الاجابة

هذا السؤال موجز لما وصلنا (هو والسؤال الثاني ) في رسالة مطولة من الرباط المغرب) من الأخ السيد محمد بن إبراهيم بخات ، وتقول في الإجابة عليه:
جلسة الاستراحة في الصلاة هي التي تكون بعد تمام السجدتين حيث لا يطلب التشهد ، وذلك يكون في نهاية الركعة الأولى قبل القيام إلى الثانية ، وفي نهاية الركعة الثالثة قبل القيام إلى الرابعة ، وهذه الجلسة خفيفة جداً فهي توقف يسير قبل النهوض ، وإن زاد فلا يجوز أن يزيد على مقدار الجلسة التي يجلسها المصلي بين السجدتين.
قال باستحباب هذه الجلسة الإمام الشافعي وجماعة من أهل الحديث ، كما قال بها الإمام أحمد في إحدى الروايات عنه.
وقال كثيرون ومنهم المالكية والحنفية إنها غير مستحبة وإنه ينبغي النهوض رأساً.
والقائلون باستحبابها استدلوا على ذلك بما ورد في صحيح البخاري في باب سماه (باب من استوى قاعداً في وتر من صلاته ثم نهض) أي في نهاية الركعتين الأولى والثالثة.
وأورد فيه حديث مالك بن الحويرث الليثي رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ، فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعداً ، وهذا الحديث قال عنه صاحب عمدة القارئ في 6/98 : رواه كذلك أبو داود والترمذي والنسائي ، وقال صاحب نيل الأوطار في 2/103 : رواه الجماعة إلا مسلماً ، أي رواه البخاري ، وأبو داود والترمذي والنسائي ، وابن ماجه والإمام  أحمد ، ومعلوم عند العلماء أن مالك بن الحويرث رضي الله عنه هو الذي روى الحديث المشهور الذي تلقَّته الأمة بالقبول ، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم : (صلوا كما رأيتموني أصلي) ويدخل ضمن ذلك تلك الجلسة التي رآها راوي الحديث.
ولم يقل الشافعية ومن تابعهم بأن هذه الجلسة واجبة ، لأنه قد وردت أحاديث أخرى فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك تلك الجلسة أحياناً ، لذلك قالوا إنها مستحبة ومن فعلها فبها ومن لم يفعلها فلا اثم عليه. وهذا أفضل ما يقال في التوفيق بين الأحاديث الواردة في ذلك. ومعلوم أن ترك تلك الجلسة أحياناً لا يدل على عدم مشروعيتها ، بل يدل على جواز الترك. وترك ما ليس بواجب جائز اتفاقاً.
أما القائلون بعدم استحباب تلك الجلسة فقد أولوا  حديث مالك بأن النبي صلى الله عليه وسلم جلس تلك الجلسة إما لمرضه أو لكبر سننه أو لسبب آخر ، وقالوا ورد عند أبي داود من رواية أبي حميد الساعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم : (قام ولم يتورك )أي لم يجلس على وركيه.
وأوردوا حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان ينهض على صدور قدميه) لكن اسناد هذا الحديث شخصاً فيه مقال.
وأوردوا حديثنا أخرجه الطبراني إنه كان يقوم كالسهم ، وفي اسناد هذا الحديث شخص متهم بالكذب ، وأوردوا أخباراً أخرى لم يرد شيء منها في واحد من الصحيحين ، كما ورد حديث مالك بن الحويرث الذي أخرجه البخاري وغيره كما تقدم ، ومن أراد التوسع في هذه المسألة فليرجع إلى كتب الحديث والفقه ومن ذلك :
عمدة القارئ 6/98 ، 22/245
نيل الأوطار 2/301
تحفة المحتاج 2/27
شرح المنهج 1/280
فتح القدير 1/216
مجمع الأنهر 1/99
رد المحتار 1/506
عبد الكريم الدبان ، مجلة التربية الإسلامية ـ بغداد العدد 1 السنة 23 (1400-1980).

 


التعليقات